أرخت الأزمة السياسية بثقلها على كافة الأوضاع في البلاد، لا سيما بعد أن ساهمت، بشكل أو بآخر، في إرتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، حتى بلغ 23 الف ليرة.
صحيح أن إقتصاد لبنان “مدولر”، لكن عوض أن يتعلّم المسؤولون من الأزمة، عبر إطلاق عملية التصحيح، ذهبوا أكثر فأكثر نحو تثبيت هذا الخيار، فبعد رفع الدعم أصبح شراء المازوت مثلاً “بالدولار” أو ما يوازيه بسعر صرف الدولار مقابل الليرة في السوق السوداء، فجنّ جنون “الدولار”، وبدأ بالارتفاع ما أثار في نفس الوقت موجة غلاء غير مسبوقة.
يعيش المواطن اللبناني سباقاً مع الوقت ومع إرتفاع سعر الدولار، الذي ينعكس بشكل كبير على حياته اليومية، “من يملك مخزوناً بالعملة الخضراء لا يبيعه فيما من يقبضون مثلاً بالدولار يضطرون لصرفه لحاجاتهم لا أكثر”، بحسب ما يؤكد الخبير الاقتصادي لويس حبيقة، الذي يشير الى أن “أغلب السلع أصبحت بالدولار وبالتالي نحن بحاجة إلى شراء الدولار للدفع، ما يعني أن الطلب سيزداد وبالتالي إرتفاع سعره حتماً”. في المقابل يشدّد الخبير الاقتصادي نسيب غبريل، عبر “النشرة”، على “ضرورة العودة إلى أسباب وجود سوق موازية للدولار، وأولها أزمة الثقة بسبب قرارات كان يجب أن تتخذها الحكومة ولم تفعل ذلك، مثل الاصلاحات”.
لا شكّ أن التراجع في تدفّق رؤوس الأموال من الخارج منذ العام 2017، تاريخ بدء أزمة الثقة بين القطاع الخاص والحكومة، أثر بشكل أساسي على ارتفاع سعر صرف الدولار، وطبعاً البلاد حالياً في وضع ترقب سلبي. ويلفت لويس حبيقة، لـ”النشرة”، الى أنه “يُمكن أن تشهد البلاد إرتفاعاً كبيراً في سعر صرف الدولار بإنتظار كيف تتطور الأمور”.
ورغم أن الدولار لامس 23 ألف ليرة إلا أن أموال المودعين لا تزال محجوزة في المصارف، من أراد سحب وديعته سيكون على 3900 ليرة، أي أن المصرف المركزي يقوم بالهيركات على الودائع بما يقارب 80%، وهنا تتجه الأنظار إلى نهاية كانون الثاني تاريخ إنتهاء التعميم 151. حيث يؤكد لويس حبيقة أننا “نتأمل من الآن ولغاية انتهاء تاريخ التعميم أن تبدأ المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وتوحيد سعر الصرف، وبالتالي الاتفاق على سعر وسطي للدولار”، مشدداً في نفس الوقت على أنه “في حال بقيت الأحوال على ما هي عليه اليوم لن يستطيع مصرف لبنان الإكمال بالسحوبات للدولار بالمصرف على 3900 ليرة وطبعاً سيضطر إلى رفعه بإنتظار أن تحلّ الأمور”.
في المقابل يشدد نسيب غبريل على أن “مصرف لبنان يوم جدّد التعميم 151 أعطى الاسباب التي جعلته يفعل ذلك، ولا يُمكن التكهّن من الآن بما سيقوم به لناحية رفع سعر السحوبات للدولار في المصارف أو الابقاء عليها كما هي الآن”.
إذاً، المطلوب حالياً البدء بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لأنّ هذا هو الأمر الوحيد الذي من الممكن أن يحلّ مسألة الارتفاع الكبير في سعر الصرف وتدهور العملة الوطنية…