بورصة الزجاج والألومنيوم تتحكم بالمتضررين: الدفع بالدولار نقداً

يتقدم الحديث عن الزجاج والألمنيوم على ما عداه حاليا في يوميات المواطن اللبناني، جراء زيادة الطلب على هاتين المادتين، بعد الأضرار الجسيمة الناجمة عن الانفجار التدميري في مرفأ بيروت، والذي تسبب بدمار هائل في قطر بلغ محيطه 15 كيلومترا مربعا.

تفاوتت حجم الأضرار، وكان الحد الأدنى منها تحطيم الزجاج وواجهات الألومنيوم في مسافة بعيدة من موقع الانفجار.

خسائر باهظة، وأضرار لابد من مباشرة إصلاح الحد الأدنى منها، كتركيب زجاج في الوحدات السكنية الصالحة للسكن وغير المدمرة كليا.

ولا مفر أمام المواطنين من مباشرة التصليحات الضرورية، بصرف النظر عن انتظار التعويضات من الدولة اللبنانية عبر الهيئة العليا للإغاثة، التي عهدت بدورها الى الجيش اللبناني مهمة معاينة الأضرار.

في اليوميات اللبنانية سؤال جديد يضاف الى «كم سعر الدولار اليوم؟» هو عن «بورصة الزجاج والألومنيوم»، التي شهدت ارتفاعا غير مسبوق في الطلب عليها، ترافق مع ارتفاع الأسعار، واشتراط فرق الصيانة والمعامل التي تؤمن هاتين المادتين تحصيل العائدات بالدولار الأميركي، وبالحد الأدنى بسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء.

قبل الدخول في التفاصيل، تشهد معامل الزجاج، التي تتولى تصنيعه عبر أفران خاصة بعد استيراده من الخارج، ضغطا من المتعهدين والمعلمين الذين يلبون طلبات الزبائن.

وفي هذا الإطار، يقول شيراد الهق ابن بلدة الهرمل في البقاع الشمالي والذي يدير ورشة كبرى لتعهدات الزجاج والألمنيوم في منطقة الجديدة في ساحل المتن الشمالي، على المدخل الشمالي للعاصمة بيروت لـ «الأنباء»: «نعمل بطاقة كاملة على مدار 16 ساعة يوميا، لتلبية طلبات الزبائن المتضررين، بإجراء تصليحات سريعة لما تحطم.

أما ألواح الزجاج فتحتاج الى شهر من تاريخ طلبها، للحصول عليها من المعامل، علما أن نسبة الطلب من الزبائن لم تتخط 5%، ذلك فإن كثيرين ينتظرون البت بطريقة التعويضات، للقيام بتصليحات بعد ضمان توافر المال من الحكومة.

أما الأسعار فهي وفق حركة الطلب الكثيفة، علما أنني ألبي طلبات زبائني، ولا أتطلع الى تحقيق أرباح ممن اعتادوا التعامل معي منذ أعوام. الضغط كبير، والواقع مؤلم، وأتحسس مع الناس، مع الإشارة إلى أن البضائع لم تكن متوافرة بأسعار شعبية سابقا».

البورصة الخاصة بالمادتين، دفعت بوزيري الاقتصاد والتجارة والصناعة في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة وعماد حب الله الى إصدار قرار مشترك حددا فيه تناول ضبط أسعار المادتين، بتحديد سعر المتر المربع للألمنيوم مع زجاج أبيض عادي سماكة 6 ملليمترات بـ750 ألف ليرة كحد أقصى.

أما سعر المتر المربع من الزجاج المزدوج المعروف بـ «دوبل فيتراج»، فبلغ 900 ألف ليرة. وترتفع الأسعار وفق نوعية الزجاج وسماكته وألوانه، ما يجعل من الصعوبة بمكان تحديد سعر موحد.

من جهته، لخص بطرس عبود، أحد كبار متعهدي تنفيذ الألمنيوم والزجاج، المشكلة لـ «الأنباء» متحدثا «عن غياب الدعم الحكومي للأسعار».

ورأى أن القرار الصادر عن كل من وزيري الاقتصاد والصناعة «ثبت الأسعار التي اعتمدناها قبل وقوع الانفجار والبالغة 105 دولارات أميركية للمتر المربع من الزجاج والألمنيوم، بينما المطلوب تقديم لائحة أسعار مدعومة على سعر صرف الدولار بأربعة آلاف ليرة مثلا، أسوة بالسلة الغذائية».

وأشار الى ارتفاع الأسعار بنسبة 20% «في اليوم التالي لوقوع الانفجار، مشترطين (التجار) نيل المبالغ نقدا وبالدولار الأميركي، أو بالاحتفاظ بفارق مرتفع عن سعر الصرف في السوق السوداء. وقد بادرت زبائني وغالبيتهم يقطنون في المناطق المنكوبة، الى التريث لتبيان الدعم الحكومي من عدمه.

الا أنني أعمل بطاقة كاملة لتلبية من يريد حصر أضراره كتأمين أقفال غرفتين في منزله مثلا لوضع أغراضه فيها، فيختار طوعا دفع مبلع ألفين أو ثلاثة آلاف دولار أميركي، ما يوازي ثمن قطعة واحدة في منزله».

وتابع عبود «المشكلة في الزجاج الذي نعتمد على استيراده كاملا من الخارج ولا نصنعه في لبنان، خلافا للألومنيوم الذي تتوافر عدة مصانع له في مناطق مختلفة من لبنان تتوزع بين نهر الكلب (كسروان) ونهر ابراهيم (جبيل) وزحلة والشويفات».

أما م.نزيه خيرالله الذي أصيب جراء الانفجار أثناء تواجده في منزله الكائن في الأشرفية (شرق العاصمة) قرب كنيسة القديس ديمتريوس الشهيرة، فتقدر أضرار الألومنيوم والزجاج في شقته الواقعة في أحد الأبنية الحديثة بعشرات آلاف الدولارات، ما قد يوازي سعر شقة صغيرة في ضاحية بعيدة من العاصمة. ويؤكد لـ «الأنباء» أن «هناك استغلالا كبيرا للمأساة من قبل متعهدي الألومنيوم والزجاج.

ولكن، من جهتي، لا يمكنني أن اترك بيتي مفتوحا، ولا أثق كثيرا بموضوع الإغاثة، لذا فضلت أن ألزم ورشة التصليح فورا ولو على السعر الغالي. وقعت عقدا مع تاجر قوي، عنده كميات كبيرة من الألومنيوم وعلاقات مع تجار الزجاج، ووعد بأن يتم التركيب بعد أسبوعين».

وتحدث خيرالله عن تسعيرات الالومنيوم «التي تختلف أيضا بحسب النوعية والقياس والاكسسورات»، مشيرا إلى أن «الأكثر استعمالا اليوم هو الـ sidem2000 وسعر المتر يتراوح بين الـ 110 والـ 180 دولارا».

من جهته، انتقد الصحافي عباس صالح القرار الصادر عن الوزيرين، متناولا إضافة نسب الأرباح بعد التركيب. وفي حساب بسيط لأضرار شقة متوسطة الحجم، رأى أنها «تحتاج إلى 25 مترا مربعا من الزجاج والألمنيوم، مقدرا الكلفة الأدنى بـ 30 مليون ليرة، وسأل عن أضرار المحال التجارية ذات الواجهات الزجاجية الضخمة، والأبراج التجارية».

 

مصدرجويل رياشي - الأنباء
المادة السابقةعلى خطى أريتريا.. وضع لبنان الإقتصادي خارج السيطرة!
المقالة القادمةالمؤتمر التأسيسي لـ«الاصلاح الاقتصادي والمصرفي» «اتحاد المصارف العربية مُصرّ على اقامته في لبنان