“النظام الصحّي في لبنان يكافح لمواكبة التطوّرات، بعدما صعّدت إسرائيل من غاراتها الجوّية وشنّت عمليات برّية في البلاد…حصيلة القتلى في لبنان آخذة في الارتفاع، والمستشفيات مثقلة بتدفّق الجرحى” الكلام للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس أمام مشهديّة التصعيد المُستعِر على فوهة التهديدات المتبادلة بتوسيع رقعة الحرب بين “حزب الله” وإيران من جهة وإسرائيل من جهةٍ أخرى.
من حادثة تفجير أجهزة الـPager إلى اليوم، أطلق القطاع الاستشفائي النفير مستنفراً كامل مقوّماته الطبيّة والتمريضيّة لاستقبال أعداد المُصابين المَهولة على اختلاف إصاباتهم.
منذ ذاك التاريخ حتى اللحظة، هل لا تزال المستشفيات على جهوزيّتها الكاملة تحوّطاً للأسوأ؟!
نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون يطمئن عبر “المركزية”، إلى جهوزية المستشفيات، ويقول: المستشفيات الواقعة في المناطق “الآمنة” إذا صحّ التعبير، لا تواجه أي مشكلة حتى اليوم، فالطواقم التمريضيّة والطبيّة والتقنية لا تزال تلبّي الحالات المختلفة. كما أن المستلزمات الطبيّة والأدوية كافة متوفرة بشكل طبيعي ويؤمّنها وكلاؤها بالتوقيت المطلوب.
ويُشير في السياق إلى أن “المستشفيات التي تقع ضمن مناطق الجنوب والضاحية الجنوبية تفتح أبوابها لحالات الطوارئ واستقبال الجرحى. أما تلك التي تقع في مناطق “آمنة” ، فتواجه ضغط النازحين، وتؤجِّل قدر الإمكان العمليات “الباردة”.
كما يطمئن إلى أن “مخزون من الأدوية والمستلزمات الطبيّة الموجود في المستشفيات ولدى المستوردين، يكفي مدة شهرين على الأقل”، لكنه يأمل ألا تطول فترة الحرب “عندئذٍ ستكون الأمور أصعب مع تخوّف من حصول نقص في المستلزمات والأدوية.
…”لا يمكننا تكهّن ما سيطرأ في المستقبل، في حال فرض حصار على لبنان أو عدمه” يقول هارون، “في الأيام الأخيرة علّقت شركات الطيران رحلاتها إلى مطار بيروت الدولي، الأمر الذي أدّى إلى توقف شحن الأدوية والمستلزمات الطبية إلى لبنان عبر الجوّ. في حين أن شحنها بحراً في اتجاه مرفأ بيروت دونه صعوبة مُربِكة لكون العملية معقّدة وتتطلب وقتاً أطول”.
تخوّف أمني وضغط مالي..
وليس بعيداً، يتخوّف هارون من “استهداف المستشفيات في المرحلة المقبلة كما حصل في غزّة حيث تم استهدافها بغارات مباشَرة، عندها تكون الكارثة الكبرى!”.
ويُضيف: أما بالنسبة إلى الوضع المالي في المستشفيات، فيؤكد هارون وجود ضغوطات مالية كبيرة… لكن وزيرَي الصحة والمال قطعا وعداً بإعطاء الأولوية لدفع مستحقات المستشفيات وتسديد الأموال المطلوبة لشراء الأدوية والمستلزمات الطبيّة، وأعتقد أنه في غضون 15 يوماً تكون وزارة المال قد سدّدت الأموال اللازمة للمستشفيات لمساعدتها على الصمود في مواجهة هذه الحرب…
عاصي: المستلزمات الطبيّة متوفرة
في المقلب الآخر، تطمئن نقيبة مستوردي المستلزمات والمعدات الطبية سلمى عاصي بدورها إلى أن “لا قلق على توفّر المستلزمات الطبيّة، هناك مخزون في المستشفيات يكفي ثلاثة أشهر تقريباً، والمخازن الموجودة في الشركات تكفي ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر، خصوصاً أن حركة مطار ومرفأ بيروت لا تزال مستمرة، الأمر الذي يسهّل على أي شركة عند نفاد مخزونها أو استهلكت جزءاً منه، تسارع إلى طلب كمية إضافية لتأمين مخزون يكفي ثلاثة أو ستة أشهر”.
أما المستلزم الأكثر استهلاكاً، فتشير عاصي إلى أن كل المستلزمات تخضع لطلب متتالي، إنما تؤكد أن “الخيوط الجراحية، وأكياس الدم، والمغروسات، تبقى الأكثر استعمالاً، لكن لا داعي للقلق أو الخوف من أي نقص في أحد المستلزمات لأن الاستيراد مستمر من دون توقف لتأمين البدائل”.
في ضوء تلك الوقائع، يطمئن اللبنانيون إلى سلامتهم الاستشفائية… ولكن تبقى حياته مهدّدة باستفحال شراسة الحرب المفتوحة على أفق الاشتعال.. عندها يصحّ القول “لا داعي للاطمئنان” بل الخوف على المصير كما الروح هو الغالب… عسى ألا يكون المواطن هو المغلوب!