بو دياب: زيارة وفد الخزانة الأميركيّة رسالة سياسيّة بغطاء اقتصادي تحذير شديد اللهجة لضبط “اقتصاد الكاش” وحركة تبييض الأموال

على وقع تصعيد ضربات العدو الإسرائيلي على جنوب لبنان، وطنين المسيرات التي لا تفارق سماء لبنان، زار وفد أميركي قوامه 12 شخصية من الخزانة الأميركية بيروت، في جولة استمرت 3 أيام، التقى خلالها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس الحكومة نواف سلام، ووزراء المال والعدل والداخلية، وعددا من النواب في دارة النائب فؤاد مخزومي.

على هذة الزيارة ، علق الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الدكتور أنيس بو دياب لـ”الديار”: “زيارة الوفد الأميركي إلى لبنان لها أهمية كبرى، وتتضمن رسالة سياسية بغطاء اقتصادي، إذ إن الموضوع المالي بنظر الوفد الأميركي هو وسيلة ضغط، لتحقيق أهداف أمنية استراتيجية، أبرزها “حصر سلاح” حزب الله بيد الدولة اللبنانية، ومن ورائها نزع الورقة الإيرانية الأخيرة في لبنان”.

ضبط البيئة المالية ومحاصرة شركات ألتمويل

وعن الهدف العام للزيارة، اجاب “هدفها إعادة ضبط البيئة المالية اللبنانية، ضمن المعايير الأميركية والدولية، بغية محاصرة شركات التمويل المرتبطة بحزب الله وإيران، وعلى رأس هذه الأمور التي تم التداول بها في بعض الاجتماعات ملف القرض الحسن، وشركات التحويل ونقل الأموال، بالإضافة إلى النقود المشفرة، وإمكان استخدامها في تبييض الأموال، ولتحويل الأموال لحزب الله بشكل أو بآخر”.

واعتبر أن وفد الخزانة الأميركية “وجّه تحذيراً شديد اللهجة من أجل ضبط حركة تبييض الأموال، وضبط حركة تحويل الأموال إلى حزب الله”.

ووفق التسريبات، أشار بو دياب إلى أن الوفد “أثار موضوع تحويل الأموال الذي يُقدّر بحوالى مليار دولار خلال عام، وهو تم من قبل الحرس الوطني الإيراني إلى حزب الله، وشدد الوفد على ضرورة ضبط هذا الأمر، وإلا سيكون هناك مشاكل إضافية”، لافتاً إلى “أن الوفد جاء إلى لبنان بعد زيارته تركيا والإمارات العربية المتحدة، ومن الواضح سبب هاتين الزيارتين هو لزيادة الضغط على لبنان من أجل تفكيك شبكات التحويل، وأيضاً زيادة الضغط على المرافئ والتفتيش والحدود من أجل منع عمليات التحويل والتهريب لبنان”.

أقتصاد الكاش والفساد البنيوي

وتحدث بو دياب عن طلب قديم – جديد من الوفد، وهو ضبط “إقتصاد الكاش”، وهو الباب الأكبر الذي يتم خلاله تحويل الأموال وعدم ضبط الاقتصاد في لبنان”، مشيراً إلى “طلب يتعلق بالإصلاحات المالية السريعة، لأن الوفد يعتبر أن الفساد البنيوي يستفيد منه حزب الله بشكل أو بآخر من خلال قطاعات الدولة، ولذلك طالب بوقف أي استفادة ممكنة من خلال قطاعات الدولة الرسمية المالية وغير المالية”، معتبراً أن هذا الأمر “يخنق أكثر بيئة حزب الله اقتصادياً ومالياً”.

وأشار” الوفد كان واضحاً في أكثر من مكان، باعتباره أن تفكيك منظومة حزب الله العسكرية يؤدي إلى الإصلاح الاقتصادي والمالي في لبنان، وكأنه يشير أن لا مساعدات للبنان بسبب وجود سلاح حزب الله، ولذلك الوقت يمر بسرعة، وعلى لبنان الرسمي التحرك بشكل سريع”.

وحول بدء تعافي الاقتصاد اللبناني، وأبرز المؤشرات التي تدل على ذلك، يقول بو دياب: “حالياً لا نستطيع القول إن الاقتصاد اللبناني بدأ بالتعافي، لكن كل المؤشرات تشير إلى أن هناك احتمالا لحصول نمو اقتصادي في لبنان بقيمة ٥% للعام الحالي”، معتبراً أن “هذا النمو مبني على المؤشرات الاتية: السياحة والاستهلاك والتحويلات من الخارج، وارتفاع نسبة الاستيراد والتصدير، بحيث ارتفع حجم الاستيراد الذي من الممكن أن يصل في نهاية العام إلى 20 مليار دولار، أي أكثر مما كان عليه في العام 2019”.

المشكلة الكبرى أزمة القطاع المصرفي

وقال: “كل هذه المؤشرات تشير إلى البدء في النمو، لكن هذا النمو لا يؤدي إلى تعاف، قبل استعادة التعافي للقطاع المصرفي الذي هو مصدر التمويل، والمشكلة الكبرى تكمن في كيفية الخروج من أزمة القطاع المصرفي، لكي يتمكن من إعادة تمويل الاقتصاد بشكل عام وتمويل المؤسسات الإنتاجية بشكل خاص”.

ورأى بو دياب في الختام أن “هذا النمو يبقى غير مستدام، ما دام لم يتم تطبيق الإصلاحات وضبط انتظام مالية الدولة العامة، وإعادة جدولة الدين العام، وإعادة إطلاق المؤسسات العامة بشكل جيد، من كهرباء واتصالات وبنى تحتية”، معتبراً “أن مؤشر التعافي الاقتصادي يبدأ من هنا، وليس بالضرورة من مؤشر النمو الذي من الممكن أن يكون هشاً ومبنياً على قطاع واحد سرعان ما ينهار”.

مصدرالديار - أميمة شمس الدين
المادة السابقةشبح الفيضانات يطارد اللبنانيين مع أول “شتوة”…
المقالة القادمةقمة العشرين في جنوب إفريقيا تفقد بريقها: غياب شي وترامب وبوتين يطغى على الحدث