تسيطر التعاملات الحذرة على أسواق الصرف العالمية مع عودة جائحة كورونا للتفشي في بعض الولايات الأميركية ودول أميركا الجنوبية، إذ بدأ المستثمرون في العملات التراجع عن المراهنة على الدولار والإقبال على عملات بديلة من بينها الين الياباني والفرنك السويسري والكرونة السويدية، وهو ما رفع أسعار هذه العملات ولكن بنسب هامشية قدرها موقع فوركس بحوالى 3% منذ بداية العام.
لكن هذه العملات ليس لديها ثقل كبير في أسواق الصرف العالمية التي يقدر حجم تداولها اليومي بحوالى 6 تريليونات دولار.
ويتوقع المستثمرون في أسواق الصرف أن يقود تفشي جائحة كورونا في العديد من الولايات الأميركية إلى عودة الحكومة الأميركية ومصرف الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) لضخ تريليونات جديدة في الاقتصاد لمنع إفلاس الشركات، خاصة القطاعات الضعيفة في مجالات الفنادق والطيران والسياحة.
وهي عادة القطاعات التي تنعش القوة الشرائية في فترة الصيف وتعول عليها الولايات المتحدة في النمو الاقتصادي خلال النصف الثاني من العام. وبالتالي يتعامل المستثمرون بحذر في الدولار خوفاً من المزيد من التوسع في الكتلة الدولارية الذي يضعف سعر صرف العملة الأميركية.
وحسب رويترز، تراجع الدولار أمس الاثنين، مع ترقب المستثمرين نتائج الشركات الأميركية لمعرفة ما إذا كان التفاؤل الحذر في الأسواق إزاء النظرة المستقبلية للاقتصاد له ما يبرره. وأنهى الدولار أسبوعاً ثالثاً من الخسائر يوم الجمعة، إذ اشترى المستثمرون العملات عالية المخاطر على أمل أن يساهم فتح الاقتصادات للتشغيل في إنعاش التدفقات الاستثمارية على دول آسيا. وهبط مؤشر أداء العملة الأميركية أمام سلة من العملات الرئيسية بنسبة 0.2 في المئة في التعاملات المبكرة في لندن إلى 96.416.
على صعيد الاقتصادات الناشئة تكبدت العديد من العملات الناشئة خسائر كبرى خلال العام الجاري بسبب جائحة كورونا. وتشير بيانات فوركس في هذا الصدد، إلى أن الريال البرازيلي كان أكبر الخاسرين، إذ هبط بنسبة 25%، كما خسر الراند الجنوب أفريقي نسبة 16.5%، وهبط البيسو المكسيكي بنسبة 15.6%. وبيانات الهبوط هذه منذ بداية العام. ولا تزال هذه العملات تعاني إلى جانب انهيارات أخرى في عملات الاقتصادات الناشئة من بينها العملة الأرجنتينية التي تعاني حتى قبل جائحة كورونا من أزمة الديون وتخلف الأرجنتين عن تسديد خدمة ديونها للمؤسسات الدولية.
وينظر خبراء المال في تقييمهم أداء أسواق الصرف العالمي إلى مؤشرات أسواق المال الرئيسية في أميركا وأوروبا وآسيا، إذ إن ارتفاع البورصات يعني أن المستثمرين سيضخون أموالهم في البورصات بدلاً من المراهنة على أسواق الصرف.
وفي أوروبا يعد الفرنك السويسري من عملات الملاذ الآمن، كما يعد الين الياباني الملاذ الآمن في آسيا، ولكن وزن الفرنك السويسري في سوق العملات صغير جداً مقارنة بالين الذي يأتي في المرتبة الثالثة بعد الدولار في احتياطات البنوك المركزية العالمية ولكنه يستفيد من مركز المصارف السويسرية.
وعادة ما تستقبل المصارف السويسرية التدفقات المالية من كبار الأثرياء في أوروبا والعالم في حالات الاضطرابات في أسواق المال أو الضعف الاقتصادي في أوروبا. وحسب محللين يستفيد الفرنك السويسري في ارتفاعه الحالي في أسواق المال من ضعف القرار الأوروبي الموحد في معالجة تداعيات جائحة اليورو، وكذا من مخاوف تفجر أزمة الديون الإيطالية على القطاع المصرفي الأوروبي الذي يواصل وضع مخصصات مرتفعة لتغطية الخسائر المحتملة. وبالتالي تساهم هذه العوامل في الضغط على العملة الأوروبية “اليورو”.
ولاحظ محللون أن اليورو لم يستفد حتى الآن من ضعف الدولار، إذ إن سعر صرفه يتقدم ببطء شديد. وارتفع اليورو بنسبة ضئيلة لم تتعد 0.26 بالمئة الي 1.1328 دولار في التعاملات التي جرت أمس الاثنين. وتراجع الين الياباني قليلاً أم الدولار في تعاملات طوكيو أمس الاثنين، وقال ماسافومي ياماموتو، كبير استراتيجيي سوق الصرف في شرا ميزوهو للأوراق المالية لرويترز، “شاهدنا انتعاشاً سريعاً بعد تراجع سريع في بيانات اقتصادية شتى. لكن بالنظر إلى الأمام، فإن التحسن قد يتباطأ أو قد يشهد حتى تدهوراً نظراً لموجة الإصابات الثانية”.
المصدر: العربي الجديد