يعيش الواقع التجاري والاقتصادي في صيدا أزمة غير مسبوقة وليست وليدة اللحظة وانما نتيجة تراكمات بدأت منذ العام 2011 وصولا الى منتصف العام 2018 وازدادت حدتها خلال عامي 2019 و2020 مع ما شهد هذان العامان من مشاكل اقتصادية ومالية وسياسية بدأت بأزمة الدولار وانهيار العملة الوطنية ومن ثم ثورة 17 تشرين وصولا الى ازمة كورونا التي كانت بمثابة الضربة القاضية لقطاع مترنح في الأساس وبالكاد هو يصمد.
ولعل اكبر مثال على ذلك سوق صيدا التجاري في وسط المدينة والذي يعد رئة اقتصادية تتنفس بها نحو 380 مؤسسة تجارية، عدد كبير منها اضطر الى الاقفال بشكل نهائي فيما القسم الاخر هو بمثابة شبه مقفل مع تراجع نسبة المبيعات لاكثر من خمسين بالمئة مقارنة بها قبل ازمة ارتفاع سعر الدولار ليبلغ عدد المحال والمؤسسات التجارية التي اقفلت بشكل نهائي في خلال عامي 2019 و ال 2020 نحو 200 مؤسسة على صعيد صيدا الادارية.
اليوم، وفي ظل الحديث عن التوجه لقرار الاقفال العام لمواجهة تداعيات تفشي فيروس كورونا يجد هؤلاء التجار انفسهم امام ازمة مضافة متسائلين في حال اتخاذ قرار الاقفال، من يعوض عليهم خسائرهم وكيف يؤمنون قوت عيشهم.
الشريف
رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف اكد ان الهيئات الاقتصادية قاطبة عبرت عن رفضها لقرار الاقفال العام، لافتا الى ان المطلوب اليوم ان يكون “هناك بدائل في حال اتخاذ هكذا قرار، بمعنى تأمين مقومات العيش للتاجر الذي سيقفل مؤسسته على مدى فترة معينة، فنحن لدينا التزامات مالية كيف نؤمنها في حال اقفلنا مؤسساتنا ومن يعوض علينا خسائرنا؟”.
وقال: “اننا مدركون تماما لخطورة الوضع الصحي في البلاد، ولكن المطلوب اليوم التشدد في تطبيق الاجراءات الوقائية، والاهم من ذلك دعم القطاع الطبي والاستشفائي في المدينة ولا سيما مستشفى صيدا الحكومي”.
اضاف: “ليس فقط جمعية تجار صيدا وانما جمعيات تجار لبنان قاطبة ترفض هذا التوجه لاسباب عديدة، نحن كقطاع تجاري، اليوم يحتضر بكل ما للكلمة من معنى، لم يعد لديه المقومات للاستمرار والصمود في ظل هذا الواقع الاليم اقتصاديا وماليا ومصرفيا ومن كل النواحي. وفي حال تم اقرار الاقفال العام ما الذي تم تهيئته للناس؟. اليوم هناك توصيات لتجنب الوضع القائم بسبب كورونا هل تطبقه الدولة؟ قد يكون هناك اشخاص يرتادون السوق من دون التزام وضع الكمامة، ولكن جميع المحال تشترط قبل الدخول اليها وضع الكمامة والتعقيم. اليوم، القطاعات الكمالية هي الاكثر هبوطا بالقدرة الشرائية لان الناس بالكاد تؤمن المأكل والمشرب”.
وتابع: “كقطاع تجاري، الازمة لم تبدأ حديثا، انما من العام 2011 وصولا الى منتصف ال2018، واستمرت وجاءت في ال2019 ضربة وراء ضربة، من انخفاض القدرة الشرائية الى ثورة 17 تشرين. وفي هذا العام كان هناك هبوط بنسبة ثمانين في المئة ومن ثم دخلنا الى 2020، بدأت عملية الدولار والانهيار المالي والاقتصادي الذي انعكس على كل الوضع في البلد وصولا الى جائحة كورونا التي كانت الضربة القاضية”.
واكد الشريف ان “القطاع التجاري في حالة احتضار اليوم، فقد اقفل السنة الماضية في السوق التجاري وخارج السوق ما يزيد عن المئة ومئة وخمسين محل، وفي ال2020 اقفل ايضا قسم، والمحال التي لا تزال تعمل، فهي شبه مقفلة، لماذا، لانه لا يدخلها سوى زبون او اثنين خلال النهار. وازاء هذا الواقع، اذا فرضنا قرار الاقفال على هذه المؤسسات التي تعد من الكماليات، فكم هو عدد الاشخاص الذين سيدخلوها، وهم لا يشكلون سوى خمسة في المئة من الاشخاص بالنسبة الى مخازن بيع المواد الغذائية”.
وتابع: “اضف الى ذلك، ان الناس اخر همها ان تشتري قطعة بمئة دولار كانت تساوي 150 الف ليرة واليوم اصبحت تساوي 750 الف لييرة، فمن باب المستحيل ان يشتريها احد ولو كانت قيمتها اربعمئة الف. اذا اغلقنا هذه المؤسسات اليوم، وكل الناس تأكل من رأسمالها اي من اللحم الحي فمن اين يعيش صاحب المحل، وكيف يؤمن الايجارات ومستحقات الموظفين، وربما يقول احدهم ان جائحة كورونا تفرض هذا الامر”.
وسأل: “لماذا لا يتم التشدد بالاجراءات الوقائية من تسطير محاضر والزام المواطنين الاجراءات الوقائية، اين القوى الامنية وشرطة البلدية، المطلوب هو التشدد في تطبيق الاجراءات الوقائية”.
وقال: “هناك دول في العالم أغلقت، ولكن في المقابل أمنت للمواطنين مقومات العيش. اما نحن، اذا اقفلنا كقطاعات تجارية، فمن اين نأكل ونشرب. المشكلة انهم لا يرون كم ان خلفية هكذا قرار مضرة بالاقتصاد كثيرا”.
وسأل الشريف: “كم شخصا اصيب في سوق صيدا. لقد كان هناك اجتماع للجنة كورونا والحمد لله، هناك تراجع خمسين بالمئة بأعدادالاصابات مقارنة بالاسبوع الماضي”.
وقال: “من هنا، نحن نطالب بايلاء اهتمام اكبر بالمرضى والمستشفيات، ولا سيما مستشفى صيدا الحكومي، بأن يتم دعمه وتجهيزه على كل الصعد، خصوصا في ظل توقف فحوص بي.سي.ار
المجانية في الملعب البلدي في صيدا. المطلوب تجهيز مختبر مستشفى صيدا الحكومي لاجراء هذه الفحوصات، وان يبدأ العمل بهذا الامر مباشرة لنستطيع مواجهة كورونا، وليس ان نغلق البلد لخمسة عشر يوما، وبعد ذلك نفتح ونعيد الكرة. ما هي الخطة البديلة وتحت اي اسس قمنا بذلك”.
ورأى ان “قرار الاقفال ليس سليما، والمفروض تطبيق اجراءات تحفظ سلامة الناس وتخفف من تداعيات الازمة قدر الامكان. نحن باستطاعتنا ان نضبط هذا الامر عندما نقول الكمامة اساسية، يجب تطبيق ذلك بصرامة من خلال المراقبة وضبط المخالفات. اما ان نقول ان الحل بالاقفال، فالناس تحتضر حاليا وليس لديها حتى تأمين لقمة العيش، وانتم ماذا توفرون للناس؟”.
وقال: “اننا كهيئات اقتصادية رفعنا الصوت وأعلنا رفضنا المطلق لقرار الاقفال، ورئيس جمعية تجار بيروت قال هذا الكلام، وتحدث مع معالي وزير الداخلية، واعتقد انهم متفهمون لهذا الواقع، والا اتخذوا القرار من قبل، لان هناك واقعا اقتصاديا ضاغطا على رقاب الناس. لذلك نحن مع التشدد في تطبيق الاجراءات لحماية سلامة وصحة المواطن وليس مع اقفال ارزاق الناس، فالناس كفروا بهذا الواقع”، وطالب ب”الاسراع في تشكيل الحكومة والالتفات الى مطالب الناس وايجاد حلول عملية للازمات التي نعيشها”.
قصب
ووصف وائل قصب، صاحب اوبتيك قصب في سوق صيدا وعضو في جمعية التجار، الواقع التجاري في صيدا بـ”المأساوي في ظل الازمات التي نعيشها”، معتبرا ان “نسبة المبيعات تراجعت الى نحو 80 بالمئة وخصوصا لدى المؤسسات التي يعد بيعها للكماليات من محال بيع الملابس والاحذية والاكسسوار”. ولفت الى ان “التجار اضطروا الى تقليص هامش ارباحهم بشكل كبير حتى يتمكن المواطن من الشراء، وان الوضع سيء ونحن ذاهبون نحو الاسوأ في ظل غياب تام لاي دعم لهذا القطاع”.
وتابع: “ما زاد الامر سوءا هو القيود التي وضعتها المصارف على السحوبات بالعملة الوطنية، هذا الامر اثر علينا كتجار بشكل كبير”.
وحول الحديث عن التوجه لقرار الاقفال العام، قال قصب: “اننا مع اي أمر يحمي صحة المواطن خصوصا في ظل ارتفاع اعداد الاصابات، ولكن في الوقت نفسه نطالب بقرار منصف بحيث يسري الاقفال على الجميع، وليس ان يتم التشدد في مناطق، فيما تشهد مناطق اخرى تراخيا. كذلك نسأل، في حال اقفلنا مؤسساتنا لمدة خمسة عشر يوما من يعوض علينا من يدفع لنا ايجارات المحلات واشتراكات المولدات والضمان، وكيف نؤمن قوت يومنا”، مشددا على ان المطلوب اليوم هو “التشدد في تطبيق الاجراءات الوقائية وتفعيل دور القوى الامنية وشرطة البلدية في قمع اي مخالفة لجهة عدم التزام وضع الكمامة وهذا هو الاهم كي نحمي انفسنا ونستمر بكسب أرزاقنا في نفس الوقت”.
العوجي
من جهته، أعلن صاحب مؤسسة العوجي في سوق صيدا اسامة عوجي “ان نسبة المبيعات تراجعت نحو 75 بالمئة بسبب الازمة المالية وارتفاع سعر الدولار، ومن ثم أتت كورونا لتزيد الطين بلة ونترنح بين الفينة والاخرى بين الاقفال واللااقفال. واذ اعتبر ان صحة المواطن تتقدم على ما عداه في ظل الجائحة سأل في الوقت نفسه من يعوض علينا خساراتنا في حال اقفلنا مؤسساتنا”، مشيرا الى “اننا مع قرار الاقفال شرط التعويض علينا وشرط ان يكون عادلا على الجميع، فأنا مثلا كمحل بيع بياضات سأقفل، اما قسم البياضات في المخازن الكبرى لبيع المواد الغذائية ستظل متاحة امام الناس، وبالتالي الناس ستضطر الى ان تقصد هذه المحال لشراء البياضات، فهل كورونا موجودة عندي وليست موجودة عندهم”.
الدرزي
واعتبر صاحب محل الدرزي في سوق صيدا ناجي الدرزي “ان الواقع الصحي في البلد خطير، وصحة الناس أولوية، ولكن قرار الاقفال بالتأكيد سيعود علينا بالخسارة في ظل عدم وجود بدائل للتعويض علينا”.
وعن مدى تأثير الازمة المالية، لفت الدرزي الى اننا كتجار “تأثرنا كثيرا وانخفضت نسبة مبيعاتنا بشكل كبير الى نحو الستين في المئة، هناك مؤسسات اضطرت لتخفيض عدد موظفيها واخرى ابقت العدد على ما هو عليه مع اعتماد مبدأ تقسيم العمل، اي جزء يعمل خمسة عشر يوما وجزء اخر يعمل الايام الخمسة عشر يوما الاخيرة من الشهر. للاسف، هذا ما اضطررت ان افعله، كي لا أقطع رزق احد، ولكن للاسف هناك ظروف تفرض علينا هذا الواقع خصوصا مع تراجع القدرة الشرائية للمواطن بحيث بقيت معاشات الموظفين على ما هي عليه في وقت ان سعر الدولار يحلق بشكل يومي”.
ابو زهرا
ولفت صاحب محل colors style في سوق صيدا نزيه ابو زهرا الى “ان قرار الاقفال سيكون ظالما بالنسبة لنا كتجار، فمن يعوض علينا ومن يدفع لنا ايجار المحل ومعاشات الموظفين”، مؤكدا ان “المطلوب هو التشدد في تطبيق الاجراءات الوقائية”.
وقال: “نحن كتجار، تأثرنا كثيرا بهذه الازمات المتلاحقة ولا سيما ازمة الدولار وتراجع القدرة الشرائية للمواطن، نحن اصبحنا ندفع المستحقات المتوجبة علينا من اللحم الحي، واضطررنا الى تقليص ارباحنا. حاليا، نسجل صفر ارباح، ونحاول ان نصمد قدر الامكان. هناك التزامات مالية في كل شهر، اذا لم نستمر فكيف نؤمنها. من هنا نطالب بالتشدد في تطبيق الاجراءات الوقائية، اما قرار الاقفال فهو ظالم بالنسبة لنا مع تقديرنا لخطورة الوضع الصحي في البلاد”.
السقا
وأعلن صاحب محل في سوق صيدا محمد السقا “اننا نقدر جيدا ان هناك وضعا صحيا ضاغطا وخطيرا، وهو ايضا يساوي الوضع الاقتصادي المتردي الذي نعيشه. نحن كتجار بالكاد نؤمن رزقنا، فنسبة البيع والشراء تراجعت كثيرا بفعل ارتفاع الدولار والازمة التي نعيشها، ومن ثم اتت كورونا لتزيد الوضع سوءا، ونسأل من يعوض علينا خسائرنا؟”.