تخرج سميرة غاضبة من السوبرماركت نتيحة الزحمة وارتفاع الأسعار، متسائلة: “هل نحن مقبلون على اقفال أم على أزمات متلاحقة”؟ تسجّل عتبها على نواب المنطقة الذين تركوا المواطن لمصيره المجهول، “ليش بدّن يقتلونا عالبطيء؟”. تسأل وهي تحمّل المسؤولية لغياب خطة الطوارئ لإدارة الأزمات، جازمة بأنّ “الدولة بكلّ طاقمها وزعمائها حوّلت المواطن حقل تجارب لغباء قراراتهم، فيما غيّبت المساعدات عن الناس”، مضيفة: “نحن قادرون على شراء بعض الحاجيات، ولكن هناك من يعجز عن شراء كيس بطاطا، هؤلاء من يسأل عنهم؟ المسألة لا تتعلق بـ”كورونا” بقدر ما تحتاج الى لقاح يقضي على الفساد. نعم، نحن ندفع ثمن فسادهم، فقراً، وغلاء في الأسعار من دون اي رادع، ثم يقولون لنا “كورونا” قاتلة، اليس الفقر والغلاء وسرقة مدخرات الناس قاتلة؟”.
يعتب أبناء النبطية على نواب منطقتهم، فهم لم يروا خيرهم في عزّ الازمة، تركوهم لمصيرهم، هم أنفسهم الذين يزحفون الى منازلهم في الإنتخابات، يرشّون أموالهم لشراء أصواتهم، وتركوهم اليوم يقارعون الأزمات والفقر والوباء من دون أيّ تحرّك منهم، فكثر يعجزون عن تأمين قوت يومهم فكيف بأسبوع؟ فهل تتحرّك مساعداتهم في اللحظة الأخيرة؟ لا يوجد أي مؤشّر الى تحرّك “كراتين الإعاشات” باتّجاه منازل الفقراء في زمن “كورونا” العصيب، في حين تحرّك الناس في اتجاه السوبرماركات لتأمين ما تيسّر لهم، وإن إكتفى البعض بالسكّر والعدس والأرز ليكون طعامهم طيلة الحجر.
عجقة متوقّعة شهدتها السوبرماركت في منطقة النبطية، فالخوف من الإقفال دفع الناس للتهافت على التموين، أكثر من خوفهم من الوباء، إذ غابت الكمّامة عن وجوه الصغار وعدد كبير من الكبار، وكان همّ الوافدين التبضّع أكثر من أي شيء آخر، وإن تذمّر كثر من ارتفاع أسعار عدد كبير من السلع الأساسية، في حين أكّد عدد منهم أنّ الفقير أو المياوم يعجز عن شراء كيس عدس، حيث رمى معظم الأهالي المسؤولية على الدولة الغائب الوحيد عن همّ المواطن، وحمّل أحمد الحكومة مجتمعة ما آلت اليه أحوال الناس من فقر وغلاء و”كورونا” نتيجة غياب القرار الجريء، مؤكداً أنها دفعتهم للتموين لأسبوع بالرغم من عجزهم عن الشراء، تاركة التجّار يتحكّمون بالأسعار.
فضح الإقفال المزمع تنفيذه يوم الخميس هشاشة الوضع الحكومي إذ خرجت الأصوات المعترضة على سياسة الحكومة من بين الطبقة الفقيرة، إذ يقول أبو احمد وهو بائع كمّامات في الطريق: “يريدون إقفال البلد، والفقير ماذا يأكل، من يساعده، من يعينه في هذه الظروف”؟ ويجزم بأنّه يفضّل الموت بـ”كورونا” على الموت جوعاً بسبب “كورونا” الدولة الظالمة”.
“يا محلا كورونا امام كورونا الغلاء”، عبارة ردّدها رواد المتاجر الذين لمسوا إرتفاعاً كبيراً في أسعار السلع، جاوزت الضعف في كثير منها، ما دفع كثراً لعدم شراء أيّ شيء “مش قادرين نموّن لنهار كيف لأسبوع؟ أكيد الزعماء لا يرون معاناة الناس ومآسيها”، هذا ما يقوله اسماعيل الذي خرج من دون شراء شيء “ما خلّوا للفقراء مكان في هذا البلد”. ما إن سرت الأخبار عن الاقفال لمدة إسبوع حتى تظاهر الناس أمام السوبرماركات، معظمهم فضّل شراء “المقرمشات” للتسلية، والبعض اكتفى بالمواد الأساسية، في حين برز تساؤل: من يضبط تفشّي كورونا بين الجموع الغفيرة؟ تؤكّد سمر أنّ لا رقابة ولا فحص حرارة يؤخذ عند مدخل السوبرماركت، وهذا يشكل خطر تفشّي كورونا التي تأخذنا الى الإقفال”.
إذا كان الإقفال بسبب تفشّي الفيروس، لكن ما حصل داخل المتاجر يؤكّد أنّ الناس غير آبهة به، والتفلّت والازدحام الحاصلان سيؤدّيان الى تزايد أعداد المصابين بشكل كبير، حينها لن ينفع الندم عندما يحتاج أحدهم لسرير عناية وهو غير متوفر، ما دفع احدهم للقول:”نحن المسؤولون”.