بين الـ3900 وقرار “شورى”… اليكم السيناريو المطروح أمام المودع

أصدر مجلس شورى الدولة قرارًا حمل الرقم 213/2021 نصّ على وقف تطبيق التعميم الأساسي الصادر عن حاكم مصرف لبنان رقم 13318 تاريخ 24/3/2021 الذي يسمح للمصارف بإعطاء المودعين ودائعهم بالدولار الأميركي على سعر 3900 ليرة لبنانية بدل سحبها على السعر الرسمي في ظل عجز (أو إمتناع) المصارف عن دفع الودائع بالدولار الأميركي. هذا القرار الذي لاقى ترحيب المودعين والمُعارضين للسياسات المصرفية، يحمل في طيّاته سيناريوهات عديدة سنعرض البعض منها.

نصّت المادة 13 من قانون النقد والتسليف على أن: «المصرف شخص معنوي من القانون العام ويتمتع بالاستقلال المالي. وهو يعتبر تاجرًا في علاقاته مع الغير. ويجري عملياته وينظّم حساباته وفقًا للقواعد التجارية والمصرفية وللعرف التجاري والمصرفي. ولا يخضع لقواعد الادارة وتسيير الاعمال وللرقابات التي تخضع لها مؤسسات القطاع العام، ولا سيما لأحكام المراسيم الاشتراعية رقم 114 و115 و117 و118 تاريخ 12 حزيران سنة 1959 لا تطبّق عليه احكام قانون التجارة المتعلقة بالتسجيل في سجل التجارة. لمحاكم بيروت دون سواها صلاحية النظر في جميع النزاعات بين المصرف والغير».

هذه المادّة تُعطي مصرف لبنان الإستقلالية الكاملة بما فيها الإستقلالية الإدارية. إلا أن مجلس شورى الدولة أصدر قرارًا حمل الرقم 195/1995 تاريخ 20/12/1995 والذي نصّ على أن:

“مصرف لبنان يتمتّع بشخصيّة معنويّة مستقلّة عن الدولة، وهو من أشخاص القانون العام ومن المؤسسات التجارية والصناعية غير الادارية التي تتمتع بطبيعة قانونية خاصة، وهو يبقى خاضعاً لرقابة القضاء الاداري فيما يتعلّق بالقرارات الادارية التي يتخذها إزاء المؤسسات المصرفية والمالية الخاضعة لرقابته».

وبالتالي، وبحسب قرار مجلس شورى الدولة تخضع قرارات المصرف المركزي الإدارية لرقابة مجلس شورى الدولة وهي قابلة للطعن، ولا تُطبّق بشأنها المادة 13 من قانون النقد والتسليف، التي جعلت محاكم بيروت دون سواها المرجع الصالح للنظر في جميع النزاعات بين المركزي والغير.

هذه الإشكالية حسمها مصرف لبنان من خلال إعلانه الإلتزام بقرار مجلس شورى الدولة وبالتالي إبتداءً من اليوم أصبحت الودائع بالعملات الصعبة تُدفع حصرًا على سعر 1500 ليرة لبنانية أو بواسطة شيك مصرفي.

القرار نابع من مبدأ المُحافظة على أموال المودعين المصونة أصلا في مقدمة الدستور. وبالتالي أتى القرار لوقف تطبيق تعميم مصرف لبنان بإنتظار أن يُعطي مجلس شورى الدولة قراره الأخير في وقت لاحق.

السيناريو المطروح هو التالي: المودع سيذهب إلى مصرفه لسحب الدولارات. أغلب الظنّ سيمتنع المصرف عن دفع الودائع بالدولار الأميركي وبالتالي سيُطالب المصرف بشيك برصيده على مصرف لبنان. هذا الأخير سيذهب لسحب أمواله من المصرف المركزي الذي لن يُعطي دولارات نقدًا وبالتالي سيقوم بعض المودعين برفع دعوى ضدّ مصرف لبنان.

القضاء (على مثال شورى الدوّلة) قد يُصدر حكمًا بالحجز على أموال مصرف لبنان وهذا إن حصل سيوقف تعامل مصرف لبنان مع المصارف المراسلة حكمًا وهو ما سيؤدّي إلى وقف الإستيراد وبالتالي نقص مُخيف بالمواد المُستوردة.

هذا السيناريو الفوضوي القاتم، لا يهمّ المودع الذي عمل كل حياته من أجل جمع الأموال والعيش بكرامة. وبالتالي سيكون هناك الكثير من المودعين الذين سيكونون مُشجّعين على القيام بهذا الأمر خصوصًا أن العديد من المحامين – الذي يُعارضون مصرف لبنان وسبق لهم أن رفعوا دعاوى ضد المركزي وحاكمه – سيعملون على هذه الدعاوى ويُشجّعونها.

هذا السيناريو سيؤدّي إلى تفكّك جدّي للدولة اللبنانية وسنشهد فلاتانًا ماليًا كبيرًا يتطور ليطال الشق الأمّني الذي سيؤدي حتماً إلى فوضى عارمة لا يمكن السيطرة عليها إلا بمسلسلات أمنية عنيفة غير معروفة العواقب!

 

 

مصدرجريدة الديار - ليبانون فايلز
المادة السابقةحاكم مصرف لبنان أوقف الدعم نهائياً!
المقالة القادمةيشوعي: الرهان على صندوق النقد الدولي لإنقاذ الوضع مبالغ فيه