مصرف لبنان يتدخل بعمل الحكومة لا العكس!
البيان غير مسبوق بتاريخ مصرف لبنان منذ نشأته. فهي المرة الاولى التي يحصل فيها امر لم يتم توقعه، وهو ان يتدخل قيمون على المصرف المركزي بحث مجلس الوزراء، المعني ضمنياً بالبيان، وصاحب الصلاحية الاعلى برسم السياسات العامة وتعيين كبار المسؤولين العموميين بمقتضى المادة 65 من الدستور، على أمر يخرج عن اطار المادتين 71 و72 من قانون النقد والتسليف اللتين تحددان اطار العلاقة بين مصرف لبنان والحكومة. اذ لا يندرج من ضمن هذا الاطار موضوع التباينات السياسية في انتخاب رئيس للجمهورية وملء الشواغر والتي ذكرها البيان انها من مسببات صدوره.
والطريف ان الخوف كان بذهن المشرع عند وضع قانون النقد والتسليف معاكساً. اي التحوط من تدخل الحكومة باعمال مصرف لبنان بجعله تابعاً لها حسب شرح الاسباب الموجبة لقانون النقد والتسليف للمادة 13 منه تحت حجة منحه الامتياز والرأسمال.
إعتراض على عدم وجود خطة واضحة ومشاركة فاعلة بـ»خطة الظل»
البيان مستغرب في الصياغة والمضمون. ويمكن ادراجه من قبل المتابعين لتاريخ الازمات النقدية والمصرفية في العالم من ضمن ما اعلنه مؤرخ لامع لهذه الازمات الاستاذ Rene Sedillot من انه «في الاوقات المأزومة تطفو الممارسات المذمومة».
ففي مسبباته، يذكر البيان «عدم توافق القوى السياسية في مقاربتها لمعالجة الازمة الاقتصادية والمالية وغياب خطة شاملة وواضحة لاعادة التوازن المالي والمصرفي، كما وتحقق توازن في موازنة الدولة مما يسمح للمصرف المركزي بوضع الاسس النقدية والمالية لاعادة الثقة».
كلام علق عليه بيان صدر عن نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي واصفاً اياه بانه صادم نظراً «لوجود الخطة ولان مصرف لبنان، كمؤسسة، كان جزءاً من الفريق الذي شارك في اعدادها ومناقشتها والاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي». وما يستخلص من البيانين: بيان نواب الحاكم وبيان الشامي، ان آلية العمل في مصرف لبنان لا تضع نواب الحاكم باستمرار بجو وبتفاصيل المناقشات مع صندوق النقد الدولي على اساس ان الحاكم هو بمقتضى المادة 26 من قانون النقد والتسليف ممثل المصرف الشرعي والذي يوقع جميع الاتفاقات، وعلى هذا فهو المعني شخصياً بالمفاوضات الممهدة لهذه الاتفاقات.
وبيان نواب الحاكم يشكل بالحقيقة تغاضياً لا بل انكاراً لحقيقة وجود «خطة ظل» مدروسة بدهاء جار العمل على تنفيذها باشراف وادارة الجميع بدون استثناء، ونكرر الجميع بدون استثناء، وقوامها تذويب الودائع بشتى واسرع السبل وبوسائل جرمية.
تصريف الأعمال للحكومة لا لمصرف لبنان
ايضا يتضمن بيان نواب الحاكم امراً غريباً وخطيراً هو اعلانهم امراً دستورياً يخرج عن صلاحياتهم ولا يمكنهم التقرير فيه وورد في الفقرة 2 من المادة 64 من الدستور، ويتعلق بعدم امكانية الحكومة الاستمرار بممارسة صلاحياتها بعد استقالتها او اعتبارها مستقيلة الا بالمعنى الضيق لتصريف الاعمال، ليستخلصوا منه تجاوزاً بانه «لا يجوز ان ينسحب مفهوم تصريف الاعمال الى السلطة النقدية الاعلى في الدولة «، وهو امر منتقد باتجاهين:
(الاول) مجافاته لاحكام الدستور الذي يعدد في الباب الثاني من فصله الاول السلطات اللبنانية فيذكر انهم ثلاث: تشريعية، تنفيذية قضائية لا يندرج من ضمنها مصرف لبنان كما هو الامر في بلدان اخرى كالمانيا وسويسرا، اللتين تكرسان استقلالية المصرف المركزي بنص صريح في الدستور وهو ما ليس معتمداً في لبنان.
(الثاني) عدم الحاجة عن اي كلام عن «تصريف للاعمال» بالنسبة لمصرف لبنان مع وضوح النصوص القانونية التي تحكم الامور عند الشغور في منصب الحاكم. فالمادة 17 من قانون النقد والتسليف تنص على التالي « تؤمن ادارة « المصرف» من حاكم يعاونه نائب حاكم اول ونائب حاكم ثان ونائب حاكم ثالث ونائب حاكم رابع، ومن مجلس مركزي يدعى «المجلس».
و»الادارة» المقصودة في النص السابق هي بمعنى الـ administration حسب نص قانون النقد والتسليف الذي وضع اصلاً باللغة الفرنسية، ثم تمت ترجمته الى اللغة العربية. وايضا سنداً لشروحات السيد جوزيف اوغورليان رئيس اللجنة الذي كلف باعداد مشـروع القـانـون، وقد وردت في الصفحة 205 من كتابه المعنون une monnaie un etat histoire de la monnaie libanaise.
والادارة بمفهوم الـ administration تقسم حسب نص المادة 17 بين مرجعيتين (1) الحاكم ونوابه و(2) المجلس المركزي. بحيث اذا شغر منصب الحاكم، فان المجلس المركزي لا يدخل بمرحلة «تصريف اعمال» كما يومي الى ذلك بيان نواب الحاكم، بل يستمر بالعمل كمجلس جماعي اي conseil collegial. لان تولي نائب الحاكم الاول مهام الحاكم عند شغور منصب الاخير هو، عملا بالمادة 25، في اطار الكلام عن الادارة العامة بمفهوم direction generale و»تسيير الاعمال» اي الـ affaires courantes. وقد استكملت المادتان 26 و27 سن الاحكام التي ترعى «الادارة العامة « و»تسيير الاعمال» فذكرت انه في حال غياب الحاكم او تعذر وجوده يحل محله نائب الحاكم الاول وبحال التعذر على الاول فنائب الحاكم الثاني.
وشمول احكام المادة 25 المادة 17 يؤدي الى نتيجة غير منطقية تظهر وكأن المشرع يتشدد في تنظيم حالة «غياب الحاكم « اكثر من تنظيمه لحالة «شغور منصب الحاكم». اذ يقصر حلول نائب الحاكم الثاني محل نائب الحاكم الاول على الحالة الاولى. وهو امر يمكن تجاوزه باعتماد مفهوم الـ conseil collegial والذي تحل معه ايضا اشكالية من يتولى منصب نائب الحاكم الاول عند تمرسه بصلاحيات الحاكم في المجلس المركزي؟ هل يحتفظ بها فيكون له صوتان في اجتماعات هذا المجلس ام لا؟
علما ان استعمال البيان لتعبير «تصريف الاعمال» في ما خص مصرف لبنان غير موفق. فهذا التعبير هو تعبير دستوري ويستعمل حصراً في حالة الحكومة المستقيلة او المعتبرة مستقيلة حسب الفقرة 2 من المادة 64 من الدستور. اما بالنسبة لمصرف لبنان فالمتعارف عليه استعمال تعبيرمقابل هو «تسيير الاعمال التي تدخل من ضمن الادارة العامة حسب المادة 26 من قانون النقد والتسليف» في الظروف العادية وتعبير»استمرارية المرفق العام» في حال شغور منصب الحاكم. والتعبير الاخير استخدمه حاكم مصرف لبنان في التعاميم التي اصدرها بعد انتهاء ولاية نوابه وعدم تعيين بديلين عنهم لمدة من الوقت. ولم يصدر في حينه الحاكم بياناً مشابهاً لبيان نوابه يتشدد فيه بضرورة تعيين نواب حاكم جدد تحت طائلة التهديد بالاستقالة او بغيرها.
لماذا لم يكن هناك بيان سابق مماثل مندد بانحرافات الدولة والمصارف؟
والامر المثير بالمناسبة هو انكفاء وتقاعس نواب الحاكم عن اصدار تحذير يقع ضمن مهامهم، ولذات المعنيين في بيانهم، اي مجلس الوزراء، يتشددون فيه بمطالبته بالتقيد باحكام المادة 85 من قانون النقد والتسليف التي تلزم مصرف لبنان بان يدفع ويحول المبالغ والاموال التي يأمر بصرفها القطاع العام حتى قيمة موجودات الاخير لديه، كما بالتقيد باحكام المادتين 91 و95 اللتين تحددان اصول وشروط اقراض الخزينة. ومعلوم ان مخالفة المواد السابقة وغيرها ادت الى اكبر منهبة وسرقة موصوفة في العصر الحديث لاموال المودعين من جهات منتدبة قانوناً للحفاظ على هذه الاموال. ومعروف ايضا ان السكوت والتغاضي عن هذا الامر وعدم الانتفاض عليه يشكل شراكة في الجرم وتعاقب المحاكم الاوروبية ومحكمة العدل الاوروبية المرتكبين المشاركين فيه باقصى العقوبات الجزائية والمدنية.
كذلك المثير، وطالما ان الكلام هو عن البيان التحذيري لنواب الحاكم، انكفاء الاخيرين وتقاعسهم بالرغم من مرور اكثر من ثلاث سنوات من تعيينهم، عن التحذير ببيان مماثل، المصارف من مماطلتها وتلكؤها في اعادة تكوين المراكز المطلوبة منها قانوناً ومن تماديها في اذلال مودعيها. وتهديدها بان انحرافاتها لن تمر وان لدى مصرف لبنان خيار شبيه لخيار الرئيسين الايسلندي OlafurGrimsson والفرنسي Vincent Auriol في حل الازمة المصرفية من خلال الهيئة المصرفية العليا وغيره.
لقد كانت المناسبة سانحة امام نواب الحاكم ان يكونوا meritocrates الوطن على غرار اسماء تفتخر بها الاوطان الاخرى امثال الفرنسي Émile Moreau والالمانيين Schacht و Tietmeyer والاميركيين Volker و Powel والكندي Carney، وان يكونوا خير قدوة في اكمال مسيرة الحاكم ادمون نعيم في كيفية التصدي ومواجهة قوى الضغط الرسمية والخاصة على السواء. كما وتصحيح الانحرافات القانونية الفاقعة المرتكبة بالتعاميم 150 و151 و158 و161 و165 بدعم رئاسي سابق في عهد ميشال عون لهذه التعاميم كما بدعم حكومي متأخر ولاحق لها من قبل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. والطريف بالنسبة لدعم حكومة الرئيس ميقاتي حصوله في مرحلة تصريف الاعمال !!!!
المادة 18 من قانون النقد والتسليف لم تتم قراءتها إلى آخرها
المادة الوحيدة التي وردت في بيان نواب الحاكم هي المادة 18 من قانون النقد والتسليف. وقد استندوا اليها للاعلان عن «واجبهم التشديد على ضرورة تعيين الحاكم في اقرب وقت». وهذه المادة تنص في فقرتها الاولى على «تعيين الحاكم لست سنوات بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية». اما الفقرة الثانية من هذه المادة فتتحدث عن تعيين نواب الحاكم لمدة خمس سنوات بذات الآلية مضافة اليها استشارة الحاكم. وتتحدث الفقرة الثالثة عن ضرورة توافر شروط معينة في تعيين الحاكم ونوابه هي الشهادات الجامعية والخبرة وايضاً الصفات المعنوية التي تستوجبها ممارسة وظائفهم.
بالنسبة للصفات المعنوية تحدد الفقرة الاخيرة من المادة 18 واحدة منها هي « الشرف» والمقصود بـ»الشرف» كلمة honneur حسب النص الاصلي لقانون النقد والتسليف الموضوع بالفرنسية
Le Gouverneur et les sous-gouverneurs prêtent serment, entre les mains du Président de la République, de remplir leurs fonctions loyalement et scrupuleusement dans le respect de la loi et de l’honneur.
والقاسم المشترك بين القواميس الفرنسية في تحديد معنى كلمة honneur هو «مجموعة من المبادئ الأخلاقية التي تحث على عدم القيام بعمل يتسبب في فقدان احترامنا لذاتنا أو احترام الآخرين».
Ensemble de principes moraux qui incitent à ne jamais accomplir une action qui fasse perdre l›estime qu›on a de soi ou celle qu›autrui nous porte
وعدم الهروب من المسؤولية تقع بلا ريب من ضمن ان لم تكن في راس الامور التي يتعين على نواب الحاكم اتيانها. وهذا الامر كان واضحاً جداً في مخيلة وضمير الحاكم السابق ادمون نعيم، خلال فترة سقوط البلد بين حكومتين واحدة بقيادة الرئيس الحص والثانية بقيادة الرئيس عون، اذ كانت ردة فعله على من جاء يخبره عن حنق احد المسؤولين عليه لتمنعه عن صرف مبلغ كبير من المال لصالح فريقه واستعداده لاستعمال القوة المسلحة للحصول على هذا المبلغ قسراً، ان اعلن اصراره على تمسكه بموقفه وقام بتحصين مكتبه في المصرف باكياس من الرمل تقيه من القصف، وانتشرت صورته على غلاف مجلة Investor Institutional مع عنوان The Banker in The Bunker لتظهر للجميع السجن الذي ارتضى حبس نفسه فيه حارساً للامانة: اموال المودعين بالعملات الاجنبية لدى المصارف المراسلة بنسبة تتعدى الـ 90% من قيمة الودائع وايضاً احتياطي الذهب ورمزية مصرف لبنان ودوره.
وكان يرد على التعليقات التي تتناول وضعه بانه اقسم اليمين عملاً بالفقرة 5 من المادة 18 من قانون النقد والتسليف بانه «سيقوم بوظيفته باخلاص ودقة محترماً القانون والشرف». وانه ليس هو من يحنث بما يقسم عليه ايا كانت الظروف ضاغطة.
للاسف بيان نواب الحاكم بغض النظر عن التفسيرات والتأويلات السياسية والادارية التي صدرت بشأنه لا يعكس التزاماً صارماً من قبل موقعيه بما اقسموا عليه. وهذا المنحى تبدى بالحقيقة سريعاً بعد استلامهم مهامهم ودون انتظار صدور بيانهم. اذ لم يحدثوا التصحيح المطلوب بتقويم الانحرافات القانونية البليغة في التعاميم المصدرة قبلهم. لا بل وافقوا على مرامي جميع هذه التعاميم بقيامهم بتعديلها بذات توجهاتها الرئيسية مع ما يرتب ذلك عليهم من مسؤوليات قانونية ستثيرها بلا ريب الدعاوى القضائية للحصول على التعويضات عن الاضرار المتأتية من هذه الانحرافات، كما حكم بذلك القضاء الفرنسي ومحكمة العدل الاوروبية، وكما يحضر له راهناً اصحاب السندات والودائع في الـ Credit Suisse من مراجعات امام القضاء السويسري لمطالبة الـ FINMA بتعويضهم عن الاضرار التي حلت بهم من سوء تنظيمها للامور وسوء رقابتها لعمليات الـ Credit Suisse
تأويلات في صدور البيان:
إملاءات سياسية ورهبة من الآتي
من بين التأويلات المتداولة بشان بيان نواب الحاكم، مع الامل والتمني بان لا تكون صحيحة، (1) ان صدوره، اي البيان، اتى باملاءات وبضغوطات ومناورات من قبل مرجعياتهم السياسية لتحقيق مصالح الاخيرين بخلق واقع يضغط اما للتمديد للحاكم او لعدم الاعتراض على تعيين حاكم جديد من قبل حكومة معتبرة انها حكومة «تصريف الاعمال»، والامران دونهما محاذير معروفة. امر لو صح فانه يكشف عدم تقيد نواب الحاكم بموجب الاستقلالية الوارد في المادة 13 من قانون النقد والتسليف وشروحات اسبابه الموجبة لهذه المادة، كما واخلالهم بالتالي بقسمهم باحترام القانون.
(2) ان صدوره اتى برهبة من تحملهم المسؤولية بعد الشغور القادم في منصب الحاكم ما يعني ضمناً توجسهم من انفلات الامور بعد 31 تموز بشكل دراماتيكي وغير مسبوق في ظل عدم وضوح الرؤى لديهم للمعالجة. امر لو صح فانه يثير التساؤل عن صوابية تعيينهم ابتداء نواباً للحاكم باوضاع مفتوحة على كل الاحتمالات من دون ان يكون لديهم اي تصور مسبق للتصدي لها ولتداعياتها فضلاً عن سلامة قسمهم بالقيام بوظيفتهم باحترام القانون وايضا الشرف.
صحيح ان غالبية الدول لا ترتب نتائج محددة على الاخلال بالقسم على الاخص «القسم السياسي» الذي يؤديه المسؤولون السياسيون في مقدمهم رؤساء الجمهورية، وتكون نتيجته على العموم محصورة بضمور بالثقة العامة لمن حنث بقسمه على اساس ان هذا بات للاسف سمة من سمات العمل السياسي. لكن الامر يختلف بالنسبة «للقسم المهني» الذي تؤديه شرائح واسعة من اصحاب المهن والقضاة والموظفين وحتى المصرفيين وغيرهم كما هي الحال في هولندا، اذ يكون الحنث بالقسم مدعاة لجزاءات متنوعة تبدأ بتثقيل العقوبة وتنتهي بكف اليد.
الرجاء الذي يحمله بيان نواب الحاكم
لا شك ان بيان نواب الحاكم اعاد خلط الامور وتعقيدها. اذ اضاف الى التجاذبات السياسية المعروفة حول مسألة من سيتولى مهام الحاكم بعد 31 تموز ومحاذير كل خيار يعتمد، تحذيرات لنوابه تضمر من بين ما تضمر اتجاههم لتقديم استقالة جماعية، ما يرجح عندها خيار تعيين حارس قضائي يتولى بصورة استثنائية لوحده صلاحية الحاكم والمجلس المركزي ويكون له الاستعانة بمن يشاء لتسيير الامور في المصرف.
وحتى هذا الامر ليس ايضاً باليسير، اذ ليس من السهل الوقوع على شخصية لبنانية تتوافر لديها جميع المؤهلات العلمية والمهنية والادبية للمرحلة الراهنة وتقبل المهمة الشاقة. ما سيقود الى التفكير بخيار الاستعانة بشخصية اجنبية مرموقة على غرار ما فعلته عدة دول لتخطي ازمات اقل حدة من الازمة اللبنانية، مثل اسرائيل التي استدعت الامين العام السابق لصندوق النقد الدولي stainly Fischer لقيادة مصرفها المركزي مؤقتاً. فكان له الفضل في اخماد ازمة الشيكل واعادة هيكلة المصرف على نحو علمي معاصر تقوده الكفاءة والجدارة وتتوازن فيه المهام بدون اي تمركز للسلطة.
ايضا انكلترا المشهورة بوفرة الاخصائيين لديها بامور المال والنقد والمصارف لم تجد غضاضة باستدعاء البروفسور الكندي Carney Mark لتولي ادارة مصرفها المركزي. والاخير صاحب صيت ذائع بكفاءته العلمية والمهنية وبثقافته الواسعة وايضا بجرأة ادبية رائدة واحدة من تجلياتها بعد توليه حاكمية مصرف انكلترا تسجيله موقفاً علنياً وصريحاً موثقاً بالحجج والارقام اثبتت الايام صحته ومعارضاً لموقف الحكومة بمسالة الـBrexit. ايضا يعرف عنه شفافية في العمل ندر ان مارس مثلها اي حاكم لمصرف مركزي في بلد آخر، حلقة من حلقاتها تخصيصه في موقع كلا المصرفين المركزيين الكندي والانكليزي على شبكة الانترنت خلال ادارته لهما صفحتين خاصتين بتفصيلات نفقاته الشخصية ذات الصلة بعمله.
ان اتخاذ قرار بتعيين البروفسورCarney حارساً قضائياً لمصرف لبنان سيكون بالتاكيد افضل قرار يمكن تصوره. اذ سيكون ابلغ رسالة يمكن للبنان تقديمها للخارج بان فجراً جديداً قد اشرق على الوطن زاخراً بآمال ووعود مؤكدة في ادارة مسؤولة وواعية للنقد والمصارف واسواق المال.