ليس سهلاً على مدير عام أوجيرو عماد كريدية الاطلالة على اللبنانيين، صباح يوم الاحد، معلناً قرب إطفاء شبكات اوجيرو في المناطق كافة نتيجة الانقطاع الدائم للكهرباء وعدم قدرة مولدات الشركة على الاستمرار لمدة تفوق العشرين ساعة في اليوم. لا شيء أخطر من توقف الانترنت في زمن التكنولوجيا الحديثة، عطل طارئ صغير على الشبكة كفيل بإحداث فوضى وارتباك وضياع داخل الادارات والمؤسسات العامة والخاصة وكل ما يتصل بقطاعات الانتاج في لبنان.
تغريدة كريدية دفعت بالجميع أفراداً ومؤسسات إلى البحث عن الخطة “ب” البديلة، لا سيما وأن الانتقال من الورقة والقلم الى الكومبيوتر لم يلحظ أن في لبنان هناك من يريد اعادته مئة سنة الى الوراء، فحاجة الناس الى الانترنت لا تقتصر على تدوينة أو تغريدة أو عرض صور على مواقع التواصل الاجتماعي… انها “data” لدولة بكامل مؤسساتها وشبكة عنكبوتية مترابطة فيما بينها، وأي خلل قد يضع لبنان بعيداً عن الزمان والمكان وينهي الكثير من الخدمات على حساب المواطن.
كريدية تحدث عن جزء بسيط من الازمات التي اصابت مؤسسته، التي رفعت العشرة بعد تعرضها لانتكاسات كبيرة على مستوى الصيانة، اذ عمدت ادارة المؤسسة الى تمديد كل العقود مع الشركات حتى “التنظيف” كان مشمولاً بهذه الخطوة، والسبب عدم قدرة اوجيرو إجراء مناقصات جديدة للتعاقد مع الشركات التي لم تعد تناسبها أسعار الـ 1500 ليرة، والاخطر أن هيئة أوجيرو اليوم تُحتضر، إذ أن الجباية بالليرة اللبنانية غير كافية والفواتير المدعومة “ملغومة” في معظمها، بسبب الزبائنية التي سادت لعقود قطاع التوظيف داخل الهيئة المحمية سياسياً.
أمام هول الكارثة التي قد تحل بعد أيام، ان لم تجد الدولة بديلاً عن الانقطاع الدائم للكهرباء، فإن هيئة أوجيرو ستجد نفسها مضطرة الى اعلان عجزها عن الاستمرار. ولكن ثمة أسئلة كثيرة عن تأخُّر الموقف الذي أطلقه كريدية المدرك لخطورة الوضع لا سيما على اوجيرو، فهو ظل صامتاً طيلة هذه الفترة ولم يخرج ويعلن أمام الرأي العام المشاكل التي تعتري المؤسسة والوضع الكارثي الذي يشكو منه أكثر من موظف بعد رفع تقارير الى مجلس الادارة تشير الى النواقص التي تتصل باعمال الصيانة ونسبة الاشغال على الكابلات والاعطال التي استجدت في كثير من المراكز وجرت صيانتها بـ”التي هي أحسن”… ويتحدث بعض العاملين في الصيانة عن كارثة كبيرة قد تحل في مراكز أوجيرو نتيجة الظروف الصعبة التي يعملون فيها، واستيراد القطع والماكينات باتت مكلفاً والصيانة اليوم بدائية وقرار الهيئة بهذا الشأن كان واضحاً وتعميم “التقشف” يسري على الجميع، وربما لاحظ اللبنانيون تردّي الخدمة في الشركة والبطء الذي طرأ على الشبكة العنكبوتية.
كل تلك المشاكل قد يضعها كريدية على الطاولة في وقت قريب، عندما يصبح سبب توقف الانترنت أكبر من مولد كهربائي، وعندما يخرج مصرف لبنان معلناً رفع الدعم عن فاتورة الهاتف وتحريرها من الـ 1500 ليرة ان استمر الوضع على ما هو عليه بغياب أي حل حكومي، عندها يصبح الانترنت والهاتف حكراً على اصحاب الدولارات.