بيع الخبز عالهوية… وقروض لشراء الرغيف

يبدو انّ مشهد الرغيف في الافران يعكس مشهد الدولة الفاشلة التي وصلت الى ما بعد الانهيار. وعندما تضطر دولة إلى الاقتراض من اجل شراء القمح، فهذا يعني انّ مستوى الفقر وصل إلى نقطة مظلمة جداً، وانّ ما ينتظر اللبناني في الايام المقبلة، أصعب ممّا عاناه في الايام الماضية.

يناقش مجلس النواب اليوم ويقرّ اتفاقية القرض مع البنك الدولي للحصول على 150 مليون دولار لزوم شراء القمح. ورغم انّ هذا القرض ضروري لتأمين الرغيف لمواطنين يتمّ إذلالهم يومياً امام الافران للحصول على ربطة خبز، إلّا انّ المشكلة تكمن في مكان آخر. ووفق مصدر اقتصادي مطلع، فإنّ هذا القرض يعكس الحقائق التالية:

اولاً- انّ الدولة وصلت إلى مرحلة متقدمة من الفقر والافلاس. وهي مثل الفرد الذي يقترض ليأكل، بما يعني انّه في أسفل سلم الفقر، لأنّ الافراد في الطبقة الوسطى يقترضون لشراء الكماليات وليس الخبز. الفقير المعدم وحده يقترض للحصول على الرغيف، وهذه هي حال الدولة اليوم.

ثانياً- انّ الحصول على المال من البنك الدولي، ولو بشروط ميّسرة، لا ينفي انّ القرض ينبغي تسديده في المستقبل، وانّه يزيد الضغط على الاقتصاد الوطني.

ثالثاً- انّ الحصول على القرض لا يعني نهاية أزمة الإذلال اليومي، لأنّ الدولة المقصّرة في محاربة التهريب، او التحايل في استخدام الطحين، ستكون عاجزة عن تنظيم توزيع الطحين ومراقبته، وستستمر الأزمة طوال الاشهر المقبلة.

رابعاً- سيتمّ لاحقاً الغاء الدعم، وسيتمّ استصدار بطاقات تموينية للفقراء، وسيكون مشهد الفقر مؤذياً معنوياً، إذ انّ اللبناني سيختار بين ان يدفع ثمن رغيف غير مدعوم في زمن الفقر، أو أن يُذلّ من خلال حمل بطاقة والوقوف في الطابور للحصول على رغيف مدعوم.

ويعتبر المصدر نفسه، أن لا حلول للأزمات المتراكمة خارج اطار الحل الشامل للأزمة المالية والاقتصادية المتفاقمة، والمتروكة والمهملة منذ اعلان الافلاس في آذار 2020.

مطالب الافران

إلى ذلك، طالبت نقابات المخابز والافران «بضرورة تأمين الحماية الأمنية للافران التي تعمل والتي تشهد طوابير من المواطنين أمامها، مما يعرّضها لمشاكل مع المحتشدين». ودعت المسؤولين في بيان إلى «مواكبة أمنية لهذه الافران لمنع حصول صدامات بين المحتشدين وبين أصحاب الافران». وحذّرت من انّها «لن تستمر بالعمل وسط الفوضى والطوابير التي تمنع الافران من القيام بدورها من دون مشاكل، في هذه الفترة الدقيقة التي تمرّ فيها البلاد».

إلى ذلك، بدأت بعض الافران تعتمد «قواعد جديدة» في عملية توزيع الخبز، حيث اعلن صاحب احد الافران في منطقة التبانة في مدينة طرابلس، أنّه سيقوم بفتح الفرن فقط لأبناء المنطقة، حيث بدأ بيع الخبز عند الساعة الواحدة فجراً.

وقال صاحب الفرن، إنّه لن يسلّم الخبز للمحال بل فقط للبيوت، مشترطاً حضور الرجال فقط لاستلام خبزهم. وفي صور، طلب احد الافران من زبائنه إبراز هوياتهم قبل تسليمهم الخبز، مما أثار امتعاض اللاجئين الفلسطينيين من سكان المنطقة.

أما في صيدا، فقد بكّر المواطنون في الوقوف امام الافران، التي ما زالت تعمل بعد اقفال معظمها ابوابها بسب نفاد مادة الطحين، واصطفوا في طوابير للحصول على ربطة خبز. وأبلغ بعض اصحاب الافران انّ المدينة ستشهد بعض الانفراجات خلال الساعات المقبلة، إذا تسلّمت الافران حصتها من الطحين من وزارة الاقتصاد.

أما في النبطية، فقد نفدت مادة الطحين من الأفران التي توقفت عن عملها، وبيعت ربطة الخبز في احد المتاجر في كفرتبنيت بـ25 ألف ليرة، مع العلم انّ احد الافران الكبرى في دير الزهراني توقف عن العمل لعدم توفر الطحين، وبقي المواطنون في اغلبهم من دون الخبز العربي، واستعاضوا عنه بالخبز المرقوق والمشاطيح.

مصدرالجمهورية
المادة السابقةملفات ضاغطة وحلولها تبدو مُستعصية… أبرزها “الرواتب المهدّدة”!
المقالة القادمةانخفاض ملحوظ في أسعار المحروقات