رغم تكرار المواجهة بين الجمهوريين والديمقراطيين بشأن رفع حد الاقتراض، بشكل شبه سنوي، فإن هناك تحذيرات من رؤساء شركات ومتخصصين ووكالة واحدة على الأقل من وكالات التصنيف الائتماني، من أن هذه المواجهة الطويلة بين الجانبين قد تهز الأسواق وتزعزع استقرار الاقتصاد العالمي المهتز بالفعل. ومن شأن هذا أن يُقوّض دور الدولار بوصفه عملةً احتياطيّة تُستخدم في المعاملات في كل أنحاء العالم، وفق وزيرة الخزانة الأميركية.
بلغت الحكومة الأميركية حد الاقتراض البالغ 31.4 تريليون دولار يوم الخميس الماضي، وسط مواجهة بشأن رفع السقف بين مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، والديمقراطيين الذين ينتمي إليهم الرئيس جو بايدن، ما قد يؤدي إلى أزمة مالية في غضون بضعة أشهر.
شهدت الولايات المتحدة معركة مطولة حول سقف الدين في عام 2011 أدت إلى خفض التصنيف الائتماني للبلاد وإجبارها لسنوات على تخفيضات في الإنفاق المحلي والعسكري. وبدأت وزارة الخزانة الأميركية، إجراءات استثنائية لإدارة النقد من خلال ترشيد النفقات، يمكن أن تؤدي لتفادي التخلف عن السداد حتى الخامس من يونيو (حزيران) المقبل. وفي الوقت الذي يواجه فيه أكبر اقتصاد في العالم، مخاطر حادة في حال رفض الموافقة الروتينية لزيادة سقف الاقتراض القانوني، من الحزب الجمهوري، وهو ما قد يدفع ذلك الولايات المتحدة إلى التخلف عن السداد، الأمر الذي لم يحدث من قبل، تزداد المخاوف فقط بين المحللين والمتخصصين، غير أن تداعيات طول المدة قد تنعكس بالسلب على الاقتصاد الأميركي وبالتبعية العالمي.
وأكدت نائبة السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض أوليفيا دالتون: «لن تكون هناك مفاوضات بشأن سقف الدين. يجب على الكونغرس معالجة المسألة دون شروط كما فعل ثلاث مرات في عهد (الرئيس الجمهوري السابق) دونالد ترمب». يهدف الجمهوريون، الذين فازوا حديثاً بأغلبية في مجلس النواب، إلى استغلال الوقت حتى استنفاد مناورات وزارة الخزانة الطارئة لإجبار بايدن ومجلس الشيوخ الذي يقوده الديمقراطيون على تخفيض الإنفاق. كما يحاول الجمهوريون استخدام أغلبيتهم البسيطة في مجلس النواب وسقف الدين لفرض تخفيضات على البرامج الحكومية، ويرون أن وزارة الخزانة يمكن أن تتجنب التخلف عن السداد من خلال إعطاء الأولوية لمدفوعات الديون، لكن الخبراء الماليين شككوا في جدوى الفكرة، التي يرفضها البيت الأبيض كلياً.
ونبه جيمي دايمون الرئيس التنفيذي لبنك «جي بي مورغان تشيس» إلى أن من شأن التخلف عن السداد أن يضر بمصداقية الولايات المتحدة، مضيفاً: «يجب ألا نشكك في الجدارة الائتمانية لحكومة الولايات المتحدة». وقال في مقابلة مع شبكة «سي إن بي سي» مساء الخميس، إن «هذا الأمر مقدس. ينبغي ألا يحدث أبداً».
وقال تشاك شومر، زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ في بيان: «سياسة حافة الهاوية مع الحد من الديون ستكون ضربة هائلة للاقتصادات المحلية والعائلات الأميركية، ولن تكون أهون من أزمة اقتصادية على أيدي الجمهوريين».
من جانبها حذّرت وزيرة الخزانة الأميركيّة جانيت يلين عبر شبكة سي إن إن، من أنّ التخلّف عن سداد الديون الأميركيّة سيؤدّي «بالتأكيد إلى ركود في الولايات المتحدة، وقد يؤدّي إلى أزمة ماليّة عالميّة». وقالت يلين إنّه في حال التخلّف عن سداد الدين الأميركي «فإنّ تكاليف الاقتراض لدينا سترتفع، وسيرى كلّ أميركي أنّ تكاليف الاقتراض الخاصّة به ستتبع الاتّجاه نفسه» وترتفع هي أيضاً. وأضافت: «علاوةً على ذلك، فإنّ الفشل في سداد أيّ مدفوعات… سيؤدّي بلا شكّ إلى حدوث ركود في الاقتصاد الأميركي، ويمكن أن يتسبّب في أزمة ماليّة عالميّة».
وشدّدت على أنّ «هذا سيُقوّض بلا شكّ دور الدولار بوصفه عملةً احتياطيّة تُستخدم في المعاملات في كل أنحاء العالم. أميركيّون كثر سيفقدون وظائفهم».
وتعهد بدوره الرئيس جو بايدن مساء الجمعة، بإجراء «مناقشة» مع رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي بشأن رفع سقف الديون. وقال بايدن خلال فعالية مع رؤساء بلديات المدن إن تخلف الولايات المتحدة عن سداد الديون سيكون كارثة لا مثيل لها من الناحية المالية في الولايات المتحدة. وقال بايدن «الدين الذي ندفعه تراكم على مدى 200 عام، وسنجري نقاشاً بسيطاً حول ذلك مع زعيم الأغلبية الجديد في مجلس النواب». وقال مكارثي زعيم الأغلبية في تغريدة موجهة إلى بايدن إنه قبل دعوته «للجلوس ومناقشة زيادة تتسم بالمسؤولية في سقف الديون لمعالجة الإنفاق الحكومي غير المسؤول».