انكشاف خطة الحكومة: مجزرة بحق الودائع والليرة

باختصار، سيكون اللبنانيون أمام مجزرة موصوفة بحق الودائع المصرفيّة، ناهيك عن التدهور الذي سيطال تدريجيًّا قيمة الليرة اللبنانيّة نتيجة خلق هذه الكميّة من النقد بالعملة المحليّة للتعامل مع الخسائر المصرفيّة. مع الإشارة إلى أن أرقام الخطّة تلحظ تحمّل المصارف ومصرف لبنان والدولة معًا نحو 31 مليار دولار من هذه الخسائر، أي ما يقل عن نصف الخسائر الإجماليّة التي تعترف بها الخطّة.

وفقًا للخطة، سيتمكّن أصحاب الودائع التي تقل قيمتها عن 150 ألف دولار من استرجاع قيمة ودائعهم بالدولار النقدي، لكن مع تقسيط هذه الودائع على مدى 15 سنة، بعد أن تم تجميد قيمة هذه الودائع طوال السنتين الماضيتين. ومن المرتقب أن يتكبّد مصرف لبنان كلفة تناهز 25 مليار دولار للتمكّن من سداد قيمة هذه الودائع على هذا النحو، وهي قيمة تتجاوز ضعفي احتياطات مصرف لبنان المتبقية بالعملة الصعبة حاليًّا. ومن غير الواضح حتّى اللحظة مصدر الدولارات التي سيتم استخدامها لسداد قيمة هذه الودائع خلال 15 سنة المقبلة، في ظل تناقص احتياطات المصرف المركزي، وعدم امتلاك المصارف أرصدة وازنة يمكن التعويل لديها في حساباتها لدى المصارف المراسلة.

بالنسبة إلى الودائع التي تتراوح قيمتها بين 150 ألف و500 ألف دولار، فسيتم سدادها بالليرة اللبنانيّة، ووفقًا “لسعر صرف السوق”، من دون أن يتم تحديد المرجعيّة التي سيتم الركون إليها لتحديد سعر الصرف هذا. أمّا الودائع التي تتخطّى قيمتها 500 ألف دولار أميركي، والتي تتجاوز قيمتها الإجماليّة 22 مليار دولار، فسيتم استبدالها بأسهم داخل المصارف نفسها بقيمة 12 مليار دولار، بالإضافة إلى نحو 5 مليار دولار من “السندات الدائمة” المربوطة بأصول الدولة اللبنانيّة. مع الإشارة إلى أن “السندات الدائمة” تمثّل أدوات دين مترتّب على الدولة اللبنانيّة، من دون تاريخ استحقاق محدد، فيما يستفيد حامل هذه السندات من أرباح استثمار أصول معيّنة مملوكة من الدولة اللبنانيّة.

في الحصيلة، وحسب الحسابات التي قامت بها رويترز، من المتوقّع أن يتم توزيع الخسائر على هذا النحو:

– 38 مليار دولار سيتم تحميلها لأصحاب الودائع المصرفيّة.

– 13 مليار دولار سيتم تحميلها لأصحاب المصارف من خلال الاقتصاص من قيمة أسهمهم.

– 8 مليار دولار سيتم اقتصاصها من رساميل مصرف لبنان.

– 10 مليار دولار سيتم تحميلها للدولة اللبنانيّة، من خلال إصدار سندات دين مربوطة بأصولها.

وبذلك، يكون المودعون قد تحمّلوا النسبة الأكبر من الخسائر المصرفيّة، يليهم القطاع العام (الدولة ومصرف لبنان معًا)، وأخيرًا المصارف.

في الوقت نفسه، تنص الخطة على استرداد المصارف للدولارات التي دفعتها كفوائد منذ عام 2015 على الودائع المقومة بالعملات الأجنبيّة، بالإضافة إلى الدولارات التي تم بيعها للمودعين بعد حصول الانهيار المالي عام 2019، على أن يتم سداد قيمة هذه الدولارات بالليرة اللبنانية وبأسعار صرف منخفضة مقارنةً بسعر صرف السوق. ونتيجة أسعار الصرف المجحفة التي سيتم اعتمادها في هذه العمليّة، سيتم تطبيق “هيركات” بنسبة 75% على دولارات الفوائد المدفوعة منذ 2015، بالإضافة إلى “هيركات” بنسبة 40% على الدولارات التي تم تحويلها من الليرة اللبنانيّة إلى العملة الأجنبيّة بعد تشرين الأوّل 2019.

تجدر الإشارة إلى أن قيمة الفوائد التي دفعتها المصارف على الودائع بالعملة الأجنبيّة منذ 2015 تتجاوز 16 مليار دولار، فيما تتجاوز قيمة الودائع التي تم تحويلها من الليرة اللبنانيّة إلى العملات الأجنبيّة منذ تشرين الأول 2019، 35 مليار دولار. وبالتالي، فمن المرتقب أن يتم تحويل أكثر من 51 مليار دولار من الودائع المصرفيّة من الدولار الأميركي إلى الليرة اللبنانيّة بعد تطبيق هذه الخطّة، وبأسعار صرف مجحفة على مدى السنوات 15 المقبلة.

وبذلك، من المرتقب أن تكون الليرة اللبنانيّة الضحيّة الأولى لخطّة الحكومة الماليّة، نتيجة لجوئها إلى مبدأ تسييل الخسائر، أي طبع النقد للتعامل مع أزمة الودائع المصرفيّة وسدادها بالليرة اللبنانيّة. أمّا الضحيّة الثانيّة، فهي المودعون أنفسهم، خصوصًا أن هذه المقاربات تعني ببساطة أن نحو نصف الودائع المصرفيّة سيتم تحويلها إلى الليرة اللبنانيّة، مع اقتصاص نسب تتراوح بين 40% و75% من قيمتها.

 

مصدرالمدن - علي نور الدين
المادة السابقةسعر صرف الـ1500 ليرة باقٍ.. من استفاد؟ ومن تضرّر؟
المقالة القادمةفواتير المولدات الخاصة تتضاعف.. وعقوبات للمشتركين المعترضين