المافيات تأكل “حصرم” دعم المحروقات… والمعامل “تضرس”

من المثير للتساؤل “كيف يتوفر المازوت حالياً في السوق السوداء بسعر 1250 دولاراً للطن الواحد، ولا يتواجد في المحطات والشركات والمنشآت النفطية. وذلك على الرغم من أن كل كميات المازوت التي تدخل الى البلد لغاية اليوم مدعومة”، يسأل نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش خلال مؤتمر صحافي في وزارة الصناعة بحضور الوزير عماد حب الله وجمع من الصناعيين. “ليطالب باسم الجمعية بمحاربة التخزين المفضوح في خزانات عملاقة مترامية على مرأى من الجميع، ومكافحة التهريب المدعوم من حزبيين وسياسيين وأمنيين ومسؤولين على معابر الشمال والبقاع. فبدلاً من نشر القوى الأمنية على نحو 3000 محطة، فلتفرز الحكومة 5000 عنصر لحماية الحدود لوقف التهريب لأن الأزمة، لم تعد تحتمل. فهناك مصانع أطفأت ماكيناتها بسبب نفاد المازوت وأخرى تتحضر للإقفال إلى حين توفر المادة”.

الصناعيون الذين نجحوا بارادتهم الصلبة في تجنب الكثير من “ألغام” الأزمة، وصلوا اليوم إلى حائط مسدود. فحاكم المصرف المركزي طلب من الصناعيين الإنتقال سريعاً إلى الخطة “ب” لأن الدعم سيتوقف قريباً. وبحسب نائب رئيس جمعية الصناعيين جورج نصراوي فان “كل المؤشرات تشي بعجز المركزي عن الإستمرار بدعم المحروقات على سعر 3900 ليرة لغاية نهاية أيلول كما جرى الإتفاق. وقد أتيح للصناعيين العمل بالقانون الصادر في العام 2004 لاستيراد النفط بشكل مباشر أو عبر شركات المحروقات وتخزينه لمصلحتهم في المنشآت النفطية”.

لكن هل هذا يعني حل المشكلة؟ يجيب عضو هيئة مكتب جمعية الصناعيين عدنان عطايا بالنفي. فـ”اذا لم تدعم الدولة المحروقات للقطاع الصناعي تحديداً فالمشكلة ستكون كبيرة. فكلفة المحروقات تشكل نحو 40 في المئة من كلفة الإنتاج في معامل الطاقة المكثفة عامة ومعامل التغليف خاصة”. وهذا ما سيرفع الكلفة بشكل كبير حتى على المصانع التي لا تشكل الطاقة أكثر من 5 في المئة من كلفة إنتاجها. وبالتالي سيؤدي رفع الدعم إلى ارتفاع أسعار السلع الصناعية التي شكلت بدائل عن الإستيراد في الداخل، وتراجع قدرتها التنافسية في الخارج. مع العلم أن كلفة دعم المحروقات للقطاع الصناعي تترواح بحسب الدراسات بين 30 و50 مليون دولار وهو رقم زهيد جداً للمحافظة على الأمنين الصناعي والغذائي في البلد.

أمام هذا الواقع أطلقت جمعية الصناعيين من على منبر وزارة الصناعة نداء وطنياً لاستمرار دورة الإنتاج والحياة المهددة بالصميم. فالمعامل التي تعتمد على الطاقة بنسبة 40 في المئة معرضة للإقفال في حال عدم توفر المازوت المدعوم. وباقفالها تتعطل بقية الصناعات التي تعتمد عليها لتغليف وتعليب منتجاتها”، برأي بكداش.

وزير الصناعة عماد حب الله شكا إلى جانب الصناعيين تقصير الدولة، وإهمالها القطاع الصناعي، والعرقلة والتهريب. شارحاً الخطوات التي تتخذها الوزارة لحماية الصناعة مثل التعاون مع وزارة الإقتصاد لتفعيل المراقبة، والتواصل مع وزارة الطاقة لاعطاء بعض الصناعات الأولوية في توزيع المحروقات. إلا أن هذا لا يشكل بحسب الوزير “البديل عن الاعتماد على الذات لتأمين المازوت”. فبرأيه إن “كلفة استيراده بحسب سعر السوق تبقى أقل من الحصول عليه من السوق السوداء”. داعياً الصناعيين “الى تسجيل حاجاتهم من المازوت والمبالغ التي باستطاعتهم دفعها في جمعية الصناعيين من أجل تنظيم التوزيع في حال استطاعت الدولة دعم القطاع أو الاضطرار إلى الإستيراد بشكل فردي.

 

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقة«الكارتيل» يحكم الدولة: 7 شركات تحتكر سوق الدواء
المقالة القادمةصحّة المواطن في خطر… وداعاً لمخزون المستلزمات الطبّية!