قبل نحو أسبوعين، تابعت «الأخبار» ملف التعدي على الأملاك العامّة التابعة لبلديّة بيروت وتحويل صاحب مولدات اشتراك حديقة في منطقة الأشرفية، مقابل «سنتر سوديكو سكوير»، إلى «عقار خاص» وضع فيه مولّداته. وفي 20 آب الماضي، وجّه محافظ بيروت، القاضي مروان عبود، كتاباً إلى مصلحة المؤسسات المُصنّفة في البلدية، أشار فيه إلى أنّ صاحب المولّدات «وضع مولدات مع خزانات مازوت في الأملاك العامّة للبلدية من دون ترخيصٍ قانوني»، ولم يمتثل للإنذار الموجّه إليه بإزالة الإشغال أو التقدّم بطلب الاستحصال على ترخيص قانوني، كما «تخلّف عن تسديد رسم إشغال الأملاك العموميّة»، وطلب «ختم المولدات بالشمع الأحمر».غير أن كتاب عبود، على ما يبدو، «نام» كالعادة، مع القرارات المماثلة، في «سراديب البلديّة». فبعدما تحرّك فوج حرس العاصمة لتنفيذ القرار، أرسل صاحب هذه المولّدات رسائل نصيّة إلى المشتركين نهاية الشهر الماضي، يُبلغهم فيها أنّه سيقطع التيار الكهربائي بسبب قرار المحافظ.
بعض سكّان المنطقة ممن اشتكوا سابقاً إلى البلديّة جراء الإزعاج والتلوّث اللاحق بهم اعتقدوا بداية أنّ هذه الرسائل هي بداية النّهاية السعيدة لمشكلتهم، إلا أنّ الأمر لم يكن كذلك. إذ إنّ صاحب المولدات فعّل من خلال الرسائل «غضب» المشتركين الذين حضّهم على الاحتجاج لدى البلديّة بذريعة أن إزالة المولدات ستحرمهم من الكهرباء، قبل أن يقوم بمنع عناصر الحرس من تنفيذ القرار تحت ضغط «رفض المشتركين».
فعلياً، عرف الرجل كيف «يُمسك» البلديّة من «اليد التي تؤلمها»، ما دفعها إلى التنازل والبحث عن حلّ «حل وسط» يبقي على المولّدات في الحديقة العامّة مقابل تركيب فلاتر للتخفيف من التلوّث، وهو ما حصل. غير أن مصادر السكان أكدت أنّ «الفلاتر التي تم تركيبها عبارة عن أنابيب حديدية فارغة، لا تعمل على خفض السموم المنبعثة من المولدات»، فيما لم تعمد البلديّة إلى التأكد من مواصفات الفلاتر.
وعليه، لم تنهِ البلديّة الأزمة فعادت إلى تلقّي الشكاوى من قبل جمعية مالكي «سوديكو سكوير» (نحو 100 شخص)، بعدما تحوّلت المولّدات إلى أمرٍ واقع فُرض على المنطقة بحجّة قطع الكهرباء عن المشتركين، في حلقة من مسلسل التعديات على الأملاك العامّة والخاصّة في بيروت، حيث تترك البلدية أصحاب المخالفات يتوسعون في تعدّياتهم وتعجز عن مواجهتهم بعد أن تتحوّل تعدّياتهم إلى أمر واقع فيستحيل قمعها أو إزالتها.