لا جديد حتى الآن في شأن تسليم “مجموعة توتال إنرجي” تقريرها المنتظَر حول نتائج عمليات الاستكشاف والحفر في البلوك رقم 9، سوى التداخل السياسي بين جوانب الملف، بحسب ما كشف مصدر نفطي رفيع لـ”المركزية”، وذلك “معطوف على ترقّب المجموعة لتطورات الحرب جنوباً كونها تفضّل التريّث في الموضوع إلى حين تبيان مصير هذه الاعتداءات…”، ولم يَخفِ المصدر “وجود استياء من تعامل الجانب اللبناني مع ائتلاف شركات النفط العالمية (توتال، إيني، وقطر للطاقة) المكلَفة عمليات التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية”.
“الكيمياء” مفقود أساساً بين الدولة اللبنانية و”مجموعة توتال إنرجي”… الكلام للخبير في شؤون الطاقة الدكتور ربيع ياغي الذي يذكّر في السياق بأنه “منذ العام 2018 حتى اليوم خضعت “توتال” للضغوطات الإسرائيلية التي منعتها من الاقتراب من النقاط المحاذية لشمال إسرائيل، أو تلك المحاذية للحدود البحرية الإسرائيلية… فرضخت. لذلك أخّرت “توتال” عملية الاستكشاف والحفر في البلوك 9 كما فعلت في البلوك 4، وبعد أربعة أشهر أعلنت أن النتائج سلبية”.
ويُضيف: لكن الشركة عادت بعد كل تلك السنوات وعقب ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وعقدت العزم على إكمال نشاطها البترولي. فحفرت بدايةً، في مواقع بعيدة عن الحدود البحرية مع شمال إسرائيل بمسافة 25 كلم. وبعد شهرين من الحفر أعلنت أن النتائج غير مشجعة!
ويؤكد أن “التقرير الفني لم يتسلمه لبنان حتى اليوم، ما يعني أن “توتال” خاضعة للضغط الإسرائيلي الذي يمنع أي عملية استخراج أو استكشاف في المناطق المحاذية للحدود البحرية شمال إسرائيل، أو تلك المقابلة لـ”حقل كاريش” أو أي حقل ممكن اكتشافه في البلوكات الإسرائيلية… من هنا يجب أن نعلم أن “توتال” خدعت الشعب اللبناني، ونأسف لكون الجانب اللبناني يفتقد إلى الخبرة والاختصاص فكان عملهم “رفع عتب” مقابل الرواتب التي كانوا يتقاضونها… كما أن الجانب اللبناني افتقد إلى الحِرَفيّة والخلفية العلمية التقنية ليتمكّن من مناقشة فريق عمل “توتال” على قاعدة “الندّ للندّ”. لذلك تنظر “توتال” إلى الجانب اللبناني على أنه غير مُلمّ بموضوع التنقيب وتقنياته وكل ما يتعلق به… إنه شعور “توتال” الفعلي”.
ويعتبر ياغي أن “العقد الموقَع مع “توتال” أعطاها الحق الحصري في تحديد نقاط الحفر وتوقيته، وهي قرّرت كل ذلك غير آبهة لموقف الجانب اللبناني الذي لا يشارك في القرارات المذكورة. إذاً هناك أساساً “دعسة ناقصة” في صياغة العقد حيث لم يتقدّم إلى استدراج العروض سوى “توتال” و”ائتلاف الشركات العالمية” الذي يضمّها إلى “إيني” و”قطر للطاقة”. فكان عبارة عن عقد “بالتراضي” حيث وضعت “توتال” شروطها، ودفع تدني مستوى خبرة الجانب اللبناني في هذا الملف، إلى التمسّك بـ”توتال” التي تصرّفت وفق مصلحتها غير آبهة لمصلحة الدولة اللبنانية. وما زالت حتى اليوم تمارس اللعبة ذاتها محاباةً لإسرائيل. أما لبنان فـ”لا حَول ولا قوة”… للأسف!”.