بيان وزاري لإنقاذ المصارف والخصخصة

بيان وزاري أقلّ من عادي، لمواجهة حالة انهيار استثنائية. هذه هي الخلاصة التي يمكن الخروج بها بعد قراءة مسودة البيان الوزاري التي أقرّتها اللجنة الوزارية أمس، تمهيداً لإقراره في اجتماع لمجلس الوزراء في قصر بعبدا اليوم. «عادية» البيان تكمن في أنه بيان مكرر، بصورة شبه كاملة، عن البيانات الوزارية السابقة لمختلف الحكومات. إنشائيات عن دعم الزراعة والصناعة والسياسة الخارجية. الجديد هو نص ملتبس عن المصارف، هدفه حمايتها بعدما بدّدت عشرات المليارات من أموال المودعين، ومارست بحقهم عملية سرقة موصوفة، برعاية رسمية من السلطة السياسية (مجلسَي النواب والوزراء)، كما من السلطة النقدية الممثلة بمصرف لبنان.

العبارة «السحرية» تنص على «وضع خطة لتصحيح وضع القطاع المصرفي وتنشيط الدورة الاقتصادية بما يساهم في تمويل القطاع الخاص، مع إعطاء أولوية لضمان حقوق وأموال المودعين». وهذه الصياغة تدور حول الأزمة، ولا تقترب منها. فهي لا تتضمّن اعترافاً بالكارثة التي وقعت في القطاع المصرفي، وجرّت خلفها كل الاقتصاد اللبناني إلى الهاوية. ولا هي تعترف بخسائر ينبغي توزيعها بصورة عادلة، ولا هي تُقرّ بـ«اختفاء» عشرات المليارات من الدولارات من حسابات المودعين الذين باتوا مجبرين على سحب أموالهم بأقل من ربع قيمتها. يُضاف إلى ما تقدّم، تفخيخ بند الكهرباء بإشراك القطاع الخاص. القطاع الخاص نفسه الذي أساء الأمانة بما يخص أموال المودعين، والقطاع الخاص نفسه الذي تلكّأ عن مواجهة جائحة كورونا في مستشفياته، والقطاع الخاص نفسه الذي يضاعف أقساط المدارس، والقطاع الخاص نفسه الذي لم يتورّع عن حرمان المرضى من أدويتهم… هذا القطاع الخاص يُراد إشراكه كمنقذ من العتَمة. يجري ذلك فيما يدخل اليوم إلى حسابات الدولة مبلغ مليار و100 مليون دولار، من حقوق السحب الخاصة العائدة للبنان من صندوق النقد الدولي. وهذا المبلغ كفيل وحده بحلّ أزمة إنتاج الكهرباء بما يفيض عن حاجة لبنان.

الإصرار على إدخال القطاع الخاص ليس سوى امتثال لرغبة رأس المال المحلي والدولي المتعطّش للانقضاض على ما تبقّى من ممتلكات الدولة، لشرائها «بالرخص» في ظل الانهيار. أما المبلغ الذي يدخل اليوم إلى حساب الدولة لدى مصرف لبنان، فيُراد تبديده تحت عناوين الدعم وخلافه، أو تركه عرضة لسياسات رياض سلامة التي تُحوّل المليارات من المال العام إلى جيوب أصحاب المصارف وكبار المودعين، أو استخدامه في إطار «تصحيح وضع القطاع المصرفي». وفي هذا السياق، حذّر عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، أمس، من «التفريط بهذا المبلغ في مشاريع آنيّة سريعة تذهب فوائدها في غير محلها»، مطالباً الحكومة بوضع خطة إنقاذية تتضمّن استخدام هذا المبلغ «في مشاريع بنيوية حيوية كالكهرباء والصحة والنقل». وطالب بموافقة مجلس النواب على أيّ إنفاق من خارج القنوات القانونية.

 

مصدرجريدة الأخبار
المادة السابقةدمشق تكافح لإخراج القطاع الصناعي من ورطة الركود
المقالة القادمةالقرض الكويتيّ للكهرباء… استئناف لصراع عمره 10 سنوات