لحظ تقرير «فرنسبنك» الاقتصادي عن الفصل الأول من العام 2019 أنّ معدل النمو الاقتصادي لعام 2019 لا يزال ضعيفاً في حدود 1%، بسبب ركود الاستثمارات الخاصة وضعف الاستثمارات العامة، وتدنّي مستوى الصادرات الصافية، فيما الإنفاق الحكومي والإنفاق الاستهلاكي لقطاع الأسر يحرّكان النشاط الاقتصادي.
وأشار التقرير إلى أنّ بعض القطاعات الاقتصادية حققت نشاطاً أفضل في الفصل الأول من العام الحالي بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام السابق، مثل النقل الجوي (حيث ازداد عدد المسافرين عبر المطار بنسبة 1.2% ليصل إلى أكثر من 1.7 مليون مسافر)، والسياحة (حيث ارتفع عدد السواح بنسبة 3.7% إلى أكثر من 362 ألف سائح). لكن معظم القطاعات الاقتصادية الأخرى سجّلت تراجعاً في نشاطها، مثل القطاع العقاري (حيث تقلّصت قيمة المبيعات العقارية بمعدل 19.2%، ومساحات البناء المرخّصة انكمشت بنسبة 27.6%، وتسليمات الإسمنت تراجعت بنسبة 31.3%)، والنقل البحري (حيث تقلّصت إيرادات مرفأ بيروت بنسبة 16.2% وكمية البضائع بنسبة 14.3%)، والتجارة الداخلية (حيث انخفضت قيمة الشيكات المتقاصة بنسبة 12% وزادت قيمة الشيكات المرتجعة 2.2%)، وتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (حيث تراجعت قيمة قروض كفالات من حيث قيمتها بنسبة 71.7%).
وقال التقرير إنّ مالية الدولة العامة لا تزال تعاني عجزا ماليا كبيرا قارب 6 مليارات دولار في العام 2018، بسبب كبر حجم القطاع العام في الاقتصاد الوطني (نحو 30%) وضخامة إنفاقه الجاري، ولاسيّما على خدمة الدين (أكثر من 5.3 مليارات دولار) والتحويلات المالية لمؤسسة كهرباء لبنان (أكثر من 1.6 مليار دولار). وأكد التقرير أنّ اللجوء إلى زيادة الضرائب، كما هو التوجّه في مشروع الموازنة العامة لسنة 2019 الذي تستعد الحكومة اللبنانية لإقراره، من دون تحقيق الإصلاحات الإدارية والمالية والاقتصادية والقطاعية بشكل حازم، سوف يؤدي إلى تفاقم أوضاع المالية العامة وإضعاف الاقتصاد الوطني. وأشار إلى أنّ الدين العام الإجمالي إزداد بمعدل 4.6% في الشهرين الأولين من 2019 بالمقارنة مع الفترة ذاتها من 2018.
وتحدّث التقرير عن أنّ الوضع النقدي والمصرفي لا يزال مستقراً في ظل سياسات البنك المركزي للاستقرار النقدي، وضبط التضخم (3.5% في الفصل الأول من 2019 مقابل 5.4% للفترة ذاتها من 2018)، والتوسّع النقدي (الكتلة النقدية M3 توسعت 1.4% في ذات الفترة)، والتحفيز الاقتصادي. وقال إنّ موجودات البنك المركزي من العملات الأجنبية لا تزال مرتفعة عند مستوى يقارب 39 مليار دولار حالياً.
وأوضح التقرير أنّ الأسواق المالية حققت توسّعاً في نشاطها على صعيد القطاع المصرفي التجاري، حيث ازدادت موجوداته الإجمالية بمعدل سنوي بلغ 12.5% لتصل إلى نحو 252.8 مليار دولار في نهاية آذار 2019، فيما نَمت ودائع القطاع الخاص بمعدل 0.8% إلى أكثر من 172.5 مليار دولار، لكنّ القروض الممنوحة إلى القطاع الخاص تراجعت 2.9% لتصل إلى 57.3 مليار دولار للفترة ذاتها. ولا يزال معدل الدولرة مرتفعاً في الاقتصاد الوطني، حيث هو حالياً 69.7% على صعيد الإقراض الخاص، و70.6% على صعيد الإيداع الخاص. كما أنّ نشاط بورصة بيروت تحسّن بشكل كبير خلال هذه الفترة، حيث ارتفع إجمالي حجم التداول بمعدل قارَب 4 مرات، وقيمة الأسهم المتداولة زادت أكثر من 2.3 مرة في الفصل الأول من العام الحالي قياساً بالفترة المماثلة من العام الماضي.
وقال التقرير إنّ عجز الميزان التجاري لا يزال كبيراً، بسبب تفوق قيمة المستوردات (2.8 مليار دولار للشهرين الأولين من 2019) على قيمة الصادرات (نحو 536 مليون دولار)، ليكون بذلك قيمة العجز التجاري 2.23 مليار دولار.
وذكر التقرير أنّ ميزان المدفوعات سجّل عجزاً بلغ ملياري دولار في الفصل الأول من 2019، قياساً بعجز أقل بلغ 198.2 مليون دولار في الفترة ذاتها من 2018 بسبب تراجع التدفقات المالية الصافية إلى لبنان.
وأكد التقرير على ضرورة سَعي الدولة، بشكل جدّي، لزيادة تحصيل إيراداتها العامة، ولاسيّما من المرافق العامة (خصوصاً قطاع الكهرباء)، وضبط الهدر المالي والتهريب الجمركي والتهرّب الضريبي، حيث إنّ جباية إيرادات قطاع الكهرباء لا تزيد عن 40-50%، وهذا يكبّد الدولة أعباء مالية سنوية تربو على 1.5 مليار دولار، وتكلفة التهريب الجمركي تزيد على المليار ونصف المليار دولار، وتكلفة التهرّب الضريبي تربو على 4 مليارات دولار، وانّ هذه الإجراءات وغيرها من الإصلاحات الإدارية والمالية والاقتصادية ضرورية من أجل تجنيب لبنان الدخول إلى حالة الركود الاقتصادي.