تقرير “ألفاريز أند مارسال”: توظيف سياسي ولا محاسبة

تصحّ معادلة “الإستفادة من غير وجه حق” على أكثر من 23 شخصاً ومؤسسة وجمعية، وردت أسماؤهم في التقرير الجنائي لشركة “ألفاريز أند مارسال”، الذي خرج إلى الإعلام منذ أسبوع من دون أن يحرك أي مسؤول أو جهة أو مؤسسة، دينامية المحاسبة، بل اكتفت الأطراف السياسية كافةً باستغلال ما نشر في التقرير في سياق حروبها وحملاتها السياسية وفي نطاقٍ ضيق وشخصي بعيداً عن أية محاسبة أو مساءلة. فهل توقف التدقيق عند حسابات مصرف لبنان المركزي واقتصرت الملاحقة على التشهير فقط، وجرى استثناء المؤسسات العامة والوزارات؟

والأبرز والأخطر في ما كشفه التقرير المذكور أن الفائض في مصرف لبنان من العملات الأجنبية الذي وصل إلى 7،2 مليار دولار في العام 2015 انقلب فجأةً إلى عجز بعد خمس سنوات أي في العام 2020، بلغت قيمته 50،7 مليار دولار، فيما بلغ مجموع ما دُفع في قطاع الكهرباء نحو 24 مليار دولار، بينما “آخرون” لم تتمّ تسميتهم حصلوا على نحو 3 ملايين دولاراً.

رئيس الإتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين وعميد كلية إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف الدكتور فؤاد زمكحل، شكّك في احتمال المحاسبة والتحقيق في كل ما ورد في التقرير من هدر مالي من أموال اللبنانيين بينما لبنان عرف في العام 2019 أسوأ انهيار مالي في العالم. وأكد الدكتور زمكحل ل”ليبانون ديبايت”، أن التقرير وفي مضمونه وما تمً الكشف عنه فيه من أرقام، لا ينفصل عن الواقع السياسي في البلاد خصوصاً وأنه قد استُخدم سياسياً منذ 3 سنوات ونصف، إلى اليوم، عندما كانت القوى السياسية التي تطالب بالتدقيق الجنائي، تسعى في الوقت نفسه إلى تعطيل صدوره وتهريبه كي لا تخرج كل الحقائق إلى العلن.

وبالتالي وجد الدكتور زمكحل أن توقيت صدور تقرير التدقيق الجنائي “سياسي” لأنه يحصر المسؤولية عن الأزمة المالية بحاكمية مصرف لبنان، وبالتالي وإذا توقف الأمر عند النشر فقط من دون تقارير إضافية وتدقيق يشمل كل الإدارات والمؤسسات والحكومات المتعاقبة، عندها سيكون تقرير “ألفاريز ومارسال”، مخصصاً فقط لاستهداف شخص أو اثنين أو ثلاثة على أبعد تقدير.

وفي هذا المجال، حمّل الدكتور زمكحل المسؤولية لحاكم المركزي السابق كما لكل الذين شاركوه القرار في المصرف المركزي ووزارة المالية والحكومات ومجلس النواب، محذراً من محاولة “حصر المسؤولية عن أكبر عملية نهب في العالم، بأشخاص محددين وترك الآخرين أحراراً ومن دون محاسبة”.

فهل من نية حقيقية للمحاسبة؟ وفق الدكتور زمكحل فإن “لا نية بذلك لأن الحديث عن التدقيق الجنائي قد بدأه منذ 4 سنوات، ولم يعلن عنه إلاّ بعد حصول تغيير في حاكمية المركزي، فالتدقيق الحقيقي يجب أن يتناول عمليات تحويل الأموال التي حصلت من قبل سياسيين ورسميين منذ العام 2015 وهي تقدر بالملايين، كما يجب المحاسبة والتدقيق مع المسؤولين السياسيين الذي صرفوا وهدروا الأموال في الكهرباء والمرافىء، ومع كل الذين ورطوا لبنان واللبنانيين منذ 30 عاماً إلى اليوم، بأكبر أزمة مالية واجتماعية ونجحوا في البقاء خارج أي محاسبة أو مساءلة.”

مصدرليبانون ديبايت
المادة السابقةبيان المركزي: شفافية تعكس النهج الجديد
المقالة القادمةمع اقتراب الشتاء.. الدولار يهدّد المدارس والأشغال!