انتقال الثروة إلى كبار المقترضين

في نهاية 2019 كانت محفظة التسليفات المصرفية للقطاع الخاص تبلغ 89779 مليار ليرة، إلا أنها انخفضت بعد 9 أشهر إلى 68269 مليار ليرة، أي بانخفاض قيمته 21509 مليارات ليرة. وفي الفترة نفسها، انخفضت ودائع الزبائن من 237399 مليار ليرة إلى 211914 مليار ليرة، أي بما قيمته 25485 مليار ليرة.

نجمت هذه الحركة بشكل أساسي عن تجارة الشيكات المتداولة في السوق. فبسبب وجود أسعار صرف مختلفة لليرة مقابل الدولار وحجز الودائع ومنع التحويلات إلى الخارج، نشطت تجارة الشيكات رغبة من المودعين في تهريب أموالهم من المصارف تحسباً لأي اقتطاع. لذا، هناك علاقة واضحة بين تراجع قيمة ودائع الزبائن، وتراجع قيمة التسليفات للقطاع الخاص، حتى بات الانخفاض في قيمة التسليفات يمثّل 84.4% من انخفاض قيمة الودائع.

هناك مستويان لهذا الأمر: كبار المقترضين يشترون الشيكات من المودعين الراغبين في تهريب أموالهم من المصارف ويسددون ثمنها بالسيولة النقدية المتوافرة بين أيديهم. والمودعون يعمدون إلى شراء الشيكات من مودعين آخرين مقابل السيولة النقدية.

على جانب آخر، فإن القطاعات التي سجّلت تدنياً في قيمة قروضها هي على النحو الآتي: 245 مليار ليرة للقروض الزراعية، 2789 مليار ليرة للقروض الصناعية، 4684 مليار ليرة للقروض الخاصة بالمقاولات وتجار البناء، 8612 مليار ليرة للقروض التجارية، و3724 مليار ليرة للقروض الخاصة بالأفراد، منها نحو 2195 مليار ليرة لقروض سكنية.

الفرق بين الهيركات وبين العملية التي تحصل اليوم في السوق، هو المستفيد منها. في عمليات الهيركات، يتم شطب الأموال على جانبي المطلوبات في موازنات المصارف والموجودات بالتوازي مع شطب مماثل في موازنة مصرف لبنان، وبالتالي يخسر المودع القيمة المتوجّبة عليه في إطار الاقتطاع.

لكن وفق العملية الرائجة حالياً في السوق، فإن الاقتطاع يؤثّر في جانبَي الأصول والمطلوبات في موازنات المصارف، إنما يستفيد منه أشخاص آخرون ينتقل إليهم قسم من هذه الأموال المقتطعة لإطفاء قروضهم. ومشكلة هذه العملية أن تمويلها يكون عبر إصدارات النقود بالليرة من مصرف لبنان، وهو ما يزيد نسبة الاقتطاع يوماً بعد يوم، أي أنه يؤجّج الـ«هيركات السوقي» الذي يُمارس بعلم المودعين أو من دون علمهم.

 

للاطلاع على المقال كاملا:

http://www.al-akhbar.com/In_numbers/299610

مصدرجريدة الأخبار - محمد وهبة
المادة السابقةحبّ الله: لإعطاء المصانع المزيد من الإستثناءات
المقالة القادمةاللبنانيون يفقدون الأمل: لا ثقة!