بطيش: كذب ونفاق الاعتراف بخسارة 73 مليار دولار… والادّعاء زوراً أنها كانت لتمويل الدولة

يحذر الوزير السابق والمصرفي والخبير الاقتصادي منصور بطيش من مرور ترويج فكرة أنه لا يمكن المساءلة والمحاسبة بحجة أن النظام مركب للإفلات من العقاب، مؤكداً أن للأزمة أسباباً معروفة، وهناك من تسبب بها ومعروف بالإسم والعنوان. ويقدر الخسائر بنحو 178 مليار دولار وليس 60 ملياراً فقط كما تحاول خطة الحكومة القول. ويرفض بطيش، في حوار مع «نداء الوطن»، رفضأ باتاً المساس بحقوق المودعين، كما يندد بكذبة أن الأموال صرفت على الدولة والناس، مطالباً بتدقيق يقف معه وبعده الجميع عند مسؤولياتهم الجسيمة. إلى ذلك، يحذر من الإمعان في المناكفات والحرتقات السياسية التي لا تبني وطناً، بل تزيد تعقيدات الأزمة وتفاقم تداعياتها على الجميع. وفي ما يلي نص الحوار:

ما رأيك بمَقولة ان النظام اللبناني مُرَكّب بطريقة تسمح بالإفلات من العقاب؟

هذه المَقولة غير صحيحة؛ وفي أسوأ الاحتمالات، إن صَحَّت، وأُكَرِّر أنّها لَيسَت صحيحة، هَلْ النظام مُنزَل؟ مع الأسف تُستخدَم لتبرير عَدَم المُساءَلة وبالتالي التَهَرُّب من المُحاسبة والافلات من العقاب.

نظامنا قائم على فَصل السلطات ويحقّ لنا ان نسأل ماذا فعلتْ كُلّ السلطات، فَمثلاً ماذا فعل طوال هذه السنوات المُدّعي العام المالي؟ وماذا فعل مفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان ؟ فضلاً عن وزير الماليّة الذي عليه أن يطلب سنويّاً الوضعيّات الماليّة لمصرف لبنان وفقاً للمادة 117 من قانون النقد والتسليف.

نحن امام تبريرات مِثل أنَّ النظام مُركّب للافلات من العقاب نتيجة مُمارسات بعض السياسيّين المانعة للمحاسبة او أقَلّه المُعرقلة لها، وهذا ما شهِدناه ولا نزال في المَرحَلة الماضية وخُصوصاً في خِلال السنوات الثلاث الأخيرة. من هنا، وُجوب تغيير الذهنيّة وتعديل المُمارسات ولَيس بالضرورة النظام. هي الممارسات السيئة التي تمادت وتناسلت وتراكمت مع الوقت نتيجة سيطرة ثُلاثيّة اللاكفاءة والفساد والادعاء الفارِغ، ظَلَّلت اقتصاد الريع والسياسات الفاشلة.

الفَرق كبير بين النظام والنموذج. نظامنا المُرَكّب كان يمكن الاستفادة من ايجابيّاته لَو أحسَن المسؤولون التعاطي في السياسة والاقتِصاد والمال والنَقد والاجتماع، لكن الفشَل كان ولا يزال على كُلّ الاصعِدة. مع العِلم بأنّني شخصيّاً مع العَلمنة الكامِلة والشاملة ومع وحَصر الحديث عن الأديان في الكنائس والمساجد فقط، لتُصبح المُواطَنة هي المعيار الوحيد في دولة القانون والمؤسّسات.

ثَمّة من يقول أن المُساءلة والمُحاسبة إن حصَلت، فانَّها لا تأتي إلّا بمليارات قليلة مِن كَمّ هائل من الخسائر، وانّها لا تستَحقّ كُلّ ذلك العَناء، فما رأيك؟

القضيّة مبدئيّة وهي تؤشّر إلى احترام القانون ومؤسسات الدولة. المُحاسَبة ليست للمقايضة والمتاجرة. ما مِن بنك مركزي في العالم يشطب خسائره على النحو الذي يريدون فعله. انها جريمة إضافيّة تُرتكب بحَصر الحديث بخسائر الـ 73 مليار دولار فقط، التي هي خسائر مصرف لبنان والتي هي غَير ديون الخزينة أيّ الدَين الحُكومي. لا يجوز الخَلط المَقصود لتغطية السماوات بالقَبوات. إنَّهم يحاولون طَمس خسائر مَصرِف لبنان التي جرى إخفاؤها عمداً بتسجيلها كموجودات لَدَيه وباستعمال أموال المودعين، وهذه جريمة ماليّة أُخرى.

ولتفصيل ذلك، لَدينا الدَين العام الحُكومي المُسجّل في وزارة الماليّة والبالغ 100 الف مليار ليرة بالعملة الوطنية و 39 مليار دولار مُعظمها يوروبوندز (بالعُملات الأجنبيّة). مُجمَل قيمة ذلك الدَين العام الحُكومي بعد «الهيركات» على سندات اليوروبوندز وانهيار سعر صرف الليرة وصولاً الى دولار بنحو 25 الف ليرة، تهبط من نحو 105 مليارات دولار (على أساس سعر 1500 ليرة للدولار) الى ما يوازي حاليّاً 12 مليار دولار فقط. فيكون قد جرى شَطب ما يوازي 93 مليار دولار من الدَين العام الحُكومي، هي عَمليّاً شفط من جُيوب الناس وتخفيض كبير لمستوى معيشتِهم.

وبالاضافة إلى ما تَقَدّم، تَكَشَّفت خسائِر مصرف لبنان البالغة 73 مليار دولار التي يُسَمُّونها خسائِر القِطاع المالي والتي يتحَدَّثون عن إطفاء مُعظمها مِن ودائع الناس. وتَجدُر الاشارة إلى أنّ عِدّة تقارير صادرة عن جهات ومراجِع دوليّة رسميّة متخصِّصة كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، انتقدَت هذه المُمارسات، آخِرها تقرير الأمم المتحدة الذي اعتبر ما جرى ويجري في لبنان مِن قِبَل الدولة ومصرفها المركزي انتهاكاً صارِخاً لحقوق الانسان وتفقيراً مُتَعمّداً للسُكّان.

ولا يُمكن تصحيح الوَضع إلّا تدريجيّاً باستعادة الثقة وبالتالي لا يُمكن وضع الاقتصاد على خارطة التعافي والنمو المُستَدام قبل معرفة اسباب السُقوط بشكل علمي لا شعبوي. والكلام موَجَّه خُصوصاً الى مصرف لبنان ووزارة الماليّة، ومن يُغطّي مصرف لبنان من سياسيّين ومسؤولين. كما يَشمل كل مَن يحاول تغطية الجريمة المُتمادية، ولا نعني واحداً بعينه. لدَينا مسؤولون في البنك المركزي ومسؤولون آخرون تنتابهم نَوبات من العظمة والجنون والإنكار والأنا المتضخِّمة. إلى مَتى؟!

إذا ما جمَعنا الأرقام يُصبح إجمالي الخسائر راهِناً ما لا يَقِلّ عن 178 مليار دولار، هي مجموع 12 ملياراً ستبقى ديوناً على الخزينة، و93 مليار دولار تشطب بانخفاض سعر العملة الوطنيّة والهيركات على اليوروبوندز، و73 مليار دولار خسائِر مصرف لبنان التي ينحَصر الحديث بها في الوقت الراهن. يجب مُصارحة الناس بكُلّ هذه الحقائق ولَيس بجُزءٍ منها، وعدم تبسيط الأمر بترويج شَطب 60 ملياراً فقط من خسائر مصرف لبنان، وكأننا وصلنا الى الحَلّ السِحري. خُلاصة القَول أنَّ الأموال تبدَّدت، لكن لا يمكن القبول بِترويج فكرة أنّ حقوق الناس قد طارت أو تَبَخَّرَت. يُفتَرض الاعتراف بان مُعظم أموال الناس تبدَّدت وَصُرِفَت، لكن الحقوق لا تتبخّر ولا تُشطَب. صحيح أن قُرابة 80% من الودائع بالعُملات الاجنبيَّة لَم تَعُد موجودة، بَيدَ أنه لا يمكن اسقاط حقوق المودعين الذين وثِقوا بالمسؤولين عن السياسات الماليّة والنقديّة فاكتشفوا أن هؤلاء بالذات هم من استَباح هذه الحقوق.

نكرّر وبإلحاح أنه لا يوجد بنك مركزي في العالم يشطب خسائر على النحو الذي يحاولونه، ولا يمكن العيش بجنون الانكار الذي يكبدنا أثماناً باهظة، ولا يمكن النهوض بالإقتصاد قبل معرفة أسباب السقوط. الإنهيار لم يحصل بالصدفة، انه من صنع بشر لهم أسماء وعناوين. كما أن الاستنهاض يحتاج نساءً ورجالاً، ولا يجوز إيلاء مهمة الاستنهاض الى المتسبِّبين بالانهيار.

كيف يمكن قبول هؤلاء ضمن فِرَق الحلول؟ الأجدى، مساءلتهم ومحاسبتهم وعدم تركهم بأماكنهم كأنَّ شيئاً لم يكُن.

تلقّت جمعية المصارف كتاباً من مصرف لبنان يقر بوجود شهادات الإيداع، وأن لها استحقاقات ستحترم، مع امكان ردِّها بالليرة اللبنانية. كما لو أن مصرف لبنان لا يعترف بالخسائر، فما تعليقك؟

انه ذرّ للرماد في العيون. أولاً، من قال إن القانون يسمح بذلك؟ وثانياً، هذا ليس الحقّ بتاتاً. وقبل ان نصل الى حلول غير واقعية كهذه، يجدر السؤال عن الأموال وكيف تبدَّدت. انها المساءلة والمحاسبة، ولا حياد عنهما اذا اردنا اعادة لبنان على أسس سليمة. والعدالة لا تتجَزّأ.

لكن الجميع يحاول الاتفاق على أن الأموال صُرفت على الدولة والناس ولا جدوى من المساءَلة، ألا تتّفِق مع هذا القَول؟

لا يمكن القبول بكذبة ان الأموال صرفت على الدولة والناس كما يحاولون القَول. لذا، لا بدَّ من التدقيق ليقف كل واحد عند مسؤوليّاته بعيداً عن التَعميات. فقول أو زعم أن مبلغ الـ 73 مليار دولار قد استعمل لتمويل حاجات الدولة والعجز في حساباتها، فهذا كذب ونفاق، وإلا فليكشفوا عن الحسابات، وليُصر إلى التدقيق في هذه الحسابات لاظهار الحقائق.

لماذا لم يأت الاتفاق مع صُندوق النقد الدولي على ذكر المساءلة والمحاسبة؟

لا علاقة مباشرة لصندوق النقد الدولي بذلك. إنها مسؤوليتنا نحن اللبنانيّين. ليس من مَهام الصندوق التحوُّل الى قاض في لبنان. ومع ذلك، طلب الصندوق تدقيقاً في مصرف لبنان، ووضع شرط تعديل قانون السرِّية المصرفيّة وبدء تحقيق في الجرائم المالية وصولاً إلى استرداد أصول.

لماذا يغيب عن خطّة الحكومة الإطار الاقتصادي؟

للإقتصاد 3 مرتكزات أساسيّة، أو ما ما يسمى بثلاثيّة الثبات: الانتاج والطاقة والنقل. طالما نحن في اقتصاد غير مُنتج، وطالما لا حلّ جذرياً واضحاً لقضية الطاقة، وطالما لم نجد حلّاً للنقل يوفّر مليارات تُهدر… ستبقى المشكلة وتتراكَم تعقيداتها، مشاكل لا ينفع معها شطب بعض الديون والخسائر.

المرتكزات التي ذكرناها لا يحميها الا القضاء العادل الفاعل، والأمن والأمان وليس الأمن القسري. ونسأل: هل نحن في رحاب قضاء عادل فاعل؟ هل نحن في اقتصاد منتج؟ هل أولَينا قطاع النقل الإهتمام الذي يستحقّ لوقف هدر المليارات؟ هل نحن في لبنان، سياسيّون وإداريّون التزمنا بخطة كهرباء لتنفيذها سريعاً وكما يجب؟ أم لا نزال ممعنون في المناكفات والحرتقات؟…

كيف يمكن استرجاع جزء من اموال الناس من دون اعادة بناء الاقتصاد على أسس الانتاج سلعاً وخدمات خُصوصاً تلك التي لها قيمة مضافة عالية؟

للمثال، راكم لبنان عبر تاريخه مخزوناً من الذهب بفضل اقتصاد كان قِبَل بداية الحرب عام 1975، منتجاً للمواطنين وللدولة، وذلك على فترات تحقّقت خلالها فوائض سمحَت بشراء ذلك المخزون الذي هو قرشنا الأبيض لهذه الأيام الصعبة والعِجاف. الآن، نحن بحاجة إلى اقتصاد يحقق فوائض تسمح برَدّ معظم حقوق الناس وتحديداً حقوق المودعين. لكن لا انتاج ولا فوائض في ظل مناكفات سياسيّة، وقضاء غير فاعل، وأمن غير ناجز لا يوَلّد أماناً مستداماً. كُلّ ذلك، عند توافره، يشكّل بيئة حاضنة لانتاج السِلع والخدمات ذات ميزات تنافسيّة. والأهمّ ممّا سبق ذكره هو أن أي مشروع اقتصادي يحتاج الى احتضان سياسيّ إن لم نقل حماية سياسيّة. أين نحن من تلك الحماية في ظل انتشار سياسات شعبويّة تبثها كل الفئات، وهنا لا أستثني أحداً.

بالعودة الى الودائع، ألا يمكن طلب تضحيات من المودعين لا سيما الكبار منهم؟

حقوق المودعين، كُلّ المودعين، لا تسقط. ودائع الناس في المصارف جرى إيداع معظمها في مصرف لبنان الذي بدَّدها وأساء استِخدامها وأساء الامانة فيها. وهنا أعيد وأكرِّر إلزاميّة المساءلة والشفافيّة، بالاضافة الى ضرورة تجلّي الوضوح في الرؤية. إن استرجاع معظم الودائع يحصل ضمن اطار خطّة تعاف مالي اقتصادي واجتماعي مَحمي بِمشروع سياسي متكامل. لم نَصل بعد الى ذلك الهدف طالما أجواء المناكفات مستمِرّة.

لذا تراهم يهربون الى فكرة انشاء صندوق سيادي وتناول مسألة الغاز في البحر. ماذا يعني انشاء صندوق؟

علينا ان نحدد اهدافه وكيفية ضمانة عائداته وتأمين حسن ادارته. انا لست ضد فكرة الصندوق بالمُطلق لكن الاهداف يجب ان تكون واضحة كي لا يُصار إلى عملية نَهب مقوننة وتُشفط الثروة الوطنيّة الغازيّة مِثلما طَيّروا مُدّخرات الناس. فالعِبرة في التنفيذ لكن على أيدي مَن؟

خسائر مصرف لبنان من 73 إلى 78

ثم إلى 80 مليار دولار

عن تقدير الخسائر الشهرية الإضافية، يقول الوزير بطيش: «هناك خسائر إضافية بين 450 الى 500 مليون دولار شهرياً. ما يعني ان خسائر مصرف لبنان وصلت إلى أكثر من 73 مليار دولار تُضاف اليها خسائر (هيركات) على سندات اليوروبوندز التي بحوزة البنك المركزي وقيمتها الإسمية 5 مليارات دولار، اما قيمتها الفعلية السوقية اليوم فهي أقل من مليار دولار. لذا سترتفع الخسائر الحالية للبنك المركزي الى 78 ملياراً. ومن الآن حتى البدء الفعلي بتنفيذ الخطة، قد نصل الى حَجم خسائر لَديه بقيمة 80 مليار دولار. والحَبل على الجرّار».

أخذ الأمور «ع القطعة» خطأ جسيم… المطلوب مشروع سياسي اقتصادي متكامل

كيف لنا أن نتحلى بالأمل في ظل هكذا أوضاع؟ سؤال يتوقف عنده الوزير بطيش ملياً ليقول ما يلي:

«الأمَل يجب أن يرتكز على أسُس واضِحة، على بُنيَة تَحمِل مَشروعاً متكامِلاً (أحزاب، نَقابات، مُجتَمَع مَدَني)، ولَيسَ على فَراغ. الفرق كَبير بَين الاستِعراض والجَدوى. كُثيرون تحَدّثوا عن الوَضع الاقتِصادي ولا يَزالون، إنَّما لا حُلول اقتِصاديّة الطابَع فقط، بمَعزِل عَن السياسة والاجتِماع. كَمْ مِن السِياسيّين ومن التَنظيمات السِياسيّة، طَرَحوا المَواضيع مِن هذا المِنظار ومِن خِلال هَذه المُقارَبة؟

البَلَد مُنهار مُنذُ ثلاث سَنَوات، الليرة فَقَدَت 95% مِن قيمَتِها. مِن أصل خسائِر مصرف لبنان البالغة راهِناً قُرابة 73 مليار دولار، يُريدون تحميل الناس أكثر من 60 مليار دولار بعَمليّة شَفط مِن مُدَّخَراتِهم، بعد أن تحَمَّل اللبنانيّون ما يزيد عن 60 مليار دولار أُخرى إفقاراً بمَعاشاتِهم وانخِفاضاً بقيمَة ودائعِهم بالليرة. ولا نَزال بِدون أُفق».

ويضيف: «لا يُمكن القُبول بأخذ الأمور «ع القطعة»، لأن المَطلوب مَشروع سياسي اقتصادي اجتماعي مُتكامِل، والانتِخابات كان يجب أن تجري على هذا الأساس، لكِن للأسَف جَرَت خلاف ذلك. نَحنُ بحاجة إلى علاقة صحيحة بين الأفكار وتَنفيذها، والاعتِراف مِن قِبَل الجَميع بالتَوازُنات الجَديدة، وبالتَواضُع بالسياسة، للبِناء على المُشتَرَكات وبالتَفاهم على الحُلول الاقتِصاديّة الاجتماعيّة».

ثم يسأل: «إنْ رَضي مُعظَمُهُم بالعَناوين فهَلْ سَيَتوافقون على التفاصيل؟ وكَيف يُريدون إعادة أموال الناس، بأيّ آليّات؟ وهَل سَيَبقى دَور الاوليغارشيّات فاعِلاً إن لَمْ نَقُل طاغِياً؟ أسئلة بديهيّة لكن الجواب علَيها لا يزال غامِضاً».

لا مجال للتفاؤل كثيراً

هل الوزير بطيش متفائل أم متشائم؟

يفكر ملياً ثم يؤكد أن ذلك متعلق بالآتي: «حَسب من يكون رئيس الحكومة، وهل هناك مشروع لاستنهاض الاقتصاد وزيادة الانتاج والاستثمار فيه، واعطاء الأمان والأمن والثقة على ضوء خارِطة النمو الحقيقي المستدام… لا أرى كل ذلك حالياً. والأنكى هو شطب أموال الناس من دون مُساءلة أو مُحاسبة وحلول اقتصاديّة ماليّة واضحة المعالِم. فمَثلاً ماذا يقترحون لخفض العجز التجاري من جهة ولتصفير العجز في المالية العامة من جهة أُخرى؟ لماذا لا يطرحون إعادة النظر في نظام الضرائب على الدخل على اساس الضريبة التصاعديّة والصحن الضَريبي المُوَحّد للأسرة، ليُصبح اكثر عدالة وكفاءة وبما لا يمسّ أصحاب الدَخل المحدود، وهذا ما طالَب به صُندوق النَقد الدَولي»؟

شعارات جذابة وتطبيقات تعج بالمخالفات

الوزير بطيش ليس ضد الخطة الحكومية المبنية على الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، «لكني ضد اساءة استخدام الخطة». ويضيف: «لنا أسوة بما حصل سابقاً من ممارسات سيئة تحت عناوين جيدة، مثل القروض المدعومة، والقروض السكنية… المشكلة تكمن في شعارات جذابة تنحرف الى تطبيقات تعجّ بالمخالفات. لذا نحن لسنا ضد انشاء صندوق سيادي لحسن ادارة موجودات الدولة، لكننا حتماً ضده إذا تحوّل لخدمة فيدرالية طوائف، او تحوّل الى ما يشبه مغاور وكهوف للمذاهب ولبعض النافذين».

لا تصدقوا كلمة ممن كان بين مسببي الأزمة

يسأل الوزير السابق منصور بطيش كيف يمكن تصديق تصريحات مسؤولين لبنانيين هم بين مسببي الأزمة والإنهيار؟ ويقول: «مما أشار إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن تشخيص الأزمة اللبنانية أنها كانت عبارة عن مخطط احتيالي (بونزي سكيم). والأمر عينه قاله الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش. هذا بالإضافة الى تقارير دولية ابرزها لصندوق النقد والبنك الدوليين. كما أن تقريراً صادراً عن الأمم المتحدة تحدث عن انتهاك لحقوق الإنسان في لبنان وافقار متعمد لسكانه». ويضيف بطيش: «هل نكذب كل هذه الجهات الدولية لنصدق تصريحات تبريرية كاذبة لمسؤولين لبنانيين هم جزء أساسي من الأزمة وأسبابها؟ هل نكذب التقارير والجهات المحايدة الرسمية منها والخاصة ونصدق من أوصل البلاد إلى هذه الهاوية»؟

كما في 31 آذار/ مارس الماضي

موجودات ومطلوبات المصارف اللبنانية بالعملات الأجنبية

موجودات المصارف، دفترياً، بالعملات الأجنبية: نحو 115 مليار دولار موزعة كالآتي:

توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان: قرابة 87.5 مليار دولار.

11.15 ملياراً رصيد متبقّ من التوظيفات الإلزامية (احتياطي)، بالإضافة الى 4.2 مليارات هي القيمة الدفترية راهناً، لاكتتاب مصرف لبنان بـ 5.3 مليارات سندات يوروبوندز بعد تنزيل المؤونات المكونة بالفارق، بالإضافة إلى نحو 72.17 ملياراً لم تعد موجودة (فجوة، أي خسائر توازي 72% من ودائع الناس).

سيولة المصارف في الخارج: 5.77 مليارات دولار: 4.13 مليارات لدى المصارف المراسلة بالاضافة الى 1.11 مليار لدى المصارف المركزية، بالإضافة الى 524 مليوناً عبارة عن أوراق مالية أجنبية.

القيمة الدفترية لاستثمارات المصارف في الخارج: 2.71 مليار دولار.

صافي توظيفات المصارف في سندات اليوروبوندز: 4.45 مليارات دولار هي القيمة الصافية راهناً (نحو 10 مليارات القيمة الإسمية يطرح منها 5.45 مليارات مؤونات مكونة لتاريخه).

صافي التسليفات بالعملات الأجنبية للقطاع الخاص اللبناني: 12.85 مليار دولار.

صافي التسليفات بالعملات الأجنبية لنشاطات خارج لبنان: 1.58 مليار.

ملاحظات:

بلغ حجم التسليفات للزبائن بالعملة الوطنية 18.69 ألف مليار ليرة لبنانية.

توظيفات المصارف بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان والبالغة 87.52 ملياراً: 13% منها إلزامية مقابل 74.52 ملياراً حرة، وهي جميعها من ودائع الناس بالعملات الأجنبية.

إنخفضت موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية الى 12.2 ملياراً، منها 1.13 مليار قيمة حقوق السحب الخاصة التي حصل عليها لبنان من صندوق النقد الدولي، أي أن الصافي كان 11.15 مليار دولار بنهاية آذار الماضي

***

مطلوبات المصارف بالعملات الأجنبية: نحو 115 مليار دولار موزعة كالآتي:

ودائع الناس بالعملات الأجنبية تبلغ نحو 100 مليار دولار، منها 22.19 ملياراً لغير المقيمين. (مقابل 40.9 ألف مليار ليرة ودائع للزبائن بالعملة الوطنية).

صافي التزامات المصارف بالعملات الأجنبية تجاه القطاع المالي المقيم: 573 مليون دولار.

التزامات المصارف تجاه الخارج: 4.57 مليارات بالإضافة الى 110 ملايين عبارة عن أوراق مالية، والإجمالي يبلغ 4.68 مليارات دولار.

أموال خاصة للمصارف بالدولار: قرابة 9.24 مليارات دولار.

مصدرنداء الوطن - منير يونس
المادة السابقةبئس صندوق لأصول الدولة على شاكلة “إنترا”… ومفاسدها
المقالة القادمةتهريب الودائع إلى “سوليدير”مستمر وأسهمها تقفز… “لولارياً”