تتعمّد جمعية مصارف لبنان إحداث بلبلة في البلد، على خلفية إغلاق أبوابها ليوم واحد أو بشكل نهائي، في محاولة منها لرمي مسؤولية الفوضى الحاصلة في القطاع المصرفي على المودعين، لاسيما أولئك الذين يطالبون بسحب ودائعهم عن طريق المواجهة المباشرة مع المصارف.
وفي حين تتجاهل المصارف مسؤوليتها المباشرة عن الأزمة المصرفية النقدية الحاصلة في لبنان، بالتعاون والتضامن مع باقي شركائها، أي مصرف لبنان والسلطة السياسية، لا يزال الجميع يماطل في صوغ الحلول الجذرية لأزمة القطاع المصرفي. تاركين المودعين والعملاء المصرفيين يواجهون أزماتهم المعيشية منذ ثلاث سنوات من دون تمكنهم من الحصول على أموالهم.
خلافات بين المصارف
وبعد دفع المصارف بممارساتها المجحفة المودعين إلى الاستحصال على ما تيسّر من ودائعهم عن طريق المواجهة المباشرة، في الفروع المصرفية، تأتي اليوم جمعية مصارف لبنان، لتعلن عن طريق تسريبات صحافية، نيتها إقفال كافة المصارف بوجه العملاء والاكتفاء بخدمة الصرافات الآلية ATMs وبتسيير معاملات الشركات والمؤسسات.
في المقابل خرج رئيس نقابة موظفي المصارف، أسد خوري، ليعلن بتصريح له صباح اليوم بأن جمعية المصارف ستقفل جميع فروع المصارف يوم الجمعة فقط، بالتوازي مع تلبية الصرافات الآلية طلبات العملاء.
تضارب القرارات إنما تفضح الخلافات الواقعة بين أعضاء جمعية المصارف، بين مؤيد للإقفال التام ورافض له. وهو ما بدا واضحاً خلال الاسبوع الفائت حين أغلقت غالبية المصارف فروعها بوجه الافراد، في حين فتحت مصارف أخرى ابوابها مع التشدد بالإجراءات الأمنية.
إغلاق المصارف
ولكن بصرف النظر عن قرار المصارف إقفال كافة فروعها على مدار الأسبوع، أو الاكتفاء بالإقفال أيام الجمعة فقط، إلا أن الواقع يؤكد إغلاق المصارف أبوابها من دون الإعلان عن ذلك بشكل واضح. ومنذ بداية عمليات الاقتحام التي قام بها عدد من المودعين أعلنت المصارف عن إجراءات احترازية، تقوم بشكل أساسي على تحديد مواعيد مسبقة للعملاء الراغبين بالحضور إلى الفروع المصرفية.
إلا أن تلك الآلية، أي المواعيد المسبقة من قسم خدمة الزبائن، لم يتم العمل بها في الغالبية الساحقة من المصارف. فمنها من لم تكن خطوطها الهاتفية فاعلة، ومنها من لم يستجب موظفيها، ومنها من رفضت بشكل واضح استقبال الافراد.
في المحصّلة لم تستقبل الغالبية الساحقة من الفروع المصرفية العملاء في مكاتبها على مدار الأسبوع الفائت، وقد اكتفت في تلبية عمليات السحب عبر الصرافات الآلية ATMs، وحصرت تحديد المواعيد بمندوبي الشركات والمؤسسات فقط.
عودة الطوابير
اليوم تتذرع المصارف بما وصفته بـ”الاعتداءات” على فروعها من قبل المودعين أصحاب الحقوق، لتغلق أبوابها بشكل علني مع الإبقاء على خدمة الصرافات الآلية للأفراد، وخدمة الزبائن للشركات في الوقت الحاضر. علماً انه من غير الممكن تمرير كافة العمليات عبر الصرافات الآلية.
وقد شهدت العديد من الفروع المصرفية منذ الأسبوع الفائت طوابير من المواطنين، بانتظار الحصول على رواتبهم، أو ما هو مسموح لهم بسحبه من حساباتهم المصرفية.
وكان لافتاً عجز الكثيرين عن إتمام عمليات السحب النقدي والاستفادة من دولارات منصة صيرفة. باعتبار أن الصرافات الآلية تتيح لأصحاب الحسابات والموطنة رواتبهم سحب الدولارات على منصة صيرفة، ضمن سقوف متدنية تبلغ حدها الأقصى 400 دولار. علماً أن رواتب موظفي القطاع العام لا تتجاوز نصف هذه القيمة.
أما عملية إيداع مبلغ بالليرة اللبنانية وسحبه على منصة صيرفة بالدولار الأميركي، فلم تكن متاحة أمام الأفراد، باعتبار أن غالبية الفروع المصرفية لم تفتح المجال للأفراد لأخذ مواعيد مسبقة والحضور إلى المصارف، كما لا يمكن الاستفادة من هذه الخدمة عبر الصراف الآلي، إنما من خلال التقدم بطلب مباشرة عند موظف خدمة الزبائن داخل المصرف، وتالياً تم حصر هذه الخدمة بالمؤسسات والشركات.