تحذيرات من تسارع نضوب السيولة النقدية في البنوك اللبنانية

انتقلت تحذيرات الأوساط المصرفية من تسارع نضوب السيولة النقدية في البنوك المحلية بسبب الأزمة المالية إلى نقطة أكثر تشاؤما في ظل جمود عملية الإصلاح التي يطالب بها المانحون الدوليون.

وقال فادي خلف الأمين العام لجمعية مصارف لبنان في مقال عن أوضاع القطاع المصرفي إن “البنوك التجارية ليس لديها سيولة كافية للسداد للمودعين”.

ونشر خلف المقال على هيئة معنية بتقديم تقرير شهري للجمعية. وبحسب وكالة رويترز جاء في ملاحظة أن مقالات أمين عام الجمعية تمثل “رأيه وتحليله الشخصي للمستجدات”.

وقال الخطاب إن “ودائع البنوك لدى مصرف لبنان المركزي بلغت نحو 86.6 مليار دولار في منتصف فبراير الماضي، فيما سجلت ودائع المصارف لدى البنوك المراسلة رصيدا سلبيا قدره 204 ملايين دولار حتى آخر يوم من يناير الماضي”.

ونقلت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية عن خلف قوله “هذه الأرقام تبين بما لا يقبل الشك بأن لا سيولة لدى المصارف”.

إلا أن البنك المركزي يضع قيودا كبيرة على تحويل الأموال إلى البنوك إلا بالحد الأدنى، في وقت تراجعت فيه ثقة الشارع المحلي بالجهاز المصرفي.

وتضرر القطاع المصرفي اللبناني الذي كان مزدهرا في الماضي، بعدما كان الانهيار الاقتصادي التاريخي الذي تشهده البلاد منذ ثلاث سنوات وراء أزمته، حيث عانى خسائر هائلة تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.

ويواجه العديد من المقرضين في البلد الآن عمليات إغلاق أو اندماج محتملة للخروج من المأزق الذي لم يمروا به بعد انتهاء الحرب الأهلية في تسعينات القرن الماضي.

لكن المصرفيين ما زالوا يقاومون محاولات اتهام مساهميهم الذين يحملونهم مسؤولية الخسائر، وهم يحاولون تحويل هذه الأصابع إلى الحكومة أو حتى المودعين.

كما قاومت الإصلاحاتَ التي تسير ببطء شديد الطبقةُ السياسيةُ في البلاد التي يراها الكثيرون لعقود وراء ما يحدث اليوم بسبب فسادها وسوء إدارتها.

وتعد إعادة هيكلة القطاع المصرفي من مطالب صندوق النقد الدولي الرئيسية لتنفيذ خطط إخراج لبنان من أزمته المالية القاسية.

ولا تقدم البنوك المحلية اليوم قروضا ولا تأخذ ودائع جديدة، وهي تعيد للناس جزءا صغيرا من مدخراتهم بالدولار بسعر صرف أقل بكثير من القيمة الحقيقية.

ومن المرجح أن تجبر الإصلاحات المقترحة للمؤسسة المالية المانحة معظم البنوك البالغ عددها 46 في البلاد، وهو عدد ضخم بالنسبة إلى دولة يبلغ عدد سكانها 5 ملايين نسمة، على الإغلاق أو الاندماج.

وخلال السنوات التي تلت انتهاء الحرب الأهلية، كان القطاع المصرفي جوهرة تاج اقتصاد البلاد، حيث قدم معدلات فائدة عالية جذبت الاستثمارات والودائع من جميع أنحاء العالم.

وفقد معظم هؤلاء المودعين الآن الوصول إلى مدخراتهم بعد أن خاض المقرضون في البلاد لسنوات مغامرات استثمارية محفوفة بالمخاطر من خلال شراء أذون الخزينة اللبنانية رغم الفساد المستشري وإنفاق الطبقة السياسية المفرط.

وعززت هذه الممارسات الأزمة الاقتصادية التي بدأت في منتصف أكتوبر 2019 مما جعل النظام المالي يدور في حلقة مفرغة.

ووقع لبنان في خضم انهيار مالي تسبب في خسائر للقطاع المصرفي بنحو 72 مليار دولار، كما كبد العملة المحلية أكثر من 98 في المئة من قيمتها ودفع أكثر من 80 في المئة من السكان تحت خط الفقر.

والأسبوع الماضي، تجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء 90 ألف ليرة، بينما يبلغ سعر الصرف على منصة صيرفة التابعة لمصرف لبنان 70 ألفا.

ويعاني البلد الغارق في مأزق لا يعلم أحد متى سيتم التخلص منه، من مشكلة تعدد أسعار الصرف، فالسعر الرسمي يبلغ 15 ألف ليرة للدولار، والجمركي 45 ألفا، وسعر دولار منصة صيرفة التابعة للمركزي يبلغ 70 ألفا.

واندلعت الأزمة قبل ثلاث سنوات بعد عقود من الفساد الحكومي والبذخ في الإنفاق وسوء الإدارة المالية. وفرضت البنوك قيودا على السحب والتحويلات على الرغم من عدم إقرار قانون يجيز فرض ضوابط على رأس المال.

وأثار ذلك غضبا متصاعدا ضد المؤسسات المالية، لكن البنوك المحلية تقول إن سياسات الدولة والبنك المركزي هي المسؤولة عن ذلك الوضع.

وقال سعادة الشامي نائب رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال لرويترز العام الماضي إن البنوك يجب أن “تبدأ أولا” في امتصاص الخسائر النابعة من القطاع المالي.

ويعكف المسؤولون اللبنانيون على معالجة الأزمة من خلال محادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على ثلاثة مليارات دولار يمكن أن تحفز الاقتصاد.

لكن صندوق النقد الدولي قال العام الماضي إن تقدم لبنان في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة ما زال “بطيئا للغاية”، ولم يتم تنفيذ الجزء الأكبر منها بعد.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةمصنعو السيارات يشقون طريقهم نحو سوق الدراجات الكهربائية
المقالة القادمةانتهاء مفعول إجراءات مصرف لبنان.. وصيرفة “شبه معطّلة”