تحديات حكومة التفاوض… الأمل ضئيل

للعلم، قد يكون نهار أو بالأحرى ليل 10 تشرين الأول 2021 يوماً تاريخياً في مذكرات الدول، حيث عَمّت العتمة الشاملة لبنان لأمور عديدة أبرزها فشل وزارة الطاقة في استباق الأمور وطلب فتح الاعتمادات لقطاعٍ بات يشكّل عبئا كبيرا على الدولة ويسجل خسارات متتالية. وفي ظل إصرار بعضهم على المضيّ قدماً في هذه السياسة الفاشلة، بات الامر يستدعي تدخلا سريعا من صندوق النقد لوقف الهدر، لا سيما أنّ هكذا سياسات فشلت في إحداث أي فرق في هذا القطاع واستخدام البواخر في استيراد الطاقة واستجرارها بات دخانها مليئاً بالفساد والمحسوبية ويسجّل على الدولة خسارات باهظة. إذا كانت الامور، بوزير الطاقة، ستعود إلى طبيعتها بعد عتمةٍ شاملة، فالمضحك المبكي أن طبيعتها هي 4 ساعات تغذية يومية في دولة بات الفساد فيها يستدعي تدخلا سريعا، كونه يهدد شعبا بكامله بأمنه وغذائه ومستقبله.
نضيف هنا مطلباً آخر ومُلحاً للصندوق، وهو ترشيق القطاع العام الذي بات يشكل كارثة وفضيحة أقلها أخلاقية مع سياسيين جَيّروا هذا القطاع لمحسوبياتهم وتطلعاتهم الإنتخابية، والتحدي هذا قد لا يمر مرور الكرام لا سيما أننا نعيش التقشّف قبل موعده، أي قبل مطلب الصندوق، والذي أقلّ ما سوف يطلبه هو تحرير الأسعار ووقف الدعم الأمر الذي قد يزيد الفقر والبطالة والفارق بين الطبقات الإجتماعية. وهذا ما وصلت إليه مصر بعد العام 2015، والذي كما نعلم كلنا إستوجَبَ تدخّل الصندوق لدعمها بمبلغ 12 مليار دولار. والأهم يبقى استقلالية اللجنة المفاوضة مع الصندوق وعدم خضوعها لمطالب أولياء أمرها، ورئيس اللجنة مُخضرم في التعاطي مع شروط صندوق النقد، أما الأعضاء فهناك علامة استفهام على بعضٍ منهم، لا سيما أنهم سوف يعودون الى أولياء أمرهم في كل شاردة وواردة.
هذا الأمر يستدعي شفافية من قبل الحكومة العتيدة، وهي كيفية استخدم أموال صندوق النقد في تحرير البطاقة التمويلية أم أنها سوف تجيّر لمحسوبياتهم، لا سيما وقد لاحَت في الأفق انتخابات نيابية قد تحمل التغيير المنشود في ظل أوضاع باتت لا تُطاق، وآخرها أحداث منتصف الشهر الحالي وما تَبعته من ترددات أظهرت وبدون أدنى شك هشاشة الوضع الأمني وكيف أن الاحزاب تشدّ على الوتر الطائفي لتَجييش مجموعاتها. هذا بلا شك أمر يقضي على الحكومة وعلى آخر خرطوشة أمل في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لا سيما أنّ تعيينات اللجنة المفاوضة مع صندوق النقد هي مَثل مُصغّر عن الحكومة. الأمر بات في غاية الوضوح، لا مفاوضات ولا شيء يُذكر، لا سيما أنّ الحكومة باتت على قاب قوسين من الإنهيار في ظل شروط تعجيزية لبعضهم وعدم قدرة الفريق الآخر على إحداث أي فرق أو تغيير إلا بالانقضاض على استقلالية القضاء، وهو أمر غير مُستحَب، لا سيما ون جريمة المرفأ تعتبر من جرائم العصر في ظل غياب تام للدولة، وهو غياب لم نشهد مثيلاً له في تاريخ العالم.
قد يكون ما حدث في 14 تشرين الأول فترة مراجعة للمؤسسات الدولية وللمجتمع الدولي الذين أكّدوا المؤكد، وهو أننا طوائف نتعايَش ونحاول بناء دولة إلا أنها لن تكون أبداً دولة مؤسسات، لا سيما أن الغريزة الطائفية تطغي على مجتمع أصبحت هياكله متآكلة. قد يكون الحل الوحيد في مثل هذه الظروف خطر، لكنه منطقي بعدما عجزنا عن إحداث اي خرق إيجابي وأي تغيير منشود، والمقصود هنا، الفصل السابع من عصبة الأمم المتحدة، لأننا شعب مقسّم مذهبيا وطائفيا، ولا شيء سوى ذلك.
مصدرالجمهوربة - بروفسور غريتا صعب
المادة السابقةدولار السوق السوداء “يستدرج” مصرف لبنان وOMT
المقالة القادمة“الاونروا” تغلق “منامة” “سبلين”… والأزمة الماليّة تهدد رواتب الموظفين