اليورو الرقمي مشروع يتقدم بخطوات ثابتة

يرجح أن يصبح اليورو الرقمي حقيقة واقعة مع تزايد التعاملات المالية غير المادية وانتشار العملات المشفرة، بعدما أطلق البنك المركزي الأوروبي مؤخرا المرحلة التحضيرية للمشروع الذي يهدف إلى تقديم “الشكل الأكثر أمانا للنقود”.

ووجد صناع القرار النقدي في أوروبا أنفسهم أمام تحدي الإسراع في مواكبة الطفرة التكنولوجية في التعاملات المالية عبر عملة رقمية موحدة قد تعيد ابتكار مستقبل أعمال هذه الصناعة وذلك مع بلوغ المركزي الأوروبي ربع قرن على تأسيسه.

ويتوقع أن تستمر التجربة التي ستبدأ الأربعاء المقبل لمدة عامين، وستمهد الطريق لاتخاذ قرار مستقبلي بشأن الإصدار المحتمل لليورو الرقمي.

وتتضمن المرحلة اختبارات وتجارب من أجل تطوير عملة تلبي متطلبات النظام الأوروبي واحتياجات المستخدمين.

ولن يتم النظر في القرار بشأن إصدار اليورو الرقمي أم لا من قبل مجالس المحافظين إلا بعد اكتمال المسار التشريعي للاتحاد الأوروبي.

وسيأخذ المركزي الأوروبي في الاعتبار أي تعديلات على تصميم اليورو الرقمي، والتي قد تصبح ضرورية بعد المداولات التشريعية وبالتالي ستواصل مؤسسة فرانكفورت التواصل مع الجمهور وجميع أصحاب المصلحة طوال المرحلة.

ووفقا للبنك المركزي الأوروبي، فإن اليورو الرقمي من شأنه أن يجعل حماية البيانات أولوية.

ولن يتمكن النظام من الوصول إلى البيانات الشخصية ولا يمكن ربط معلومات الدفع بالمستخدمين ولكن اليورو الرقمي سيضمن نفس مستوى السرية الذي تتمتع به الأموال النقدية للمدفوعات خارج الإنترنت.

وقال البنك إن “اليورو الرقمي سيعمل على تعزيز المرونة والمنافسة والابتكار في قطاع المدفوعات الأوروبي”. وأوضح أنه سيكون لديه بنيته التحتية الخاصة، الأمر الذي من شأنه أن يعزز مرونته.

وسيزود المركزي الأوروبي الوسطاء الأوروبيين الخاضعين للإشراف بمنصة يمكن من خلالها تقديم الخدمات لعملائها بهدف تحسين الكفاءة وخفض التكاليف وتشجيع الابتكار.

وقالت كريستين لاغارد رئيسة البنك إنه “علينا أن نجهز عملتنا للمستقبل”، مضيفة “نتصور هذه العملة كشكل رقمي من النقد الذي يمكن استخدامه لجميع المدفوعات، مجانا، والذي من شأنه أن يضمن أعلى مستوى من الخصوصية”.

وأكدت أن جميع المتعاملين “سوف سيتعايشون مع النقد الذي سيكون متاحا دائما”.

ويمكن للمستخدمين ولوج خدمات اليورو الرقمية على التطبيق والواجهة عبر الإنترنت لمزود خدمة الدفع الخاص بهم، أو من خلال تطبيق الأورو الرقمي.

وسيتمكن الأشخاص الذين ليس لديهم إمكانية الوصول إلى حساب مصرفي أو أدوات رقمية أيضا من الدفع باليورو الرقمي، باستخدام، على سبيل المثال، بطاقة فعلية تقدمها هيئة عامة مثل مكتب البريد.

وبمقدور المستخدمين، أيضا، استبدال اليورو الرقمي بالنقود والعكس في أجهزة الصراف الآلي ومن ثم، فإن النظام الأوروبي يفكر في إنشاء يورو رقمي يكون استخدامه الأساسي مجانيا للأفراد.

ومن شأن نموذج التعويض بين الوسطاء والتجار أن يسمح للأوائل بالاستفادة من حوافز توزيع اليورو الرقمي، مثل أدوات الدفع الإلكترونية الأخرى، مع توفير ضمانات كافية ضد تطبيق رسوم الخدمة المفرطة على الأخير.

وسوف يتحمل النظام الأوروبي تكاليفه الخاصة، بما في ذلك تكاليف إدارة الآليات ومعالجة التسويات.

وفي حين أن النظام الأوروبي استفاد بشكل كبير من ردود فعل المسؤولين الأوروبيين والمشاركين في السوق والمستخدمين المحتملين، يقول المركزي الأوروبي إن الشفافية والتعاون الوثيق مع أصحاب المصلحة يظلان من الركائز الأساسية للمشروع.

ويدعم الاتحاد المصرفي الأوروبي استقلالية الدفع، لكنه يعتقد أن اليورو الرقمي وحده لن يحقق ذلك دون البنوك وشركات خدمات الدفع التي توفر طرقا جديدة وأفضل للتعامل مع المدفوعات بنفسها.

وقالت المجموعة إن “اليورو الرقمي للبيع بالتجزئة خاصة إذا لم يكن قادرا على تقديم قيمة مضافة ملموسة مقارنة بالمدفوعات الإلكترونية الحالية، ليس أداة مناسبة أو كافية لتحقيق جميع الأهداف التي تم طرحها”.

ويشمل اليورو الرقمي العديد من الخصائص من بينها أنه يمكن استخدامه لجميع المدفوعات الرقمية، مثل النقد للمدفوعات المادية، كما ستكون طريقة أخرى للدفع في المتاجر أو عبر الإنترنت، أو لإرسال الأموال.

وإلى جانب ذلك اعتماده كوسيلة دفع مقبولة عالميا، بحيث يمكن استخدام اليورو الرقمي في كافة المتاجر ولدى جميع التجار في منطقة اليورو الذين سيقبلونه.

والميزة الأخرى أن يكون استخدامه مجانيا مثل الأوراق النقدية والعملات المعدنية، وبما أن اليورو الرقمي سيكون منفعة عامة، فإن ذلك يعني أن الجميع في منطقة اليورو سيكونون قادرين على الدفع به دون رسوم.

وسيتيح المركزي الأوروبي استخدام عملته الافتراضية دون اتصال بالإنترنت، كما لن يكون ثمة إمكانية الوصول إلى البيانات الشخصية ولن يتم حفظها، مما يضمن أعلى مستوى من السرية.

وفي ما يتعلق بالمدفوعات خارج الإنترنت، فإن احترام الخصوصية سيكون معادلا عمليا لما ينطبق على المدفوعات النقدية.

ومن حيث القيمة فستكون مضمونة، إذ أن اليورو الرقمي الواحد سيكون بنفس قيمة اليورو الورقي، وفضلا عن ذلك لن يكون أصلا مشفرا وسيتمتع بخصوصية ضمانه وإدارته من قبل مؤسسة مركزية.

وتستخدم حوالي 90 في المئة من البنوك المركزية في العالم الآن أو تجرب أو تبحث في عملات البنوك المركزية الرقمية.

 

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةاقتصاد أميركا المثقل بالديون موزع بين حربين
المقالة القادمةالملفّات الاقتصاديّة مأزومة ومعلّقة: مقتلنا في حالة الحرب