وضعت تركيا، ومنذ غيّب وباء كورونا السياح عن أراضيها وأخلّ بخططها، خريطة طريق يتابعها بحسب مصادر تركية مطلعة، وزراء الخارجية والسياحة والصحة، بهدف تعزيز السياحة العلاجية والتقييم الدوري للإجراءات التي تزيد من تدفق المرضى وهواة التجميل إلى مشافيها، وذلك بعد أن عطّل الوباء خطتها باستقبال 57 مليون سائح العام الجاري، بعد أن استقطبت العام الماضي 51.7 مليون سائح بعائدات بلغت 34.5 مليار دولار.
ولم يزد عدد السياح الأجانب في تركيا عن 10 ملايين سائح خلال الشهور الثمانية الأولى من 2020، بحسب بيان لوزارة الثقافة والسياحة التركية أصدرته الأسبوع الماضي، من بينهم مليونان و16 ألفا و553 سائحا تركيا من المقيمين في الخارج.
ويقول الدليل السياحي التركي، سردار دونميز، إن تأثير وباء كورونا على السياحة العلاجية، كان أقل مما لحق بقطاعات السياحة الأخرى، لأن ما تقدمه تركيا من حسم أسعار وما شهدته من تقدم، حافظ، ولو نسبياً على تدفق المرضى الذين يحجزون لأسبوع أو ثلاث ليال في تركيا وينفقون ويجوبون خلال فترة العلاج، على المواقع والمطاعم والمعالم السياحية.
ويلفت الدليل السياحي التركي، خلال حديث مع “العربي الجديد” إلى أن “تركيا كانت تعول على عائدات بنحو 40 مليار دولار، لكن استمرار المخاوف وخاصة بظل ما يشاع عن موجة ثانية من وباء كورونا، أثر كثيراً على قدوم السياح هذا العام، حيث تراجعت الآمال والأرقام.
وأضاف أنه بالمقابل زاد التعويل على السياحة العلاجية لتصل عائداتها إلى مليار دولار هذا العام، رغم أن التوقعات كانت بأكثر من 3 مليارات لتصل خلال مئوية تأسيس الدولة إلى نحو 10 مليارات دولار من أصل 75 ملياراً، تعول عليهم تركيا من القطاع السياحي عام 2023..
ولم يتوقع الدليل السياحي التركي أن يصل عدد سياح هذا العام لأكثر من 13 مليوناً بعائدات ربما تصل إلى نحو 15 مليار دولار، معتبراً أن تركيا “تخطت باستقبالها السياح هذا العام دولاً رائدة” وذلك بعد الخطة الحكومية بزيادة تحسين برنامج شهادة السياحة الآمنة الذي يهدف إلى تهدئة المخاوف الصحية.
وأدى حصول أكثر من 4500 منشأة تركية على التصديق الدولي ومتطلبات الصحة والصرامة في المطارات، إلى عدم انقطاع السياح بالكامل كما حدث في كثير من الدول، وفقا للدليل السياحي، الذي اعتبر في الوقت نفسه، أن لقرار وزارة الصحة بتخفيف القيود واستقبال المرضى، دوراً بقدوم السياح للعلاج.
وبدأت تركيا التركيز على قطاع السياحة العلاجية، بالتزامن مع الانفتاح التدريجي وعودة الحياة إلى طبيعتها، فافتتحت مستشفيات عدة خلال تفشي كورونا.
ويكشف مدير شركة” آق دينيز” السياحية في إسطنبول، سليمان صياح أن حجوزات السياح بقصد العلاج، بدأت بالعودة إلى تركيا منذ يوليو/تموز الماضي “ولكن ليس كما في العام الماضي” مبيناً أن “السياح من روسيا و أوروبا والولايات المتحدة أكثر من الخليج العربي” .
وفي حين لا تصل الإشغالات الفندقية بحسب صياح لأكثر من 50% هذه الفترة، إلا أن رخص التكاليف في تركيا والتي لا تصل إلى 50% من تكاليف العلاج في أوروبا والولايات المتحدة، دفعت كثيراً من المرضى للقدوم هذا العام.
في السياق ذاته، يقول مدير وكالة “دوك” للسياحة الصحية، يوسف تمريل، إن إيرادات قطاع السياحة الصحية في تركيا، خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام، بلغت نحو مليار دولار، رغم الظروف المتعلقة بالجائحة.
وأضاف “تمريل” في تصريحات إعلامية، أن حوالي 60 بالمئة من إيرادات قطاع السياحة الصحية، تأتي من خلال عمليات التجميل التي تجري في تركيا.
ودشنت تركيا هذا العام وخلال تفشي وباء كورونا، ثلاثة مستشيات ضمن مساعيها لنهضة السياحة الطبية، فبعد افتتاح مستشفيي “مطار أتاتورك” و”سنجق تبه” أمام السياحة العلاجية، افتُتحت المدينة الطبية بمنطقة باشاك شهير، التي ستساهم بحسب المسؤولين الأتراك في إنعاش السياحة الطبية.