منذ الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا في السادس من شباط الماضي والهزات الارتدادية التي تبعته، بات خبر أي هزة، كالـ«هزة» التي وقعت في زحلة السبت الماضي، يشغل وسائل التواصل الاجتماعي، ويعيد التذكير بـ«أعمال حفر وتفجير في كسّارات زحلة»، تحديداً تلك التي يملكها كمال أبو حمدان.
غير أن الواقع أن كسارة أبو حمدان، إضافة إلى كسارتين أخريين في المنطقة، «مقفلة ومختومة بالشمع الأحمر»، بحسب ما يجمع مسؤولون أمنيون وفعاليات وشهود في منطقة زحلة تحدّثت إليهم «الأخبار». أكثر من ذلك، «هناك حواجز ثابتة للقوى الأمنية على مدخل الكسارة لمنع أي عمل فيها»، تنفيذاً لقرار أصدره وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي أخيراً.
رغم ذلك، لم تتوقف الشائعات المتلاحقة، تارةً حول «مداهمات للقوى الأمنية، وإعادة إقفال الكسّارات»، وتارةً أخرى عن «ضبط كمية من النيترات جاهزة للاستخدام»، وتحديد نسبة النيترات في المضبوطات بـ26%، مع استغلال سياسي واضح ربطاً بالانتماء الطائفي لصاحب الكسارة، إذ أصدرت القوات اللبنانية وأحزاب وشخصيات تدور في فلكها بيانات تدعو إلى «معاقبة الفاعلين».
أبو حمدان أكّد لـ«الأخبار»، أنّ كسّارته «تقع في جهة مغايرة تماماً لمكان سماع الصوت، صوب شتورة تحديداً». وأضاف أن «القوى الأمنية، منذ 5 أيام، تسيّر دوريات في منطقة الكسّارات، ووضعت حواجز ثابتة 24/24، لتمنعنا من نقل الستوك، بضغط من قائد المنطقة». وأشار إلى أنه «بعد وقوع الانفجار، كشف خبراء المتفجرات في الجيش على المنطقة، وما عثروا عليه عندنا هو كيس مواد كيماوية تُستخدم للزراعة، نسبة النيترات فيها 26%، وعمرها أكثر من 10 سنوات، متحجّرة، وغير صالحة للاستخدام». وحول استخدام التفجير لاستخراج الصخور، أكد أبو حمدان «امتلاكه رخصة استخدام متفجرات، إلا أنّ المقلع مقفل منذ مدّة غير قصيرة»، داعياً «وسائل الإعلام للحضور والتصوير». وبحسب مصادر أمنية مطّلعة، «لم تحدث أي توقيفات ولم يعثر خبراء المتفجرات على ما يثير الارتياب».
ما الذي حدث إذاً؟
شهود تواصلت معهم «الأخبار» أكّدوا سماع صوت «عميق» للانفجار في منطقة قاع الرّيم، تحديداً «قرب معامل تعبئة المياه في المنطقة، لا من منطقة الكسّارات»، فيما أكّد المركز الوطني للجيوفيزياء أن مركز الهزة التي رُصدت يقع في منطقة قاع الريم، على بعد 4 كلم من مدينة زحلة. إلا أنه لم يُسجّل أن القوى الأمنية تفقّدت هذا الموقع تحديداً لأسباب غير معلومة. علماً أن مصادر في المنطقة أكّدت وجود «أعمال حفر واستصلاح لقنوات جرّ المياه في منطقة حزرتا – قاع الرّيم، في الجبل تحديداً، حيث معملا البردوني والريم لتعبئة المياه اللذان يستخدمان قنوات الجرّ الأفقي، لا الآبار».
وأشارت المصادر إلى أن هدف هذه الأشغال هو «توسعة الأقنية»، مشيرة إلى أن شركات تعبئة المياه تحفر الآبار على منبع النهر، ما أدى إلى تراجع كبير في منسوب مياه البردوني، ناهيك عن إقامة معامل على منبع النهر تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، كمصنع «ميموزا» لتصنيع الورق والكرتون والألومنيوم وأوراق التغليف الذي يستهلك عشرة أضعاف الحصة المسموح له بها. علماً أن رئيس بلدية قاع الريم وسام التنّوري (أحد أصحاب «ميموزا»)، ورئيس مجلس إدارة شركة مياه «البردوني» غسان صليبا، وصاحب شركة «الريم» مرشد بعقليني، مقرّبون من القوات اللبنانية.