اللبنانيون يعودون إلى السياحة خارجاً… وتركيا أولاً

«الرجاء الإتصال لاحقاً»، هكذا كانت إجابة شركات السياحة والسفر التي حاولنا التواصل معها للسؤال عن عدد اللبنانيين الذين يسافرون بهدف السياحة خارج لبنان والعكس. فوكالات السياحة والسفر شديدة الإنشغال مع بداية شهر تموز، ومعه بدء الموسم المتوقّع ان يكون واعداً لفترة شهرين ونصف الشهر، ما يستدعي العمل بكل طاقتها لاستقطاب الدولارات التي فقدتها طوال الأعوام الثلاثة الماضية.

فأرقام عدد الوافدين المرتقب الى البلاد قدّره وزير السياحة بمليون مغترب وسائح وربما أكثر، في حين أن عدد المغادرين للـ»التسوّح» في الخارج، فلا أرقام دقيقة لغاية اليوم حول عددها، ولكن بحسب التقديرات الأوّلية لنقيب أصحاب مكاتب السياحة والسفر جان عبود خلال حديثه الى «نداء الوطن»، فانه يتوقع أن «يقضي نحو 150 ألف لبناني عطلته الصيفية خارج البلاد».

لم تعد تقوى راغدة على «حمل همّ» الوضع الإقتصادي والنقدي والأزمة المالية واحتباس ودائعها في المصرف، فإن عامين ونصف العام من ضيقة مادية وخشية على المستقبل، ومن جائحة «كورونا» القاتلة التي أرهقتها كما سائر المواطنين، جعلتها تقرّر حزم حقائبها والسفر الى تركيا لقضاء عطلة لفترة أسبوعين. «ضاق خلقي» كما أوضحت لـ»نداء الوطن» وسأتوجه الى «مارماريس» التي أحبّ لأستمتع ببحرها الجميل مع عائلتي، وأنسى كل السياسيين والمآسي التي نعيش في بحرها بفضلهم خصوصاً، وأن الرحلة لن تكون مكلفة علماً أنها تتقاضى نصف راتب بالدولار.

وعلى شاكلة راغدة، يبرز الكثر من الذين يتشوّقون لاستعادة روتين حياتهم السابق في السفر الى الخارج، فهم يطمحون الى مغادرة البلاد طمعاً في تغيير الجوّ وتنشّق بعض الأوكسجين والهرب من الواقع المرير ومن «زَرْبَة كورونا». لكن عدد هؤلاء لا يزال محدوداً ولا يمكن مقارنته مع العام 2018 اي قبل عام واحد من وقوع أكبر انهيار مالي يعيشه لبنان.

والعكس صحيح، المغتربون اللبنانيون في الخارج سيتوافدون الى بلدهم وقضاء عطلة الصيف في ربوعه وبين أهلهم واصدقائهم، والتنقل من البحر الى الجبل في نصف ساعة وبأسعار «رخيصة» مع انهيار سعر العملة الوطنية. فحركة السفر الى لبنان محجوزة بالكامل والطائرات «مفوّلة» بدءاً من اليوم ولغاية 15 أيلول المقبل وبلغ عدد القادمين الى لبنان في شهر حزيران لوحده 16358 وافداً مقارنة مع 18847 في الشهر نفسه من العام 2019 و 10527 وافداً في حزيران 2021 و 177 راكباً في الشهر نفسه من العام 2020. ولو كانت الأوضاع السياسية أفضل لكان عدد الخليجيين أكبر لأنهم يعتبرون لبنان بلدهم الثاني.

حركة نشطة

وبالعودة الى السياحة الخارجية، أوضح النقيب عبود أن «الحركة نشطة الى تركيا مقارنة مع العام 2018. فغالبية الرحلات من خلال الـ»تشارتر» اليومية تتخذ من تركيا وتحديداً أنطاليا وبودروم ومارماريس الوجهة الأولى لها. ومن المتوقع ان يتراوح عدد رحلات الـ»تشارتر» من 1 تموز الى منتصف أيلول، بين 1500 و 2000 رحلة. أما عدد المغادرين بهدف السياحة الخارجية فتوقّع عبود أن يتراوح عددهم بين 125 و150 ألف لبناني».

وحول سبب اختيار اللبناني تركيا وجهة أولى لقضاء أسبوع أو أسبوعين فيها، أوضح عبود أنها «تعتبر الأرخص مقارنة مع سائر الدول. وتتضمن الكثير من المنتجعات التي تلائم العائلات، علماً أن اللبناني لا يحتاج الى فيزا للسفر الى تركيا. أما معدل الكلفة للشخص الواحد فتبلغ نحو 450 الى 500 دولار لفترة 4 ليال (بطاقة سفر وإقامة في فندق 4 نجوم).

وتحتلّ اليونان بعد تركيا المرتبة الثانية في الوجهات التي يقصدها اللبنانيون كونهم يحتاجون الى فيزا للدخول اليها وكشف حساب علماً أن كلفة المعيشة فيها اغلى من تركيا.

كلفة السياحة الخارجية

أما بالنسبة الى الآثار التي ستتركها كلفة سياحة اللبنانيين في الخارج بدلاً من إنفاق عملة الدولارات الصعبة في الداخل، فأشار عبود الى ان «شراء تذاكر السفر تتمّ من لبنان ووكالات السياحة تدفع قيمة التذاكر لشركات الطيران بالدولار، من هنا تكون الإستفادة محلياً منها بنسبة 40%، علماً أنه بالنسبة الى الفنادق في الخارج، يتمّ تحويل الأموال مباشرة اليها.

إذا، لم تكن حركة السياحة نشطة العام الماضي من لبنان الى الخارج بسبب جائحة كورونا ووقف رحلات الطيران. أما اذا اردنا الرجوع الى العام 2018 وهو عام طبيعي على كل الصعد لا أزمة مالية خلاله ولا «كورونا»، فقد كشف عبود أن «عدد المسافرين من لبنان الى الخارج بهدف السياحة في كل دول العالم، بلغ 350 ألفاً أنفقوا ما قيمته 3 مليارات دولار، وهو مبلغ كبير. أما اليوم واذا احتسبنا ان نحو 150 ألف لبناني سيغادرون البلاد خلال الموسم فإنهم سينفقون نحو 600 مليون دولار كحد أقصى وفق التقديرات الأولية المتوقعة».

حركة الـoutgoing جيّدة

وفي محاولة التواصل مع شركات السياحة والسفر، للوقوف على عدد اللبنانيين الذين يرغبون في قضاء عطلتهم الصيفية خارج لبنان، أوضح مسؤول في شركة «تانيا ترافل» للسفريات أن حركة الـoutgoing خلال العامين الماضيين كانت خجولة جداً، لكن «تقليعة» العام الجاري تبدو أفضل. اذ نتلقى إتصالات كثيرة للإستفسار عن رحلات الى الخارج. اما الوجهة السياحية التي يقصدها اللبناني الراغب في السفر الى الخارج فهي تركيا بالدرجة الأولى وتحديداً اسطنبول، نظراً الى سهولة السفر اليها باعتبار أن اللبناني لا يحتاج الى فيزا، وانتهت إجراءات كورونا. فضلاً عن الكلفة المقبولة لقضاء عطلة لفترة اسبوع في تركيا مقارنة مع سائر الدول الأوروبية، مثل ايطاليا وإسبانيا.

تركيا تعتبر وفق تلك المعادلة هي الوجهة الأولى للسفر الى خارج لبنان، أما الكلفة فتبلغ بمعدلها نحو 2000 دولار لعائلة واحدة مؤلفة من نحو 4 أشخاص لفترة 4 أو 5 ليال، ويرتفع السعر حسب مستوى الفنادق التي يتم اختيارها وما اذا كانت 4 أو 5 نجوم.

اما الوجهة الثانية لسفر اللبنانيين اليها فأوضح المسؤول: «اليونان وقبرص لأن الكلفة أكبر، فضلاً عن الحاجة الى فيزا وكشف حساب بالدولار وعدم وجود رحلات تشارتر على غرار تركيا».

اذاً السياحة الى خارج لبنان نشطت مجدداً لكنها لا تزال ضعيفة مقارنة مع فترة ما قبل جائحة «كورونا» وانطلاق الأزمة المالية والإقتصادية في البلاد.

 

مصدرنداء الوطن - باتريسيا جلاد
المادة السابقةالتضخّم المتراكم منذ بداية الأزمة بين 1178% و2157%
المقالة القادمةعودة السياحة العالمية إلى الانتعاش