شهد قطاع السياحة في لبنان خلال صيف 2024 تراجعًا ملحوظًا، نتيجةً لتصاعد التوترات الأمنية في المنطقة. الحرب في غزة، إلى جانب التصعيد على الحدود الجنوبية مع إسرائيل، أثرت بشكل مباشر على قرارات السياح بزيارة لبنان، ما تسبب في خسائر اقتصادية كبيرة وتحديات اجتماعية معقدة.
في ضوء الضربات الجوية الإسرائيلية على جنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية، سجلت البلاد تراجعًا كبيرًا في عدد السياح الوافدين. تقرير البنك الدولي أشار إلى أن هذا النزاع أدى إلى انخفاض الإيرادات السياحية واستثمار الأجانب، ما انعكس سلبًا على المكاسب الاقتصادية البسيطة التي تحققت في وقت سابق من العام.
انخفاض الحجوزات الفندقية
الحجوزات الفندقية تراجعت بنسبة تتراوح بين 5 إلى 7 في المئة، نتيجةً لمخاوف السياح من الأوضاع الأمنية. هذا التراجع أثر بشكل مباشر على قطاعات الترفيه والمهرجانات والحفلات الفنية، حيث شهدت الفعاليات انخفاضًا في الحضور والنشاطات.
تفاقمت أوضاع النازحين داخل البلاد، حيث اضطر الكثيرون إلى الفرار من المناطق الجنوبية نحو بيروت وأماكن أخرى، ما زاد من الضغط على الخدمات والبنية التحتية في هذه المناطق. هذا النزاع أثر بشكل جوهري على قطاع السياحة في لبنان خلال صيف 2024، ما أدى إلى تدهور إضافي في الاقتصاد المحلي وزيادة في التحديات الأمنية والاجتماعية.
التأثير على المهرجانات
تأثرت العديد من المهرجانات الصيفية في لبنان بسبب التوترات الأمنية:
– مهرجانات بعلبك الدوليّة: لم تُلغِ مهرجانات بعلبك برنامجها لهذا الصيف، لكن نشاطها سيقتصر على حفلة خجولة لها رمزيته الفلسطينية واللبنانية. كان من المقرّر أن تقام هذه الحفلة في بعلبك، لكنها ستنتقل الى مسرح كركلا في حرج تابت، بيروت، بسبب الظروف الأمنيّة الراهنة.
– مهرجانات بيت الدين: أعلنت “مهرجانات بيت الدين” عن تعليق نشاطاتها التي كانت مقررة للعام 2024، وحُصِرَت النشاطات بمعارض للفنون تقام في باحات القصر خلال فصل الصيف.
– الحفلات الموسيقية: العديد من الحفلات الموسيقية التي كان من المقرر إقامتها في مختلف المناطق اللبنانية أُلغيَت أو أُجِّلَت.
الأثر على المناطق السياحية
– بيروت: العاصمة عانت بشكل كبير من التوترات الأمنية، وتراجع عدد السياح في مناطقها السياحية الشهيرة.
– الجنوب اللبناني: تأثرت المناطق السياحية بشكل مباشر بالضربات الإسرائيلية، ما أدى إلى تدمير بعض المنشآت السياحية وتراجع عدد الزوار.
– الجبل والبقاع: شهدت هذه المناطق تراجعًا في عدد السياح نتيجة التوترات الأمنية.
أسباب التراجع
– المخاوف الأمنية: كان العامل الرئيسي وراء تراجع السياحة، حيث شعر السياح بعدم الأمان.
– تحذيرات السفر: أصدرت العديد من الدول تحذيرات سفر لمواطنيها من زيارة لبنان، وطلبت دول أخرى من مواطنيها مغادرة لبنان بشكل عاجل.
– الأزمة الاقتصادية: أثرت على البنية التحتية السياحية وجعلتها أقل جاذبية للسياح.
الآثار المستقبلية
– استعادة الثقة: يتطلب استعادة قطاع السياحة جهودًا كبيرة لتعزيز الثقة بالأوضاع الأمنية.
– تنويع مصادر الدخل: يجب على لبنان العمل على تنويع مصادر دخله وعدم الاعتماد بشكل كبير على السياحة.
– الدعم الحكومي: يحتاج قطاع السياحة إلى دعم حكومي كبير لتجاوز هذه الأزمة.
عماد قانصوه
المنتج والمتعهد عماد قانصوه أشار في حديث لـ”النشرة” إلى أن “نحو 80 بالمئة من الحفلات المقررة في لبنان هذا الصيف أُلغيَت، ليس فقط بسبب الوضع في الجنوب والضاحية الجنوبية، وإنما أيضًا بسبب الوضع العام في البلد حيث غادر معظم السياح المغتربون لبنان، إضافة إلى الوضع النفسي العام للناس الذين لم يعودوا يملكون المزاج للسهر والاحتفال في الوقت الذي يُقصَف فيه الجنوب والضاحية.
تلك الحفلات والمهرجانات كانت ستؤمّن آلاف الوظائف في مجالات الأمن والضيافة والصوت والإنارة والطعام… وما إلى ذلك من وظائف في المهرجانات والحفلات الكثيرة التي كان مخططًا لها.
الدولة في هذا الوضع يجب أن تكون إلى جانب قطاع السياحة، إلا أن ما حصل كان العكس حيث تخلت الدولة عن جميع الحفلات والمتعهدين…
والفنانون ومتعهدو الحفلات كانوا أكثر من تكبد الخسائر، بسبب إلغاء هذه الحفلات وغياب السياح والمغتربين.
الموسم السياحي في السنوات الثلاث الأخيرة كان سيئًا، إلا أن القصف الإسرائيلي على الجنوب اللبناني وضاحية بيروت الجنوبية وغيرها من المناطق زاد الوضع سوءًا هذا الصيف.”
إذن فالأحداث الأخيرة التي شهدها لبنان تركت آثارًا عميقة على قطاع السياحة، وستكون لها تداعيات اقتصادية واجتماعية كبيرة. يتطلب التعافي من هذه الأزمة جهودًا مشتركة من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.