يتعارك أطراف المنظومة في ما بينهم وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، حول الجهة التي عليها تحمّل تبعات تقديم مشروع اقتراض الحكومة من مصرف لبنان الذي اشترطه نواب الحاكم، للموافقة على تمويل الحكومة لتأمين رواتب القطاع العام ومستلزمات القوى العسكرية والامنية وادوية الامراض المستعصية واستمرار عمل شبكة الانترنت وشراء القمح، فضلاً عن انفاق آخر ضروري بالدولار مثل تلبية حاجات السفارات في الخارج ودفع اقساط وفوائد قروض خارجية. وفي ظل الكلام عن ان ميقاتي رضخ للأمر وكلف وزير المالية يوسف خليل اعداد مشروع قانون يسمح للحكومة بالاقتراض، الا أن حدة المواربة بين الطرفين تصاعدت على مدى ايام، فالرئيس ميقاتي صرّح أن «لا دواء ولا رواتب آخر الشهر الحالي إذا لم تقرّ الخطة التي تقدّم بها نواب حاكم مصرف لبنان»، فرد النائب علي حسن خليل بأن «على ميقاتي التزام تعهده وإرسال مشروع قانون الاقتراض إلى البرلمان، بحاجات الحكومة وآليات السداد»، في الوقت الذي نقل عن مصادر مصرف لبنان (اي نائب الحاكم الاول وسيم منصوري)، بأن «المركزي» سيتوقف عن تمويل الدولة بدءاً من اليوم الاثنين».
إذاً، الجميع يرفع شعار «قدسيّة الاحتياطات»، أو عدم جواز المساس بالاحتياطي الإلزامي، الذي كان مجرّد شعار رفعه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، شعار يهتكه دائماً. على ارض الواقع، المشهد منقسم بين نواب لا يمانعون بالسير بعقد الاستقراض انسجاماً مع مواقف رؤساء كتلهم، وآخرون يفترضون أن القرض ومصدره يرتبطان بالاحتياطي الإلزامي للمصارف لدى مصرف لبنان بصفتها بعض بقايا الودائع ولا يجوز المس بها، وعلى الحكومة البحث عن مصادر تمويل اخرى، وفئة ثالثة تعتبر أن الاولوية هي العمل على انتخاب رئيس جديد للجمهورية وانتظام عمل مؤسسات الدولة ومنها مصرف لبنان، لأنه لا يمكن الرهان على الوعود التي تطلقها المنظومة بسداد الاموال التي ستحصل عليها من «المركزي»، لأن من «جرب المجرّب كان عقله مخرباً».
بحسب الخبراء الاقتصاديين هذا العراك وضع نواب الحاكم الاربعة في مأزق كبير، فهم من جهة لا يستطيعون التراجع عن شرط إقرار قانون الاستقراض لكي يستمروا بالسياسة النقدية السابقة ولو بشروط قاسية، ومن جهة ثانية هل يستطيعون وقف العمل بالسياسة النقدية السابقة لا سيما وقف تمويل الدولة وصيرفة، لأن ذلك دونه محاذير خطيرة وقد تنفجر قنبلة الشارع في وجههم. أما الحل، برأي البعض، فهو إقرار مشروع قانون الاستقراض وإحالته الى المجلس النيابي لإقراره، والبحث عن مصادر تمويل بديلة لتأمين المدفوعات الأساسية والملحّة كرواتب موظفي القطاع العام والأدوية. ومن هذه المصادر الأملاك البحرية والنهرية والمرافق العامة ومحاربة الفساد والتهرّب الضريبي، وفرض ضرائب تصاعدية على المداخيل المرتفعة وعلى الأرباح ورؤوس الأموال وعلى الاستثمارات الخارجية. ومن المفيد التذكير أن نواب الحاكم اشترطوا للتوقيع على عقد الاستقراض، إقرار جملة إصلاحات في مقدمها تشريع «الكابيتال كونترول» والتصديق على موازنة 2023 قبل نهاية آب، على أن يُستكمل تنفيذ البنود الأخرى خلال أشهر قليلة فقط، وتشمل إعداد موازنة 2024 في تشرين الثاني، وقبل ذلك أو بعده إقرار هيكلة المصارف ومعالجة الفجوة المالية. أمام هذا المشهد السوريالي، سعت «نداء الوطن» الى تحديد آراء النواب وكتلهم حول عقد الاستقراض بشكل واضح، واظهار مبرراتهم لقبوله او رفضه، والاهم الاجابة على السؤال التالي «ما الحل؟ هل يمكن ان نصل الى نهاية آب فلا تجد القوى الامنية اعتمادات لنقل عناصرها لحفظ الامن، أو ان لا يجد مرضى السرطان دواءهم؟
وهل سيتم تشريع المس بالودائع؟».
حاصباني: ما يحصل خطير جداً
«ما يحدث خطير»، وفقاً للنائب غسان حاصباني الذي اعتبر انه يتم رمي كامل المسؤولية على مجلس النواب ونواب الحاكم «ولا تصدر اي كلمة عن الحكومة المسؤولة بالدرجة الاولى عن ضبط التهريب وجباية ضرائبها لتتمكن من تسديد رواتب موظفيها، بالاضافة الى دورها الاساسي في تأمين ايرادات بالدولار من مؤسساتها مثل المرفأ والمطار وغيرهما لتمويل نفقاتها بالدولار، بدلاً من الاستدانة مما تبقى من احتياطات في البنك المركزي». سائلاً: ماذا سيحصل بعد نفاد الاحتياطات؟
الحاج: في الإنترنت فقط 100 مليون دولار تخسرها الدولة
«لا يمكن الاستمرار بسياسة شراء الوقت التي تتبعها الحكومة منذ 3 أعوام واعدة بالاصلاحات على حساب احتياطات البنك المركزي، في حين انها تغضّ النظر عن موارد مختلفة يمكن ان تؤمن الايرادات المطلوبة للدولة»، على حدّ تعبير النائب رازي الحاج الذي اشار الى الانترنت غير الشرعي كأحد تلك الموارد، «حيث لاحظنا مؤخراً ولدى معالجتنا ازمة انقطاع الانترنت في المتن ان هناك مليوناً و161 ألف مشترك بقطاع الانترنت منهم 750 ألف مشترك في شبكات غير شرعية، اي ما يقدّر بـ100 مليون دولار من الايرادات التي تخسرها الدولة». كما لفت الحاج الى ضرورة ان تشمل الموازنة مدخولاً للدولة بالعملات الصعبة في الحساب رقم 36 على غرار ما يقوم به وزير الاشغال علي حمية بالنسبة لايرادات المرفأ. مع الاشارة الى ان حمية صرّح منذ يومين ان إيرادات مرفأ بيروت ارتفعت من 400 ألف دولار شهريّاً إلى 10 ملايين دولار «فريش»، مؤكداً ان إيرادات المرفأ قادرة اليوم على سدّ عجز الخزينة وتمويل القطاع العام».
كرم: فريق «الممانعة» يطلب تشريع وهم للإفلات من عقوبة جرائمه
يؤكد عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب فادي كرم لـ»نداء الوطن» أنه «لو كان الحل بيده لدعا الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية غداً، فكل المقاربات التي يقوم بها فريق «ما يسمى الممانعة» هي لتغطية جريمتهم بحق الشعب والدولة اللبنانية، وهي عدم اقدامهم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية بأسرع وقت واحترام الدستور، وكل المقاربات التي تحصل لا تفيد الشعب اللبناني، وإذا تم تأمين التمويل هذا الشهر فالسيناريو سيتكرر لاحقاً». يضيف: «الترقيعات التي يقدمون عليها لن تحل المشاكل وهي من مسؤولياتهم وعليهم ايجاد الطرق للخروج منها، وهذه مهمة الحكومة بتسيير الامور بطريقة قانونية فالمشكلة والحل هي عند فريق الممانعة»، مشدداً على أنه «من المعروف ان هذا الفريق لا يزال يستخدم حاجات الناس للضغط على الفريق المعارض له لتبرير عجزه، ومحاولة الافلات من الجريمة التي اقترفها بحق الشعب اللبناني بسياساته الخاطئة، وادخال لبنان بالصراعات الاقليمية وضرب القطاعات الانتاجية والمصرفية». ويؤكد انهم «كنواب كتلة «الجمهورية القوية» يرون أن الاساس هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وكل الامور الاخرى هي تمويه وزرع اوهام لن يدوم سوى أيام، ولذلك تطالب «القوات اللبنانية» رئيس المجلس النيابي كل يوم بالدعوة الى جلسات انتخاب لرئيس الجمهورية على أن تكون متتالية حتى يتم انتخابه»، لافتاً الى أنه «عندها تبدأ الحلول الدستورية، فاحترام الدستور هو الحل والا نكون نضحك على أنفسنا وعلى الشعب اللبناني، واذا دعا الى جلسات تشريعية فنحن لن نشارك مهما كانت الحجج كاذبة وواهية، لأن المطلوب ليس اقرار اصلاحات بل الموافقة على اوهام ومحاولات للافلات من عقوبة الجريمة، التي تم اقترافها بحق الشعب اللبناني وهي مخالفة للدستور اللبناني».
عبدالله: «اللقاء الديمقراطي» مع الاقتراض لتسيير أمور الناس
يشرح عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبدالله لـ»نداء الوطن» أن «المخرج هو التعاون بين الحكومة ومجلس النواب والمصرف المركزي، فالوضع لا يحتمل تقاذف المسؤوليات، وككتلة نحن ايجابيون وضد تعطيل المؤسسات والمقاطعة ومع ان تقوم الحكومة بالصلاحيات الممنوحة لها وليس التشكيك بدستورية هذه الصلاحيات»، مشدداً على أن «الوقت ليس للاعتراض على التشريع واعتبار المجلس هيئة انتخابية، فالأهم هو تسيير امور الناس والبلد والتخفيف من بؤسهم وعدم زيادة فقرهم وعوزهم وكشفهم اكثر صحياً وتربوياً».
ويسأل: «ماذا يعني ان يموت الناس لانه ليس هناك اموال لأدوية للأمراض المستعصية؟ بحجة ان الدستور لا يسمح؟ لا قيمة للدساتير اذا كنا نمس بكرامة الناس صحياً وتربوياً، ولذلك نحن مع التعاون بين السلطات دون ان ينعكس ذلك سلباً على القدرة الشرائية للناس، هناك طروحات يجب نقاشها داخل الحزب وبعدها نأخذ القرار».
ويختم: «إذا دعينا الى جلسة تشريعية لنقاش عقد الاستقراض فسنشارك لان نهجنا هو الايجابية الكاملة، سواء في مجلس الوزراء او النواب ودون تعطيل اي مؤسسة مالية او عسكرية، وهذا السياق مستمر والقاعدة الاساسية لعملنا هي ان لا نزيد بؤس الناس».
حنكش: انتخاب رئيس أولاً
عضو كتلة «الكتائب» النائب الياس حنكش يقول: نرفض المشاركة في التشريع لاقرار عقد الاستقراض، ويضيف لـ»نداء الوطن»: «انتخاب رئيس هو الحل لكل المشاكل الآنية التي نواجهها، فانتظام الحياة في لبنان يبدأ من احترام الدستور وانتخاب رئيس بأسرع وقت».
عطية: الاقتراض لمدة 3 أشهر!
عضو كتلة «الوسط المستقل» النائب سجيع عطية يقول لـ»نداء الوطن»: «شخصياً أنا مع تأمين الحد الادنى المطلوب لمعاشات القطاع العام والادوية، صحيح انه لا يمكن أن نكمل في سياسة الاقتراض ويجب ان يحصل تفعيل للحياة السياسية، من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتفعيل عمل مجلس النواب واصلاح هيكلي لمصرف لبنان، لكن لا ضير ان نكمل بسياسة مصرف لبنان لفترة 3 أشهر دون الزام الدولة بالقيام بتبرير لهذه الخطوة».
يضيف: «الوضع يحتاج الى نقاش عميق. يجب الاختيار بين السيئ والاسوأ، الاسوأ هو ابقاء الناس من دون رواتب، والسيئ هو ان نستعمل القليل من اموال الاحتياط، خصوصاً اننا على ابواب اقرار موازنة واقرار للخطة الاصلاحية بمشاركة كل الكتل النيابية في البلد».
عون: الشرط هو إقرار كل القوانين الإصلاحية
على ضفة تكتل «لبنان القوي»، يقول عضو التكتل النائب آلان عون لـ»نداء الوطن» أي «رفض التشريع. فأي إنفاق من الإحتياطي الإلزامي هدفه شراء الوقت بأموال المودعين لتمويل الدولة وعجزها، ولتثبيت سعر الصرف بكلفة باهظة بدل اعتماد الإصلاح اللازم للاستقرار النقدي»، لافتاً الى أن «التكتل يربط مشاركته بأي جلسة تشريعية بشرط أن تُقرّ في وقت واحد القوانين الإصلاحية المطلوبة وهي: الكابيتال كونترول، إعادة هيكلة المصارف والتوازن المالي، فضلاً عن إقرار موازنة إصلاحية جدّية عن عام 2024 تحال الى المجلس بتوقيع جميع وزراء حكومة تصريف الأعمال». ويختم: «في ما يتعلق بتمويل رواتب القطاع العام والادوية فعلى الحكومة تأمينها من ايرادتها».
خواجة: رفض استخدام أسلوب سلامة… والرئيس بري ليس متحمساً لعقد الاستقراض
على ضفة الرافضين لتشريع المس بما تبقى من أموال المودعين، يبرز موقف عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب محمد خواجة الذي يقول لـ»نداء الوطن»: «يمكن أن يتمّ تقديم عقد الاستقراض من قبل 10 نواب كاقتراح قانون، علماً انه في الاساس يجب أن يكون عند الحكومة زمن خلال مشروع قانون. لكن الرئيس ميقاتي حاول التشاطر والتذرع بأن الحكومة في حالة تصريف أعمال، ولذلك يمكن ان تصدر اصوات في المجلس النيابي تقول أن الاولوية هي للرئاسة اي انتخاب رئيس».
ويسأل: «تشريع عقد الاستقراض يحتاج الى موافقة 65 نائباً هل سيتحقق ذلك؟ هذا الامر يحتاج الى نقاش خصوصاً ان الاموال هي ما تبقى من اموال المودعين، والسؤال هل يمكن ان نكمل على هذا النحو وبماذا يمكن ان تبرر الكتل النيابية موافقتها على المس بأموال المودعين؟ خصوصاً أن التجربة مع الحكومات المتعاقبة برهنت ان الاموال التي يتم استقراضها من المركزي لا يتم ردها»، مشدداً على أنه «قبل أن تتقدم الحكومة بطلب استقراض عليها ان تجيب المجلس النيابي على كيفية رد هذه الاموال، وأن تستنفد كل الاساليب للقيام بواجباتها لتأمين التمويل اللازم والتفتيش عن ايرادات جديدة واقفال مزاريب هدر كثيرة، منها على السبيل المثال الاملاك البحرية وتفعيل عمل النافعة. وفي حال استلزمها المزيد من الاموال يمكن النقاش، لكن أرفض استخدام اسلوب رياض سلامة والحكومات المتعاقبة للاقتراض ونهب اموال اللبنانيين. وأعتقد ان هذا رأي العديد من النواب».
ويختم: «الرئيس بري ليس متحمساً لعقد الاستقراض بل هو حريص على توفير الايرادات للدولة، وشخصياً انا مع اي استقراض يمكن ان يتم استخدامه في مشاريع انتاجية تعود بالفائدة على الخزينة وتعيد الاموال التي تم استقراضها وتشغل اليد العاملة».
السيد: يهدفون إلى تغطية ارتكاباتهم السابقة والتمسيح بالمجلس النيابي
يقدم النائب جميل السيد شرحاً مفصلاً عن سبب رفضه تشريع استقراض الحكومة من المصرف المركزي، ويقول لـ»نداء الوطن»: «منذ سنوات وقبل اندلاع الازمة، كانت الحكومات المتعاقبة تلجأ الى «المركزي» حين تحتاج الى تمويل، وكان مصرف لبنان يستجيب لذلك عبر استدراج الاموال من مختلف المصادر بفوائد مرتفعة من خلال اصدار سندات خزينة او اقتراض من الخارج أو تشجيع المقيمين والمغتربين والعرب والاجانب على ايداع اموالهم في المصارف اللبنانية»، لافتاً الى أن «حاكمية مصرف لبنان ومجلسها المركزي كانا على علم بأن إقراض الدولة بهذه الاموال على مر السنوات هو مخالف لقانون النقد والتسليف الذي يضع شروطاً قاسية واستثنائية على اقراض الدولة من المصرف المركزي الا بنسبة معينة ولفترة زمنية محددة». يشير السيد الى أن «قانون النقد والتسليف الذي يعطي حصانة كبيرة لحاكم مصرف لبنان، لدرجة ان السلطات التي عينته لا يمكنها اقالته الا بشروط استثنائية، فإنما يعطيه هذه الحصانة كي يرفض اي تمويل تطلبه منه الحكومات بما يخالف ذلك القانون وبما لا يتجانس مع الامانة التي يحملها، اي حماية المال العام والسياسة النقدية والوضع الاقتصادي»، معتبراً أن «ما حصل لم يكن تمويلاً لاحتياجات الدولة بقدر ما كان مصرف لبنان صندوقاً مالياً للتبذير والنهب من قبل القوى السياسية التي تتحكّم بالدولة بمشاركة سلامة وفريقه. اليوم وقبل نهاية ولاية رياض سلامة بأيام قام نواب الحاكم بتهديدات بالاستقالة وبرروا صمتهم السابق بانهم كانوا يعارضون قرارات سلامة بتمويل الحكومات وانهم ارسلوا كتباً الى رئاسة الحكومة في هذا المجال».
وقال السيد: «لقد سألت نواب الحاكم في الجلسة لماذا لم يقدموا استقالاتهم حينها ولماذا لم يعلنوا عن ذلك صراحة، ولماذا كانوا يدافعون بشراسة عن سياسة سلامة حين كانوا يحضرون كممثلين عنه في مجلس النواب، علماً بأن المجلس المركزي هو شريك في قرارات الحاكم، هذا عدا عن وجود مفوض الحكومة وهو الذي يسهر على تطبيق قانون النقد والتسليف ويحق له ان يعترض على قرارات المجلس المركزي ويجمّدها، وله الحق بأن يدقق في الحسابات والصناديق وتبليغ وزير المالية بأي مخالفة تم ارتكابها. لكن احداً من هؤلاء لم يقف في وجه سلامة».
ويشدد السيّد على أن «كل التعيينات في المواقع الاساسية في مصرف لبنان من الحاكم ونزولاً هي نتيجة محاصصة وتقاسم بين القوى السياسية، وهؤلاء جميعاً سكتوا سابقاً وحتى اليوم عن كل التجاوزات التي حصلت، ويقولون لنا أنه من الآن وصاعداً بعد رحيل سلامة انهم يريدون من مجلس النواب اصدار قانون يسمح لمصرف لبنان بتمويل الحكومة»، سائلاً «على اي اساس جرى تسليف الحكومات سابقاً بعشرات مليارات الدولارات دون تشريع من المجلس وخلافاً لقانون النقد والتسليف، فيما جميع هؤلاء كانوا موجودين في زمن سلامة بمن فيهم القوى السياسية نفسها؟».
ويضيف السيد: «عندما يطلبون التشريع اليوم لتسليف الحكومة 600 مليون دولار، بينما انفقوا ما يزيد عن 72 مليار دولار، فإنهم يهدفون الى تغطية ارتكاباتهم السابقة والتمسيح بالمجلس النيابي، واكتساب شرعية جديدة وطيّ صفحة كل ما حصل سابقاً. لذلك لن اعطي براءة ذمة عن المرحلة الماضية لأنني اذا وافقت على التشريع اليوم فكأنني شرّعت كل التجاوزات التي حصلت سابقاً. والمطلوب اليوم من نواب الحاكم عرض اسباب التجاوزات وارقام تمويل المرحلة الماضية على المجلس النيابي ليحاسب الجهات المسؤولة عنها».
كما يوضح السيد أنه «وقبل السماح للمصرف المركزي والحكومة بالاقتراض اليوم من الـ9 مليارات دولار المتبقية في الاحتياط من اموال المودعين، هناك مليارات من الدولارات يجب استرجاعها من الهندسات المالية ومن الاموال التي تم تحويلها الى الخارج بعد 17 تشرين، ومن القروض المدعومة عشوائياً ومن أموال الدعم المسروقة ومن اموال مافيا منصة صيرفة، وهذه الاموال جميعها تقدر بـ22 مليار دولار يجب استعادتها قبل المس بما تبقى من أموال المودعين وقبل زيادة الضرائب على الناس». ويختم السيد: «صحيح انه من الضروري تأمين حاجات الناس الاساسية من رواتب وأدوية ونفقات الجيش وقوى الامن وغيرها، ولكن لا يمكن ان نغمض أعيننا عن هدر72 مليار دولار سابقاً بلا اي قانون وان نعطيهم براءة ذمة عنها ثم نشرّع لهم اليوم قانوناً ليستمروا بالإنفاق من الـ٩ مليارات المتبقية، رغم ان معظم القوى السياسية لا مشكلة لها في اقرار التشريع لأنها هي نفسها كانت تغطّي مخالفات وتجاوزات رياض سلامة وفريقه وهي ترعى اليوم من تسلّموا مكانه. وها هو سلامة يخرج آمنا بحراسة من القوى الامنية بالرغم من كل الدعاوى المرفوعة ضده من قبل أهم الدول الغربية عدا عن التحقيق الهزلي والفولكلوري الذي يجريه اليوم القضاء اللبناني العظيم».
منيمنة: واجب وزير المالية إيجاد حلول وليس الاعتماد على أموال المودعين
يشدد النائب ابراهيم منيمنة لـ»نداء الوطن» على أن «هذا الاستحقاق هو ككل الملفات التي تتعاطى معها المنظومة والحكومة التي تمثل هذه المنظومة، اي ترك الامور لتزداد تعقيداً ثم يضعون الجميع امام ضغط خيارات صعبة»، موضحاً أننا «في حالة فراغ رئاسي ويتم تعطيل جلسات الانتخاب ثم يعودون للقول ماذا نفعل في الملفات الاساسية، ويصبح امام النواب الاختيار بين حلول غير دستورية او تعتريها اشكالات قانونية. في ملف المودعين نحن في هذه الازمة منذ اكثر من ثلاث سنوات، وهناك اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي، ألم يكن من الاجدى تركيز الجهود كي لا نصل الى الوضع الذي نحن فيه؟ أم اصبح الحل بالاختيار إما عدم تمويل القطاع العام أو المس بأموال المودعين؟».
يضيف: «من أوصلنا الى هذا الخيار هم أنفسهم غير المبالين بالناس والاصلاح، بل يعتمدون خطة الظل التي تعتمد على توزيع الخسائر على الشعب اللبناني وتحييد المصارف، وما يقولونه اليوم هو إما الصرف من اموال المودعين او لا رواتب للقطاع العام»، مؤكداً «رفض المس بالاحتياطي الالزامي ومن واجب رئيس الحكومة ووزير المالية ايجاد حلول والقيام باصلاح السياسة المالية وليس الاعتماد على اموال المودعين، وهذه مسؤوليتهم وخروج سلامة يمنعهم من اكمال لعبتهم وعليهم تحمل المسؤولية، لانهم اغفلوا تنفيذ الاصلاحات وليس وضع الناس امام خيارات كلها سيئة».
ويختم: «أعتقد ان أغلب مواقف النواب التغييرين سيكون من رأيي، لا يمكن تصديق اي تعهد تقدمه المنظومة لاعادة الاموال التي يمكن استقراضها،لا ثقة بهذه الطبقة السياسية. ولو قاموا بتنفيذ الاصلاحات لما كنا مضطرين للوصول الى طرح فكرة الاستقراض. لذا فالاصلاحات اولاً، وبعدها لكل حادث حديث».
حشيمي: الأولوية تأمين رواتب القطاع العام
يؤكد النائب بلال حشيمي لـ»نداء الوطن» أنه مبدئياً سيشارك في مناقشة عقد الاستقراض في اي جلسة نيابية يتم الدعوة لها، بهدف تأمين رواتب القطاع العام والقوى الامنية. لكن لا يحدد موقفه النهائي الا بعد درس جدول اعمال الجلسة والقوانين الاخرى التي يجب ان تقر خلالها». يضيف: «كلام نائب الحاكم سليم شاهين مقنع لجهة استخدام جزء من الاموال لتفعيل الدورة الاقتصادية في البلد، لا يجوز ان نبقى على هذا الجمود في قطاعات الدولة لأن ذلك ينعكس سلباً على ايرادات الخزينة. علينا تنفيذ خطوات لتفعيل الجباية ودعم القطاع العام وزيادة مدخول الدولة».
«حزب الله» غير متحمّس… يراقب ويحلّل المعطيات
يشرح مصدر مطلع على مقاربة «حزب الله» لعقد الاستقراض المطروح لـ»نداء الوطن بالقول: «هناك ثلاث نقاط اساسية يأخذها «الحزب» بعين الاعتبار قبل اعلان موقفه النهائي، الاول أن اي تصرف بأموال البنك المركزي يجب أن يكون مرتبطاً بخطة تعاف متكاملة وليس بحلول آنية وترقيعية، بل ضمن حل ورؤية مالية شاملة للاصلاح، والثاني يجب التأكد من أن حقوق المودعين مضمونة ومحفوظة لأن الموقف الاساسي لـ»الحزب» منذ بداية الازمة كان الى جانب حقوق المودعين، والثالث هناك مسار تشريعي عام في المجلس النيابي وآراء كتل نيابية يجب رصدها، فهناك أسئلة كبيرة حول كيفية رد هذه الاموال يجب التأكد منها قبل اتخاذ اي موقف نهائي، ولذلك فـ»الحزب» في حالة مراقبة ودرس لكل هذه المعطيات قبل اعلان موقفه من هذا الاستحقاق».