«توتال» تتحرك وتوقعات إيجابية حول الكهرباء

دوكان والأميركيون والطاقة

في جانب آخر، تواصل باريس مساعيها من أجل «تخفيف الأعباء» عن لبنان كما سبق أن قال الرئيس إيمانويل ماكرون للمسؤولين اللبنانيين، وفي هذا الإطار كانت الزيارة الأخيرة لمنسق المساعدات الدولية للبنان السفير الفرنسي بيار دوكان إلى بيروت، وهو سافر بعدها إلى الولايات المتحدة لتذليل العقبات أمام تمرير صفقة جر الكهرباء والغاز من الأردن ومصر عبر سوريا، وبتمويل من البنك الدولي.

وقالت المصادر الفرنسية إن دوكان أجرى محادثات مع مسؤولين في مجلس الأمن القومي ووزارتي الخارجية والخزانة، كما التقى أعضاء في الكونغرس (السيناتور الديموقراطي كريس مورفي والسيناتور الجمهوري جيم ريش العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية) إضافة إلى اجتماع أساسي مع إدارة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وفي ملف استجرار الطاقة أكد دوكان موقف بلاده الداعم لإمرار المشروع بدعم من البنك الدولي، وهو تيقن من استمرار الدعم الأميركي للمشروع، وخصوصاً من قبل البيت الأبيض ووزارة الخزانة الأميركية. وسمع دوكان من المسؤولين الأميركيين «أن العقوبات وقانون قيصر ليست عقبة أمام تنفيذ مشروع نقل الطاقة العربي، باعتبار أن الإرادة الأميركية هي الأساس، وهناك نية أميركية فعلية لمساعدة لبنان في هذا المجال. وفي الإطار عينه، أكدت وزارة الخزانة الأميركية أن محاميها يستطيعون حل إشكالية مرور الغاز عبر سوريا وعدم شمول هذا النشاط لقانون قيصر».

تغييرات في البنك الدولي

لكن المصادر الفرنسية أشارت إلى أن دوكان لمس أن المشكلة «تكمن في المؤسسات المالية الدولية، كالبنك الدولي الذي لا يزال يطالب بإجراء الإصلاحات في قطاع الطاقة كي يستطيع الموافقة على التمويل. وبصورة عامة، لمس الوفد الفرنسي إحباطاً كبيراً لدى المسؤولين في البنك الدولي وصندوق النقد من عدم التقدم في الملفات الإصلاحية». وشرحت المصادر موقف دوكان بالقول «لقد ركز السفير على إيجابية الجهود اللبنانية لرفع سعر التعرفة الكهربائية، وتقديم خطة استرداد التكلفة، وتعيين الهيئة الناظمة للكهرباء، طالباً من البنك الدولي ملاقاة الحكومة اللبنانية، وأن عدم التجاوب سيتسبب بإحباط اللبنانيين والمسؤولين الذي يسعون إلى إجراء إصلاحات ولو محدودة».

وبحسب المصادر الفرنسية فإن خلاصة محادثات دوكان مع البنك الدولي لم تكن إيجابية. وأوضحت أن المسؤول الفرنسي أبلغ الأميركيين بضرورة القيام «بجهود كبيرة وإجراء محادثات مباشرة مع إدارة البنك الدولي في واشنطن، لإقناعه بقبول تسهيل مشروع نقل الطاقة عبر سوريا. وأن موقف وزارة الخزانة يجب أن تبلغه واشنطن مباشرة إلى البنك الدولي».

وقالت المصادر إن دوكان لفت إلى أن أبرز العوامل المساعدة يتركز في العمل مع إدارة البنك، بعد استقالة الرئيس الحالي دافيد مالباس المعروف بقربه من الرئيس السابق دونالد ترامب. وقد عينت إدارة الرئيس جو بايدن أغاي بانغا مكانه ما يُمكن أن ينعكس إيجاباً على ملف استجرار الطاقة والغاز إلى لبنان من مصر والأردن عبر سوريا».

«توتال» تعمل على تقصير المراحل

أيام قليلة تفصل عن إعلان شركة «توتال» عن هويّة الشركة التي ستتعاقد معها لحفر بئر استكشافية في حقل قانا الواقع ضمن البلوك 9، على أن تبدأ أعمال التنقيب ضمن الوقت المحدد بين أيلول وتشرين الثاني المقبلين.
وقد تقدّمت خمس شركات إلى المناقصة التي تجريها «توتال» للقيام بأعمال الحفر، ثلاث منها أميركية (Valaris PLC, Noble Corporation, Transocean INC) وواحدة متعددة الجنسيات (Saipem Drilling) وخامسة نروجية (Odfjell Drilling).

وعلمت «الأخبار» أن «توتال» ستعتمد استراتيجية في أعمال الحفر توحي بجدية وبمحاولة لاختصار الوقت. إذ جرت العادة أن تحفر الشركات بئراً استكشافية لتقدير الكميات ودرس جودتها. ولدى التأكد من توفر كميات تجارية بمواصفات مقبولة، تنتقل إلى المرحلة الثانية بحفر آبار إنتاجية. وبحسب المعلومات، ستعمل الشركة الفرنسية على اعتماد طريقة هندسية في حفر البئر الاستكشافية على بعد 7 كلم من الخط 23، بما يمكّن من استخدامها كبئر إنتاجية عند التأكد من وجود كميات تجارية، ما يخفف من النفقات ويقصّر المراحل ويوفر الوقت، ويجعل من الممكن بدء الإنتاج من الحقل بعد إنجاز العمليات التطويرية مباشرة.

ومن ضمن الأفكار التي ستعمل عليها الشركة، وأبلغت وزارة الطاقة بها، وضعها خططاً لاستثمار «سريع ومدروس» للكميات المتوفرة فور التأكد من وجودها، من خلال استخدامها في إنتاج الطاقة الكهربائية خلال فترة تراوح بين عامين وثلاثة أعوام في حال وجود اكتشافات. غير أن هذه الخطط ينبغي أن تأخذ في الحسبان مدّ خط أنابيب من حقل قانا قبالة الناقورة إلى معمل الزهراني الحراري بمسافة أكثر من 60 كيلومتراً. ويحتاج بناء الأنابيب إلى مدّها صوب الشاطئ، ومن ثم الانتقال بها برّاً باتجاه معمل الزهراني الحراري، مع ما يتبعها من انحناءات، بسبب ارتفاع احتمال تعرّضها للضرر جرّاء مياه البحر، إضافة إلى ارتفاع كلفة صيانة الأنابيب في المياه مقارنة بتلك الموجودة على اليابسة، فضلاً عن ضرورة حساب مستويات العمق بشكلٍ دقيق. كما ينبغي أن يترافق ذلك مع تسوية المسائل العقارية حيث سيمرّ الخط، والأخذ في الحسبان مسألة توفير التمويل لمشروع لا يُعدّ إنجازه سهلاً في دولة مفلسة، ما يجعله في الوقت الراهن حلماً. غير أنّ مصادر مواكبة لملف النفط والغاز قالت لـ«الأخبار»، إن التعاقد مع «توتال» و «إيني» بوصفهما شركتَي إنتاج واستثمار في الطاقة وليس فقط استكشاف وإنتاج الغاز والنفط، يجعل من المشروع قابلاً للتحقق وفق شروط ومعايير تُناقَش بين المشغل والدولة اللبنانية، لكن يبقى ذلك كله رهن مدى توفّر كميات تجارية ضمن الحقل.

مصدرجريدة الأخبار
المادة السابقةارتفاع سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 20000 ليرة والمازوت 21000 ليرة وانخفاض الغاز 2000 ليرة
المقالة القادمة«أوجيرو» تعلن التوقف عن العمل لثلاثة أيام