عقد صباح اليوم (الثلاثاء) في مقر الاتحاد العمالي العام، اجتماع موسع، حضره رئيس الاتحاد العمالي العام بالانابة حسن فقيه واعضاء هيئة مكتب الاتحاد العمالي، رئيس هيئة التنسيق النقابية نزيه جباوي واعضاء الهيئة وحشد من النقابيين والهيئات المعنية.
استهل الاجتماع بكلمة لرئيس الاتحاد العمالي العام بالانابة حسن فقيه، استهلها بالقول:”أما وان الكيل قد طفح وامتدت الحرائق الطبيعية والسياسية والاقتصادية والمالية الى كل الأنحاء ولم تنفع كل التحذيرات والتنبيهات والتحركات الشعبية، فبات لا بد من وقفة حاسمة من تداعيات هذه الأزمة التي تستفحل يوما بعد يوم وتذهب بالبلاد ليس فقط الى انفجار اجتماعي، بل الى ما هو أبعد من ذلك عندما تفقد جميع القوى السياسية والنقابية القدرة على السيطرة عليها”.
أضاف:”ويأتي اجتماعنا اليوم مع هيئة التنسيق النقابية ليس لتوصيف الأزمة وشرح أسبابها بل اساسا للبحث في الموقف العملي والتحرك الضاغط والفاعل لوقف هذا النزيف القاتل للمجتمع بأغلبية أبنائه من عمال وموظفين ومزارعين وفلاحين وطلاب وكسبة صغار وأصحاب الحرف والصناعات الصغيرة والمتوسطة ومن ضرب لقطاعات السياحة والنقل وفرص العمل وارتفاع نسب البطالة ووصول أكثر من ثلي اللبنانيين الى ما دون خط الفقر والقسم الباقي على حافته فيما يتنعم أقل من واحد بالمائة بثروات البلاد ويحتكر وحده 50% (خمسون بالمائة) من ودائع المصارف البالغة أكثر من 180 مليار دولار أميركي”.
وتابع: “بالأمس كانت أزمة البنزين والمحروقات وهددت السكان بالبقاء في بيوتهم واليوم أزمة رغيف الخبز وغدا ربما أزمة الدواء وأدوات ولوازم طبية، ومع هذه الأزمات أزمة السكن وقانون ايجارات تهجيري ومزاحمة لليد العاملة اللبنانية بسبب جشع بعض أصحاب العمل وبينهما أزمة الأقساط المدرسية وتعثر تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومشكلات أكلاف الطبابة والدواء والاستشفاء حتى بتنا أمام واقع تعليم غني للأغنياء وبالدولار الأميركي وتعليم فقير للفقراء واستشفاء وطبابة غنية للأغنياء وفقير للفقراء”.
وقال:”اللائحة تطول ولا ينتهي مسلسل الأزمات لكن السبب الرئيسي في كل ذلك هو نظام سياسي قائم منذ ما قبل الاستقلال على صيغة طائفية ومذهبية واقطاعية ودينية وسياسية مولدة للحروب والأزمات الدورية والانقسامات الاجتماعية المزيفة حيث يصبح رغيف الخبز وفرصة العمل ونور الكهرباء والماء وكافة أسباب الحياة ذات لون طائفي ومذهبي فيما يجتمع كبار القوم من الأثرياء ليتقاسموا المغانم”.
وأردف :”إن هذا النظام السياسي القائم على المحاصصة وعلى شد العصب الطائفي والمذهبي يرتكز في الأساس على نظام اقتصادي ريعي وربوي لا حدود لجشعه ولا قوانين تحمي المواطنين منه ولا سياسة ضريبية عادلة تعيد توزيع الثروة بحد أدنى من العدالة الاجتماعية وتحمي قطاعات الانتاج من زراعة وصناعة وسياحة وخدمات حقيقية.وعندما يحشر هذا النظام في أزمته المالية والنقدية يلجأ الى تحميل الطرف الأضعف نتائج هذه الأزمة فيوقف تصحيح الأجور ورفع حدها الأدنى منذ العام 2012 والتي كانت مجتزأة بالأساس ويحمل أصحاب الحق بالسلسلة المسؤولية عن تفاقم الأزمة ويعمل بصورة دؤوبة على استعادة ما حققه الموظفون والمتقاعدون من حقوق متوجبة من خلال موازنتين 2019 و 2020 ويطرح سلسلة من الضرائب والرسوم والاقتطاعات على الفئات الشعبية من زيادة على أسعار المحروقات والضريبة على القيمة المضافة بينما يتجاهل الدعوات المتصاعدة الى واجب الدولة باستيراد المحروقات من دولة الى دولة وتخزينها وتسعيرها وتوزيعها ومنع احتكارها لبضعة مافيات تستفيد بمئات ملايين الدولارات منها، وكذلك الأمر بالنسبة للدواء والقمح والطحين والاسمنت والسلع الغذائية الأساسية بل بدلا من ذلك تعمل الدولة من خلال مؤتمر سيدر كما سبقه من مؤتمرات باريس الى تصفية القطاع العام بأرخص الأسعار والقضاء على ما تبقى من الأملاك العمومية”.
وقال فقيه:”إن الأزمة في أساسها سياسية تكمن في بنية النظام ولا حل لها من دون الانتقال الى نظام انتخابي خارج المحاصصات الطائفية. نظام انتخابي قائم على الدائرة الوطنية الواحدة وعلى النسبية والبرامج الانتخابية التي يمكن للمواطن أن يحاسب النائب عليها كنائب عن الوطن وليس عن الطائفة والمذهب”.
وأشار الى “أن الأزمة المالية والاقتصادية لا حل لها من دون استعادة الأموال المنهوبة من قبل المصارف الكبرى والشركات العقارية واستعادة الأملاك البحرية ووقف التهرب الضريبي والبدء على الأقل بتطبيق الخطة الاقتصادية التي أقرت منذ أكثر من شهر ونصف في قصر بعبدا وانتهت مع انتهاء الاجتماع. كما انه من دون إقرار ضريبة تصاعدية على المداخيل والأرباح الموحّدة للأشخاص والشركات سوف يبقى تركز الثروة في أيدي القلة ويزداد إفقار الأغلبية وانهيار المجتمع.كما أنه ما زاد الوضع تفاقما هو هذا الحصار المالي الأميركي الذي يتعرض له لبنان مما يلغي أي كلام عن نظام اقتصادي حر فيما كل لبناني له حساب في مصرف من المصارف مكشوف على الشاشات الأميركية التي تتحكم به وبأمواله. ما يؤكد بأن البلد يتعرض لحصار اقتصادي إن لجهة التضييق على أبنائه في المغتربات أو لجهة التحويلات المالية ما يحتم علينا لاحقا باتخاذ موقف من هذا الموضوع.
وختم فقيه بادعوة الى “التحرك العاجل والسريع ولكن غير المتسرع”. وقال: إننا نملك فضلا عن شرعية تمثيلنا لأوسع شرائح المجتمع الحق بالدفاع عن مصالح من نمثل، بل نتحمل الواجب النقابي والأخلاقي والاجتماعي وإطلاق أوسع تحرك ضاغط لوضع حد لهذه الأزمة” مضيفا:”إن ذلك يقتضي من وجهة نظرنا كاتحاد عمالي عام تشكيل لجنة مصغّرة من المجتمعين اليوم تكون مهمتها الأولويات التالية:
1 -اجراء الاتصالات واللقاءات العاجلة مع كافة الجهات السياسية والنقابية ومنظمات المجتمع المدني للاشتراك في مواقف وتحركات موحدة.
2 – وضع جدول زمني بالتحركات الضرورية بدءا من الاعتصامات مرورا بتنظيم التظاهرات ووصولا الى الاضرابات الجزئية والوطنية العامة.
3 – تفويض هذه اللجنة من قبل المجتمعين باتخاذ القرار المناسب بالتحرك وتوقيته وتنفيذه.
4 – وضع الشعارات الأساسية الموحدة التي تنطلق منها هذه التحركات.
جباوي
ثم كانت كلمة رئيس التنسيق النقابية نزيه جباوي فقال:” اردنا ان يكون هذا اللقاء جامعا يمثل السواد الاعظم من الشعب اللبناني اساتذة معلمين وعمال وغيرهم، الازمة المالية التي يمر بها البلد لا علاقة لنا بها واللقاءات التي حصلت في القصر الجمهوري لم ينفذ من مقرراتها شيء، البلد في خطر اقتصادي ومالي”.
اضاف جباوي:” بالامس ازيح مصرف عن خارطة المصارف، والدولار مفقود، وحاكم مصرف لبنان يؤكد ان الوضع بألف خير، ونسأل لماذا اضربت محطات بيع البنزين والافران والمطاحن. وقد نرى اضرابات في قطاعات اقتصادية اخرى نتيجة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية الفاشلة التي اعتمدتها الدولة في المعالجات”.
واوضح “ان هيئة التنسيق النقابية وضعت الاصبع على الجرح منذ 2018 حيث ارشدت المسؤولين الى الاماكن التي تؤمن المداخيل للدولة وابرزها: الاملاك النهرية والبحرية”.
وتطرق الى مشكلة الكهرباء والاموال التي تتحملها الدولة سنويا، مشيرا الى ضرورة ان تستورد الدولة الامور الضرورية من دولة الى دولة دون ان تبقى تحت رحمة التجار”.
وعرض جباوي لما يتعرض له العاملون في القطاع العام من اقتطاعات وزيادة ضرائب ورسوم عليهم، معلنا التصدي لهذه الطروح التي لا تطاول سوى ذوي الدخل المحدود والفقراء.
واقترح جباوي “إعلان الاضراب العام بهز ضمير المسؤولين ولتصويب بوصلة الدولة قبل فوات الاوان”.
ثم بدأت المناقشة التي شارك فيها جميع الحاضرين.
وبنتيجة المناقشة، اتخذ القرار بتشكيل لجنة متابعة من هيئة التنسيق والاتحاد العمالي العام والنقابات المعنية لمتابعة ما اقترحه رئيس الاتحاد العمالي العام.