تجّار اللحوم: احتكار بمباركة «رسمية»!

أمس، أقفل القصابون وأصحاب الملاحم مدخل وزارة الاقتصاد والتجارة اعتراضاً على موافقة الوزير راوول نعمه على «السماح لشركة سليمان للمواشي بعدم بيع المواشي في السوق». كانت هذه العبارة أكثر من كافية لنزول هؤلاء إلى الطريق بعدما خبروا، في الأيام الأخيرة، شحّاً في بيع المواشي في السوق، ما انعكس سلباً على أعمالهم.

احتجاح «اللحامين»، أمس، كان تتمة لقصة بدأت الأسبوع الماضي مع قيام الضابطة البيطرية في وزارة الزراعة، بالتعاون مع أمن الدولة، بجولات مفاجئة على مزارع المواشي في عدد من المناطق، بعد شكاوى عن احتكار يمارسه بعض تجار ومستوردي المواشي. وقد تم استدعاء بعض هؤلاء بعد «ثبوت صحة بعض الشكاوى»، على ما تقول مصادر الزراعة. اللافت في الحجج التي قدّمها المحتكرون لتبرير تكديسهم المواشي «المدعومة» في المزارع هو أن تأخر مصرف لبنان في صرف الحوالات المالية، دفعهم إلى الامتناع عن التسليم خوفاً من الخسارة.

وفي التفاصيل، وجّهت إحدى الشركات كتاباً خطياً إلى نعمه تبرّر فيه احتكارها وامتناعها عن البيع خلال اليومين الماضيين بتأخر حقوقها لدى مصرف لبنان، مؤكدة أن «شحنة شهر 2 من عام 2021 موجودة في مزارع الشركة في الشويفات لأننا لم نستحصل على موافقة وزارة الاقتصاد لغاية تاريخه». وتمنّت في نهاية الكتاب على نعمه أن يبادر إلى «حل المشكلة مع مصرف لبنان لتفادي تكرار هذا التأخير تفادياً لأي ضرر معنوي ومادي قد يصيبها خاصة في علاقاتها مع الموردين في الخارج وحفاظاً على سمعتها وشهرتها التجارية».

إثر ذلك، أعادت الوزارة الكتاب مع التأكيد على ما يقوله أصحاب الشركة، مشيرة إلى أن الشركة «لم تستحصل بعد على موافقة الوزارة على طلبها المسجل لدينا رقم 2501/2021 بتاريخ 5 شباط الجاري». ولأنها لم تمنح الموافقة بعد، وجدت الوزارة أنه لا يحق لها «إلزام التاجر ببيع البضاعة المطلوب دعمها إلا بعد أن تستحصل على موافقة الوزارة وبعد التأكد من قيام المصرف المركزي بصرف المبلغ المطلوب بمعاملات الدعم».

بكتابها هذا، ارتأت وزارة الاقتصاد «شرعنة احتكار تاجر كبير»، على ما يقول أحد المطلعين على القضية. فعلت الوزارة ذلك، وهي على دراية تامة بأن ما يحتكره هذا الأخير اشتراه بأموال الدعم التي تفرض عليه بيعها في السوق بالسعر المدعوم، لا احتكارها لجني أرباحٍ من «كيس» الدعم.

ما يجب أن يقال هو أن «هذا التصرف خاطئ»، بحسب أمين سر نقابة القصابين ومستوردي وتجار المواشي الحية، ماجد عيد، مستغرباً أن يكون السوق في أزمة فيما «البقر في المزارع». ولئن كان هؤلاء يعتبرون أن ما فعله الوزير «هو حمايتنا كي لا نخسر أموالنا»، ولكن الطريقة التي تصرف بها التجار «مرفوضة». بالنسبة إلى عيد، «مش إذا فيه ملفين عالقين بمصرف لبنان نمتنع عن التسليم، بالوقت اللي عم تحقق فيه ملايين الدولارات من الدعم».

مصدرجريدة الأخبار - راجانا حمية
المادة السابقة«الطاقة» تطلب سلفة خزينة لـ«الكهرباء»: لا أموال لشراء الفيول بعد نهاية آذار
المقالة القادمةالطبقة الوسطى “استودعت” لبنان وأهله