الاعتداءات الإسرائيلية المتتالية على لبنان منذ تشرين الأول الفائت التي تصاعد منسوبها خلال الأيام الأخيرة وتحديداً الغارة أمس على الضاحية الجنوبية، دفعت بالتوقعات إلى التراجع من تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 3% في العام 2024 قبل اندلاع الحرب، إلى انكماش بنسبة 1% مترافق مع جمود اقتصادي حقيقي.
هذا ما كشفه رئيس دائرة الأبحاث الاقتصادية والمالية في بنك بيبلوس الخبير الاقتصادي الدكتور نسيب غبريل عبر “المركزية”، ليُشير إلى أن “هذه الاعتداءات الإسرائيلية العنيفة رفعت منسوب التباطؤ الاقتصادي وانعكست سلباً على الحياة العملية وفق مؤشرات أظهرت إلغاءات عديدة لمناسبات ديبلوماسية واجتماعية، وإرجاء مناسبات ثقافية، وتعليق برامج فنيّة، وإلغاء أو تأجيل استيراد بعض السلع، بالإضافة إلى استمرار عدد من شركات الطيران في تعليق رحلاتها إلى لبنان حتى إشعارٍ آخر…”.
وإذ يُلفت إلى أن “احتدام هذه الاعتداءات الخطيرة، دفع إلى تصويب الاستهلاك على المواد الأساسية وتأجيل شراء الكماليات”، يقول في السياق: لولا اندلاع الحرب في غزة وبدء الاعتداءات الاسرائلية على لبنان في تشرين الأول 2023 لكان النمو الاقتصادي في لبنان بلغ 2% في العام 2023، و3% عام 2024 كما كان متوقعاً… أما اليوم فتبدّلت الأرقام وانقلبت النِسَبب. فكيف الحال مع حدوث التفجيرات المتتالية في 17 و18 أيلول الجاري على الساحة الداخلية، إذ أصبح من المتوقع أن يحقق الاقتصاد انكماشاً بنسبة 1% هذه السنة حتى اليوم مع إمكانية تعديل هذا الرقم وفق التطورات.
يُضيف: جاءت الاعتداءات الإسرائيلية الإجرامية الأخيرة على لبنان عبر تقجير الـPagers والأجهزة اللاسلكية، لتزيد من الخسائر الاقتصادية والفرص الضائعة للاقتصاد اللبناني منذ اندلاع الحرب في غزة والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على لبنان منذ تشرين الأول 2023 التي كان يفترض أن تكون سنة جيداً اقتصادياً لولا الحرب، مع توقع نمو بنسبة 2%.
ويفنّد غبريل كيفية تبدّل الواقع الاقتصادي على النحو الآتي:
– تراجعت الإيرادات السياحية 30% وانخفض عدد السياح بنسبة 24% في الفصل الرابع من العام 2023. مع تراجع في الحركة السياحية بنسبة 48% فعلياً في الأشهر الستة الأولى من العام 2024 مقارنةً بالفترة ذاتها من العامين 2022 و2023.
– حقّق الاقتصاد نمواً بنسبة 1% السنة الماضية بدل 2% كما كان متوقعاً.
– تراجع الاستهلاك مع بقائه محصوراً إجمالاً بالمواد الاستهلاكية الأساسية.
– توقع تراجع الاستيراد في الـ2024 مقارنةً بفاتورة الاستيراد في الـ2023.
– توقع تراجع الإيرادات السياحية المباشرة مقارنةً بإيرادات بلغت 5.4 مليار دولار في الـ2023.
– تراجع عدد الوافدين من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت بنسبة 40%، وارتفاع عدد المغادرين بنسبة 24% في آب شهر ذروة الموسم السياحي.
– جمود الاستثمارات التي فضّلت الترقب وانتظار ما سيحدث في الفترة المقبلة. لأن الاستثمار الجديد يتطلب استقراراً ووضوحاً في الرؤية المستقبلية.
– نزوح 112 ألف مواطن جنوبي، وتقلص الحركة التجارية 80% في الجنوب، تدمير 12 محطة مياه كلياً أو جزئياً، شلل شبه تام في الحركة المدنية بالإضافة إلى حجم الدمار في معظم القرى والبلدات المتاخمة للحدود، وبالتالي انكماش اقتصاد الجنوب بنسبة 10 في المئة… ولهذه الوقائع تداعيات على الاقتصاد اللبناني ككل، فاقتصاد الجنوب يشكّل 12% من الناتج المحلي الإجمالي وبالتالي لا يمكن فصل الوضع الاقتصادي والتجاري في الجنوب عن أداء الاقتصاد في باقي المناطق اللبنانية، إذ إن التداعيات على عامل الثقة وبالتالي على الحركة الاقتصادية، تشمل كل لبنان.
إذاً، يختم غبريل، “يمكن تقدير الفرص الضائعة على الاقتصاد اللبناني لغاية اليوم، بخسارة نسبة نمو تبلغ 5% في الـ2023 والـ2024″، من دون أن يغفل الإشارة إلى أن “البلاد دخلت منذ بداية هذا العام في مرحلة ضبابية حيث لا أحد يعلم متى تنتهي الحرب، وما إذا كانت ستتوسّع لتصبح حرباً شاملة أو….غيرها من التطورات”.