في كلمة ألقتها رئيسة اتحاد مصنّعي النبيذ ميشلين توما خلال مهرجان «ليالي النبيذ والعرق» الذي نظّمته جمعية تجار زحلة برعاية مدير عام وزارة الزراعة على بولفار مدينة زحلة، بدت توما أقرب الى الواقعية في وصف واقع القطاع. وعلى الرغم ممّا كشفته عن الأرقام القياسية التي حقّقها تصدير النبيذ اللبناني، والذي وصل بين عامي 2020 و2022 إلى 31 مليون دولار وفقاً لإحصاءات مديرية الجمارك، اعتبرت «أنّ هذه الأرقام تتطلب حرصاً وجهداً أكبر للحفاظ عليها». وإذ توقّعت «أن يكون الموسم الحالي مميّزاً»، حذّرت «من أن تؤدّي هفوات صغيرة للإساءة الى هذه السمعة التي اكتسبها نبيذ لبنان».
أملت توما أولاً التشدّد في الرقابة بالنسبة لتصنيع هذا المنتج، مع تطبيق القانون الخاص بتنظيم القطاع الصادر في العام 2000 بحذافيره، وقد اعتبرت أنه شبيه إلى حدّ بعيد بالقانون الفرنسي. وشدّدت على «أننا لا نريد أن نضع العراقيل من خلال تطبيق القانون، وإنما نحرص على المواصفات التي سمحت للنبيذ بالوصول الى العالمية»، غامزة بذلك كما أوضحت لـ»نداء الوطن» من باب الصناعات التي تحاول اقتحام السوق من خارج هذه المواصفات، وقد تسيء الى سمعة الإنتاج عموماً.
في تمنّ ثانٍ، دعت توما الى استمرار الجهود في البحث عن أسواق جديدة للنبيذ اللبناني، لافتة في دردشة أيضاً إلى أن «السوق الأوروبية جيدة جداً، ولكن هذه السوق تمرّ حالياً بأزمة ولا بدّ أن نصاب بشظاياها ويجب أن نكون مستعدّين دائماً لتأمين تصريف إنتاجنا»، خصوصاً في ظلّ ما كشفته في كلمتها أيضاً «عن تحوّل مساحات كبيرة من كروم العنب نحو الأصناف المخصّصة لصناعة النبيذ، وهذه قد تتسبّب في فائض خلال خمس سنوات، إذا لم يتم البحث بشكل دائم عن أسواق جديدة لمنتج النبيذ».
كما تمنّت توما تنظيم عملية استيراد النبيذ من الخارج، مشدّدة على أن ذلك لا يعني «منع الاستيراد، ولكن على الأقل ما يستورد يجب أن يخضع لمعاملة مشابهة لتلك التي يلقاها النبيذ اللبناني في البلدان التي يصدّر إليها». وبذلك، كما قالت، «نحمي الصناعة من ناحية، ولكننا أيضاً نحمي المستهلك اللبناني من نوعيات الكحول التي تدخل إلى البلد».
لا شكّ أنّ النبيذ اللبناني حقّق سمعة طيبة جداً في الخارج، وقد تحقّق ذلك كما تشرح أوساط المصنّعين بفضل عدّة عوامل، ومنها طبيعة مناخ لبنان، وأرضه الزراعية التي تعطي نوعية عنب مختلفة كما في البقاع، بالإضافة الى الخبرة التي كوّنها المصنّعون من خلال توارث هذه الصناعة من جيل الى آخر، مع تطوّر سعى إليه كل جيل، سواء بتقنية الصناعة أم بنوعيات النبيذ الجديدة التي يقدّمها، وخصوصاً مع اكتساب الجيل حرفية كبرى، صقلها بالعلم والمعرفة، وقد سمحت له بإدخال نوعيات مختلفة من النبيذ يختزن بعضها بصمة لبنانية.
ومن هنا جاءت ربما دعوة توما الى الحاضرين لزيارة مصانع النبيذ وخمّاراتها، للتعرّف الى حكاياتها وحكايات أجيال اجتهدت في هذه الصناعة، وتعبت وصبرت حتى بات للإنتاج اللبناني سمعته الطيبة في الخارج. إلا أن الأزمة بالمقابل خلّفت تداعيات كبيرة على هذه الصناعة، خصوصاً أن كلفة الإنتاج العالية، مع ارتفاع كلفة النقل بعد جائحة كورونا، تصعب منافستها في الأسواق الخارجية.
ومع ذلك تشدّد أوساط مصنّعي النبيذ على أنّ الأزمة ليست في لبنان وحده، وهي عالمية، ولذلك هم يعتبرون أنّ المرحلة حالياً هي للصمود، وللحفاظ على الوجود، ويراهنون في ذلك على التمسّك بالمعايير التي سمحت للإنتاج اللبناني بالمشاركة في مسابقات عالمية، جاء تقييم الخبراء العالميين خلالها منصفاً لهم.
كلمة توما في المقابل تفرّدت بعرض واقع القطاع، إلى جانب ما ذكره رئيس مجلس إدارة المعهد العالي لصناعة الكرمة ظافر الشاوي عن ارتفاع عدد الخمّارات المسجلة لدى وزارة الزراعة إلى 46. فيما ركّزت الكلمات الأخرى على زحلة ودورها بالنسبة لهذا الإنتاج، ولإنتاج العرق الذي دعا رئيس بلدية زحلة الى إيلائه أهمية مشابهة، وذلك خلال تواليه على الكلام مع كل من رئيس جمعية تجار زحلة زياد سعاده، راعي أبرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك إبرهيم إبرهيم، ومدير عام وزارة الزراعة لويس لحود، بالإضافة الى مشاركة الفنانة نجوى كرم بكلمة وجدانية.