المالية تكثّف جهود مكافحة التبييض عبر التهرّب الضريبي

لفت المدير العام لوزارة المال جورج معراوي إلى أنّ مكافحة تبييض الأموال المتعلّقة بالتهرّب الضريبي ترسم “آفاقاً لتحسين التصنيف المالي للبنان واستعادة ثقة المستثمرين والداعمين الدوليين” به، مؤكداً أن التزام لبنان في هذا المجال “استحقاق وطني قبل أن يكون شرطاً دولياً”.

قال معراوي خلال افتتاحه برنامجاً تدريبياً عن موضوع “مكافحة تبييض الأموال المتعلّقة بالتهرّب الضريبي” في معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي في بيروت، إنّ البرنامج التدريبي المتخصص بعنوان “مكافحة تبييض الأموال المتعلّقة بالتهرب الضريبي” يقام “في وقت دقيق يشهد فيه لبنان تحديات مالية واقتصادية جسيمة، تفرض مضاعفة الجهد والعمل بمنتهى الشفافية والمسؤولية”.

وأضاف: “إن التزامنا مكافحة غسل الأموال الناتج عن التهرب الضريبي هو استحقاق وطني قبل أن يكون شرطاً دولياً. وسعيُنا نحو الشفافية ليس مجرد استجابة لتوصية، بل هو الحجر الأساس لإعادة الثقة بمؤسسات الدولة، واستعادة كرامة الإدارة العامة”.

ولاحظ أنّ “التهرب الضريبي يُعدّ من أبرز الجرائم المالية التي تؤدي إلى خسائر مباشرة في الإيرادات العامة تؤثر على العدالة الاجتماعية والثقة بالمؤسسات. ومع تطور الوسائل غير المشروعة لتحويل الأموال، أصبح تبييض العائدات الناتجة عن التهرب الضريبي يشكل تهديداً مباشراً للنزاهة المالية والاستقرار الإقتصادي”.

وشدّد على أن “مكافحة تبييض الأموال الناتجة عن التهرب الضريبي لم تعد قضية تقنية أو إدارية فحسب، بل هي قضية تمسّ صميم الإصلاح المالي وصدقية الدولة اللبنانية في التزاماتها أمام شركائها الدوليين، وعلى رأسهم مجموعة العمل المالي الدولية (FATF) والمجموعة الإقليمية (MENAFATF)”.

مسؤولية وزارة المالية

وأكّد أن “وزارة المالية، كونها على خط المواجهة الأول في هذا المجال، تتحمّل مسؤولية كبيرة في وضع الأطر التنظيمية والرقابية التي تعزز الشفافية وتمنع استغلال النظام الضريبي لأغراض إجرامية. لذلك، لا بد من أن تتعامل وزارة المالية مع هذا الملف من خلال نهج وقائي، تشريعي، ومعلوماتي متكامل، بالإضافة إلى ربط التحصيل الضريبي بآليات مكافحة تبييض الأموال بشكل مؤسساتي ومنهجي”.

وأضاف: “نحن اليوم على أعتاب الزيارة التشخيصية الثانية لمجموعة العمل المالي، مما يتطلب منا أن نُظهر تقدماً جدياً في الالتزام بتوصيات رئيسية، أبرزها: إدراج التهرب الضريبي كجريمة أصلية ضمن جرائم غسل الأموال، وتفعيل الإبلاغ الإجباري عن العمليات المشبوهة (STR) من جميع الفاعلين، وتعزيز شفافية المعلومات حول المكلفين والعمليات، وتعزيز التعاون مع وحدة التحقيق الخاصة (SIC) وتوسيع نطاق تبادل المعلومات، وتوسيع التنسيق مع القضاء والهيئات الدولية لملاحقة المخالفين، وتوسيع الإلزام بالتصريح الإلكتروني للمكلفين وربط البيانات بين الإدارات الضريبية، وتطوير ممنهج لتحليل المخاطر المالية والضريبية باستخدام أدوات تقنية متقدمة”.

أمامنا تحديات

ورأى أن “تحديات مهمة لا تزال أمامنا رغم التقدّم المحرز على هذا الصعيد لا سيّما لناحية تفعيل الالتزام الضريبي وإعداد نماذج التصاريح وغيرها، وأبرزها: ضعف التنسيق الفعلي بين الإدارات المعنية (المالية، الجمارك، القضاء، هيئة التحقيق الخاصة)، ونقص الموارد التقنية والبشرية المتخصصة في التحقيقات المالية والضريبية المعقدة، ومحدودية الوصول إلى المعلومات المالية الفعلية للمكلفين، خاصة أصحاب المهن الحرة وانتشار الاقتصاد غير الرسمي وضعف نظم الدفع الإلكترونية، وضعف تطبيق العقوبات الرادعة بحق المخالفين”.

وإذْ أشار إلى أن “آفاقاً لتحسين التصنيف المالي للبنان واستعادة ثقة المستثمرين والداعمين الدوليين تُرسم اليوم من خلال هذا البرنامج”، أكّد “التزام وزارة المالية الكامل بالتعاون مع الجهات الرقابية والأمنية والقضائية”، آملاً في أن تكون “الزيارة التشخيصية الثانية لمجموعة العمل المالي فرصة للتقييم البناء واستكمال مسار الإصلاح المؤسسي الشامل”، وفي أن “يسهم هذا البرنامج التدريبي في بناء منظومة مالية وطنية حديثة شفافة وعادلة”.

أما المدير المالي والإداري للمعهد غسان الزعني، فأشار إلى أنّ “هذا البرنامج يندرج ضمن إطار جهود المعهد المتواصلة لبناء قدرات الكوادر الضريبية وتعزيز جاهزية لبنان لمواجهة التحديّات المتزايدة”.

ورأى أنّ “تعزيز قدرة لبنان على التعرّف والتحقيق والإبلاغ عن قضايا التهرب الضريبي المتعلقة بتبييض الأموال واستخدام منهجية قائمة على إدارة المخاطر، أصبح تالياً ضرورة لا ترفاً”.

وأضاف: “أهمية هذا البرنامج أنه يأتي في ظل أزمة اقتصادية ومالية عميقة يشهدها لبنان منذ سنوات، فإذا تمكّنا من تحصين الإدارة الضريبية بدراية وحرفية عاليّة ومن كشف السلوكيات المشبوهة ومؤشرات الخطر، قد يمكّننا ذلك حينها من استعادة الثقة بالمؤسسات الرسمية والأهم التخفيف من إساءة إاستخدام النظام الضريبي لأغراض إجرامية”.

وشرح أنّ “تجارب دول عدة أثبتت أن الاستثمار في تدريب العاملين في الإدارات الضريبية على الربط بين المعلومات الضريبية والمؤشرات المالية المشبوهة، يُسهم في كشف شبكات التهرب وغسل الأموال، ويُعزّز قدرة الدولة على الاستجابة لمعايير التقييم الدولية”.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةإنتاج قطاع الدواجن يفيض على الاستهلاك المحلي
المقالة القادمةأسعار النفط ترتفع مع تنامي المخاوف بفعل صراع إيران وإسرائيل