تعاميم “المركزي” تملأ الوقت الضائع… هل تعود المصارف إلى الإقراض بالليرة؟

في الوقت الضائع بين الإستحقاقَين الحكومي والرئاسي اللذين يؤثّران بشكل مباشر على عمليات الإنقاذ المالي والاقتصادي، لا يوجد سوى تعاميم مصرف لبنان “سارية المفعول” على شبابيك المصارف، إذ أنها الوحيدة التي تلبّي ولو جزئياً متطلبات الزبائن، علماً أنه عند البدء بتطبيق خطة صندوق النقد الدولي ستتوقف كل تلك التعاميم، عندها ما سيكون البديل؟!

ففي ظلّ حكومة تصريف الأعمال لا ولن تنفَذ خطة صندوق النقد الدولي، كما أن لبنان لم ينفذ شيئاً إلى الآن من شروط الصندوق، لا في ما يتعلق بالـ”كابيتال كونترول” ولا بقانون رفع السريّة المصرفية أو مشروع الموازنة العامة وغيرها.

أما في ما يتّصل بـ”خطة التعافي”، فالمصارف لا تزال تعارضها بشدة كونها تركّز على شطب الودائع كنقطة أساسية، و”معارضة المصارف لا تنطلق من الحفاظ على رساميلها التي “طارت” بفعل إعلان الدولة تعثّرها عن دفع استحقاقات سندات الـ”يوروبوند”، إنما من منطلق الحفاظ على ودائع الناس”، يقول مصدر مالي لـ”المركزية”، وهنا “يفتقد المودِعون إلى الوعي الكافي للخروج من الشعبويّة والإقتناع بأن المصارف ترفض “خطة التعافي” لأنها تُلغي استرداد أموال المودِعين”، ويقترح في السياق: إما أن يجد المودِعون سبيلاً مشتركاً بينهم وبين المصارف لمطالبة الدولة باسترداد الودائع، أو يستمرّون في التصويب على المصارف والذي لن يؤدي إلا إلى شطب جزء من الودائع من دون أي مخرج آخر.

ويُضيف: المصارف تطالب وحيدة بعدم شطب الودائع، وتطلب استرجاع الأموال – “الوديعة” من مصرف لبنان، وهي ليست ديناً. الدولة ملزَمة لإعادة هيكلتها، كي تردّها للمودِعين. أما في حال تشبّثت الدولة بعدم دفع المال للناس فـ”لا حولَ ولا قوة”، فيما يمضي المودِعون في توجيه إصبع الإتهام إلى المصارف وتحميلها كامل المسؤولية ويطالبونها باسترجاع أموالهم في حين أن “لا ناقة لها ولا جمل” في هذه القضية، فحتى لو أفلست المصارف وباعت الدولة كل أملاك القطاع، فلن يقبض المودِعون شيئاً، والدولة بذلك تكون مرتاحة للغاية.

ويشدّد على “وجوب أن تحمي الدولة المصارف عبر إقرار قوانين تمكّنها من حماية مودِعيها. فهل يجوز أن يبقى المقترِض يسدّد قرضه على سعر صرف 1500 ليرة، فيما المصرف يدفع لزبائنه بالدولار الـFresh !؟ إن كل ما تقبضه بالليرة تستجمعه لتسدّد فيه قيمة وديعة واحدة”.

وليس بعيداً، يُشير المصدر المالي إلى أن “كمية الودائع في المصارف قد تقلّصت، وبالتالي قبضت العالم أموالها التي لا تتخطى الـ100 ألف دولار، فيما تبقى ودائع النقابات والمستشفيات وغيرها التي تفوق السقف المذكور. فكيف يكون التصويب هنا على المصارف تحت مقولة فلتسترجع المصارف الأموال المهرّبة من الخارج لتسديد تلك الودائع!! فمَن يريد يسترجع أمواله المهرّبة من الخارج سيضعها في حسابه الخاص، ولن يسدّد بها أموال الغير… يجب أن يَعي الجميع هذا الأمر.

هل تعود المصارف إلى الإقراض… بالليرة؟

وعمّا إذا كانت المصارف التجارية ستعود كما مصرف “لبنان والمهجر” إلى إعطاء القروض السكنية والشخصية وقروض السيارات والطاقة الشمسيّة، يوضح المصدر أن “الفائدة على الليرة اللبنانية متدنيّة لاعتبارها متوفرة ورقياً”، ليستدرك القول: عندما تريد المصارف التسليف فهي تعطي القروض بالعملة الموجودة لديها، وبما أنها لا تملك “دولارات” فستكون الليرة اللبنانية خيارها الوحيد، لكن الحسابات المصرفية بالليرة تدنّت إلى نحو 15 و20 في المئة من المجموع العام للودائع، والمصرف الذي بدأ بإعطاء القروض بالليرة اللبنانية قد يكون يخاطر في الموضوع علماً أن لديه الحق الطبيعي في ذلك. وتلك المخاطر قد يحمّلها للزبون عبر رفع سقف الفائدة”.

ويَخلص إلى القول “كي تعود المصارف وتنطلق في عملية التسليف، فالأمر يتطلب توفّر الحدّ الأدنى من الاستقرار وغياب مشهديّة شتم المصارف أمام مقرّاتها وفروعها. كما على المصرف التأكد من أن المقترِض سيبقى في عمله بعد أسبوع ولم تُقفَل المؤسسة التي يعمل فيها… وغيرها من العوامل غير المشجعة، وما أكثرها”.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةشراكة بين الوسطاء العقاريين في لبنان والمحترفين في فرنسا
المقالة القادمةنقابة عمال ومستخدمي شركات المحروقات: مضطرون للطعن بالجدول في هذه الحالة