تبدأ إدارة حصر التبغ والتنباك (الريجي)، الثلاثاء المقبل، تسلّم محصول التبغ من مزارعي الجنوب لهذا الموسم، قبل شهر ونصف شهر من الموعد المعتاد، لإنقاذ ما تبقى من المحصول في ظل العدوان الإسرائيلي.في بلدة عيترون، التي تعدّ من أكبر منتجي التبغ، والتي هُجّر معظم سكانها، لم يصمد سوى خمسة مزارعين، من بينهم إبراهيم عبد المنعم الذي جمع محصوله تحضيراً لتسليمه ضمن المهلة التي حددتها «الريجي». يقول عبد المنعم: «مرت الأشهر الأحد عشر بصعوبة. وكان الموت يرافقنا في كل لحظة». أنتج عبد المنعم لهذا الموسم حوالي 500 كيلو من التبغ، فيما اعتاد في المواسم السابقة إنتاج أكثر من 1500 كيلو. الاعتداءات الإسرائيلية أجبرت معظم سكان البلدات المجاورة التي تزرع الشتلة أيضاً على النزوح، كميس الجبل وبليدا وحولا التي زرع بعض أهلها النازحين في أماكن بديلة أكثر أمناً، فيما لم يجد معظمهم أراضي مناسبة. بلدة بيت ليف أيضاً من أبرز منتجي التبغ. لكن ما زرعته هذا العام لم يبلغ ربع المعتاد، إذ لم يتبقّ فيها سوى نحو عشرة مزارعين من أصل أكثر من 200. حتى موسم غرس الشتول في نيسان الماضي، كان ناصر مصطفى لا يزال يعاند الغارات والقصف المدفعي الذي استهدف حقوله ومحيطها في أطراف البلدة. لكن اشتداد العدوان أخيراً منعه من قطاف ما زرعه. ابن عمه حسين مصطفى، أحد شركائه في الزراعة، استشهد في غارة من مسيّرة خلال تفقده حقله في 21 آب الماضي. فيما أصيب نجل شريكه الآخر في غارة استهدفت البلدة قبل شهرين ولا يزال في غيبوبة.
ولم يكن الإنتاج أفضل في كثير في قرى المواجهة المقابلة للبلدات الحدودية. الشريط الممتد من الغندورية وبرج قلاويه حتى قبريخا والصوانة وتولين يضم أبرز منتجي التبغ. لكن المحصول تراجع أيضاً هذا العام بسبب وقوع حقول التبغ في المناطق التي تتعرض للاعتداءات. في قبريخا، لم يزرع أكثر من 25 مزارعاً من أصل 60 من أبناء البلدة، بحسب رئيس البلدية عبد الأمير فحص. ومن النازحين الذين انتقلوا من حولا وكفركلا والعديسة وميس الجبل وبليدا ومركبا المقابلة، لم يزرع سوى مزارع واحد منهم. إذا إن «معظم الحقول تقع في الأطراف الشرقية والغربية المشرفة على وادي الحجير والسلوقي. لذا كان من الصعب الوصول إليها. والنتيجة، تراجع إنتاج قبريخا من حوالي 75 ألف كيلو الى 18 ألفاً».
مدير الزراعة والمشترى في «الريجي»، جعفر الحسيني، أوضح «أننا قررنا تقريب موعد التسليم لإنقاذ المحصول، سواء في الحقول أو المحفوظ في المنازل من القصف والغارات المحتملة ومن الرطوبة وغبار القصف». وحدد «الريجي» مراكز في مناطق جنوبية أكثر أمناً لتسليم المحصول. كما قررت «الريجي» رفع سعر الكيلو الواحد بنسبة 17 في المئة عن العام الماضي، على أن يُمنح كل مزارع من البلدات الحدودية التي تتعرض للاعتداءات دولارين كبدل مساعدة عن كل كيلو تبغ. أما المزارعون من البلدات الجنوبية الأكثر أمناً، فسيحصلون على مساعدة بقيمة نصف دولار عن كل كيلو. وقدّر الحسيني حجم الإنتاج المتوقع تسلّمه بحوالي مليون و500 ألف كيلو من الجنوب، مقارنة بمليون و900 ألف كيلو العام الماضي. ولفت الى أن بعض البلدات الأكثر أمناً كرميش ودبل والقليعة وبرج الملوك وصديقين زرعت كميات أكبر من المعتاد، ما عوّض النقص في إنتاج البلدات الحدودية الأخرى.