يحتدم النقاش البيزنطي العقيم وغير البريء بين الحكومة ممثلةً بنائب رئيسها سعادة الشامي ومجلس النواب ممثلاً بلجنة المال والموازنة حول المسؤولية عن تأخير إقرار قوانين إصلاحية متصلة بتنفيذ الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الميت سريرياً منذ آخر زيارة لوفد من الصندوق الى لبنان في أيلول الماضي.
ويشكّل الإصلاح المصرفي أحد أبرز خلافات الطرفين، تحت عنوان «عدم إنجاز التقييم اللازم لأوضاع المصارف»، لمعرفة أصولها والتزاماتها وخسائرها والمؤونات التي أخذتها مقابل تلك الخسائر .
يذكر أنّ الاتفاق مع الصندوق نصّ على الشروع في تقييم أكبر 14 مصرفاً، كل على حدة، بمساعدة خارجية من خلال توقيع نطاق التكليف مع شركة دولية مرموقة.
لم يجرِ ذلك التقييم حتى تاريخه لأسباب بينها عدم توافر التمويل اللازم لدفع كلفته، وعدم رغبة شركات التدقيق الدولية المرموقة في العمل في لبنان.
في المقابل، مصدر رفيع في الرقابة أكد لـ»نداء الوطن» أنّ ذلك التقييم «موجود لدى لجنة الرقابة على المصارف، ويجري تحديثه كل 6 أشهر، وعلى مجلس النواب، إذا كان فعلاً يريد تسريع الإصلاح، طلب تلك التقارير من لجنة الرقابة على المصارف، كذلك على الحكومة أن تفعل!».
وأشار المصدر الى التعميم 154 الصادر عن مصرف لبنان في تاريخ 27 آب 2020 والخاص بكيفية تفعيل المصارف. وجاء في مادته الأولى «الطلب من كل مصرف القيام بعملية تقييم عادل لموجوداته ومطلوباته، والامتثال حسب المقتضى ولو بشكل متدرج بكل النصوص القانونية والأنظمة المصرفية المطبّقة على المصارف، ولا سيما المتعلق منها بالسيولة والملاءة». وفي التعميم اشارة الى قرار سابق رقمه 6939 يضع الإطار التنظيمي لكفاية الرساميل المصرفية. وينص القرار في المادة 11 على وضع خطة عمل شاملة لإعادة التقيّد بالمتطلبات الرأسمالية والأنظمة المفروضة من مصرف لبنان. ويأخذ تنفيذ القرار في الاعتبار المؤونات المطلوبة من قبل لجنة الرقابة على المصارف مقابل ما يترتب من خسائر نتيجة التعرض لأنواع المخاطر كافة والخسائر المتوقعة والمحتسبة نظامياً. كما المطلوب تقييم المطلوبات والموجودات داخل ميزانية المصرف وخارجها مع التركيز على تطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية IFRS9.
الى ذلك أشار المصدر الى تعميم صدر عن لجنة الرقابة على المصارف في تاريخ 22 تشرين الأول 2020، يطلب من كل المصارف تحديد المتطلبات الرأسمالية بهدف التقيّد بالحد الأدنى من نسب الملاءة، مع تحديد المؤونات المطلوبة والمتوقع تكوينها مقابل الخسائر على أنواعها وأبرزها محفظة التوظيفات السيادية (يوروبوندز الدولة وشهادات الايداع لدى البنك المركزي) كما خسائر سعر الصرف وغيرها.
يذكر أن تقييم موجودات ومطلوبات المصارف يسهّل العمل على تحديد خسائر الودائع تمهيداً لفتح نقاش وطني حول كيفية ردّها كلياً أو جزئياً لأصحابها، وذلك بالتكافل والتضامن بين البنوك ومصرف لبنان والدولة.
وختم المصدر: «يعتقد متبادلو الاتهامات، من النواب والوزراء، أنهم يبرّئون ذمتهم عندما يقذفون التقصير في حضن الآخر، بينما الأزمة تدخل عامها الخامس من دون أي خطوة إصلاحية حقيقية اتخذها مجلس النواب مثل «الكابيتال كونترول» وقانون إعادة التوازن للانتظام المالي. فهذا المجلس الذي أسقط أرقام «خطة لازار» في 2020، يمعن في الهروب من مسؤوليته بينما كل يوم يمر يخسر فيه المودعون أكثر، وتنعدم فرص ردّ الودائع لأصحابها بالحد الأدنى من الإنصاف».