لم يكن التحذير المصري من تهديد “إسرائيل”، للأمن القومي الافريقي، مجرد كلام أتى خارج سياق ما يجري في حوض النيل. بل هو جاء لكونه يكشف عن سعي “تل أبيب” الحثيث لـ “تعطيش” دول وادي النيل، خصوصاً مصر والسودان، سيما وأن القاهرة تقيم علاقات وثيقة مع “إسرائيل”، والسؤال هو ماذا يهيأ للقارة الافريقية في المرحلة المقبلة، وبعد المعلومات عن تصدير عناصر “داعش” من سوريا والعراق، إلى القارة السمراء؟
الكشف المصري المفاجئ للدور المشبوه الذي تقوم به “إسرائيل” في منطقة حوض النيل، يؤكد ان الماء كان وما زال وسوف يستمر من أهم الموارد الطبيعية على الاطلاق ذلك أنه عصب الحياة والعمود الفقري لها فبدونه لا يمكن لكائن حي أن يعيش، ولا يمكن لأغلب الآلات أن تعمل، وبشحه تتدنى كل الفعاليات الاقتصادية والأنشطة البشرية الأخرى، ولذلك بدأ السعي إلى خلق الصراع على هذا المورد وتم إعداد المسرح منذ زمن ليس بالقصير لمثل هذا الصراع عن طريق الحديث عن أزمة المياه بين إثيوبيا والسودان ومصر بعد قرار أديسا أبابا بناء سد النهضة وحجز المياه عن الشعب الواحد في كل من مصر والسودان، وما يحدث هنا شبيه بما تقوم به تركيا من بناء سدود ضخمة على منابع نهر الفرات ودجلة، وسرقة “إسرائيل” لمياه نهر اليرموك ونهر الأردن ونهر الليطاني في لبنان ومياه هضبة الجولان المحتلة.
إن الصراع الخفي الدائر على أرض الواقع هذه الأيام هو الصراع على مصادر المياه ومواردها. والخبراء يقولون إن العالم سيشهد في القرن الحادي والعشرين صراعاً حاداً على المياه يشبه إلى حد كبير الصراع على النفط ويعتقدون أن أكثر من مليار نسمة في العالم قد يعانون من آثار نقص المياه خصوصاً مع ازدياد حالة الجفاف وزيادة الطلب على المياه لذلك فليس من المستبعد أن تشهد كل من آسيا وأفريقيا حروبا هدفها السيطرة على مصادر المياه ينفخ فيها ويسعر لهيبها أصحاب المصالح والاحتكارات ومصاصو دماء الشعوب.
أما في الشرق الأوسط فإن الصراع على المياه ربما يكون سمة المستقبل ذلك أن تحقيق الأمن المائي يعتبر من أهم الأولويات في المرحلة المقبلة لذلك فإن النزاع على المياه قد يكون من العوامل المضافة إلى العوامل الموجودة المسببة لعدم استقرار المنطقة. ومن الدراسات التي أجريت حول أزمة المياه في الشرق الأوسط ما أشار إليه التقرير الذي نشره معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن عام 1989 والذي جاء فيه أن الشرق الأوسط سيشهد في غضون السنوات العشر القادمة حرباً للسيطرة على مصادر المياه نظراً لزيادة عدد السكان في تلك المنطقة وزيادة برامج النمو الاقتصادي.
وعلى أي حال فإن “إسرائيل” تبحث عن الذرائع المختلفة للتوسع وذلك لتحقيق الحلم والهدف المرسوم وهو خلق “إسرائيل الكبرى” من النيل إلى الفرات، ولكن ليس بالحب بل عبر السيطرة الاقتصادية كما السيطرة على منابع المياه.
ثمة أشياء كثيرة تعدّ في الخفاء… مسرح اللامعقول في مياه الشرق الأوسط أكبر بكثير من لاعبي الدرجة الثانية!!

مصدرخاص الموقع
المادة السابقةبزي: بري بصدد التشاور مع الحريري من اجل عقد جلسة نيابية تشريعية
المقالة القادمةمؤتمر صحافي للرئيس السنيورة في نقابة الصحافة الجمعة