جباعي:مصرف لبنان لديه تصور و أرقام ورؤيته في موضوع الودائع

اعلن مصرف لبنان في بيان انه”بناء على سياسة المصرف المركزي بزيادة السحوبات على التعاميم ذات الصلة، وبعد التواصل مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء ووزير المالية، قرر المجلس المركزي لمصرف لبنان رفع سقف السحوبات على التعميم رقم 158 الى 500 دولار شهريا والتعميم رقم 166 الى 250 دولار شهريا بدءا من الاول من اذارا 2025.

ويعيد المصرف المركزي تأكيد ضرورة اقرار القوانين التي تضمن اعادة اموال المودعين وهو يتواصل مع الحكومة اللبنانية ومجلس النواب ويضع كل امكاناته لتحقيق ذلك”.

من جهة أخرى قال حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، إنه منذ انتخاب جوزاف عون رئيسا للجمهورية تشهد الأوضاع النقدية تحسنا حيث ارتفعت احتياطيات المصرف المركزي بالعملات الأجنبية بنحو 300 مليون دولار والطلب على الليرة في تزايد.

وأضاف منصوري، أنه وضع دراسة شاملة لكل حسابات المودعين وأن إيجاد حل مناسب لمسألة إعادتها أصبح “قريبا”.

فهل سيتمكن منصوري من حل أزمة المودعين قبل تعيين حاكم أصيل وماذا يمكنه أن يفعل في هذا الشأن؟، أم أن حل ازمة المودعين لا يقتصر فقط على مصرف لبنان بل يتطلب اعتراف الأطراف الثلاثة المسؤولة عن هذه الأزمة وهم الدولة ومصرف لبنان والمصارف، و أن يقوم كل طرف بتحمل مسؤوليته لرد أموال المودعين، أم أننا سنستمر في سياسة التعاميم التي تبقى حلولاً مؤقتة وغير جذرية لحل قضية المودعين؟

في هذا الإطار أشار الباحث المالي والاقتصادي الدكتور محمود جباعي في حديث للديار إلى أن الاجتماع بين وزير المالية ياسين جابر وحاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري تناول موضوع الودائع، مؤكداً ان مصرف لبنان لديه تصور وأرقام ورؤيته في هذا المجال .

لكن يقول جباعي : يجب أن نضع الأمور في نصابها ونعطي رأياً صائباً في هذا الموضوع فإن المسؤول الأول والأخير عن وضع خطة لرد أموال المودعين هي الدولة والحكومة اللبنانية مجتمعةً التي يجب ان تضع خطة رد الودائع وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وذلك بالتعاون مع المصرف المركزي الذي يزودها بالداتا ويضع كل خدماته وأصوله وأمواله في خدمة هذه الخطة، لافتاً إلى ان المصارف أيضاً يجب ان تضع كل قدراتها وخدماتها وأصولها بعد إعادة الهيكلة ضمن هذه الخطة .

وإذ شدد جباعي على أن الخطة يجب أن تنطلق من قبل الحكومة اللبنانية التي يجب أن تعترف بأنها تريد أن ترد الجزء المسؤولة عنه من الودائع، رأى أنه قبل إعداد أي خطة يجب إنشاء لجنة من الحكومة والمصرف المركزي والمصارف لتحديد المسؤوليات بشكل واضح وفقاً للأرقام ، “وكل جهة تدفع المبلغ المسؤولة عنه بعد تحديد المسؤوليات وفقاً للأرقام وكيفية خروج الأموال من المصارف والمصرف المركزي والدولة والحكومات المتعاقبة “.

وشدد جباعي على ضرورة إجراء دراسة شاملة في هذا الإطار، مشيراً أن التدقيق الجنائي تحدث عن حوالى ٤٨ مليارا استدانتها الدولة من مصرف لبنان والمصارف التي بدورها أدانت مصرف لبنان الأموال ، ” وبالتالي علاقة متشابكة ويجب تحديد المسؤوليات” .

ورأى جباعي أن الأمر الأساسي هو اعتراف الحكومة بشكل علني وصريح بأنها أيضاً مسؤولة عن أموال المودعين من أجل إنشاء صندوق لاسترداد الودائع يساهم فيه الأطراف الثلاثة وكل طرف يكون مسؤولاً عن مبلغ معين حسب المبالغ التي صرفها .

ويشرح جباعي: هذه الخطة تحدد حجم الودائع والمبالغ التي سترد إلى المودعين مع المدة الزمنية لردها وكيفية تجزيء الحل بشكل سلس وعلمي ومنطقي، والحكومة تحدد قدراتها وتقيم أصولها وتثمنها عبر الخصخصة وتعلن مسؤوليتها ضمن جدول زمني معين لرد هذه الأموال ووضعها في الصندوق، وكذلك المصرف المركزي يعلن عن احتياطاته وموجوداته وأيضاً المصارف ما توفر لديها من سيولة، على أن يتم الاتفاق بين الأطراف الثلاثة على رقم معين يتأمن ضمن فترة زمنية محددة ، “وعلى الحكومة ان تساهم في وضع الخطة “.

وكاقتصادي يرى جباعي أنه يجب أن تتزامن خطة الودائع مع خطة تعاف مالي واقتصادي لأننا إذا لم نكبّر حجم الاقتصاد يصعب على الحكومة زيادة إيراداتها وبالتالي يصعب عليها وضع الأموال في هذا الصندوق، لافتاً أن الدولة اللبنانية ليست دولة مفلسة أو فقيرة لكن المشكلة تكمن في إدارة الأصول في كل القطاعات تقريباً باستثناء القليل منها كالميدل إيست وكازينو لبنان ومصرف لبنان الذي يقوم بدوره على أكمل وجه والريجي التي لديها إنتاجية جيدة، لكن هناك العديد من القطاعات لديها الكثير من المشاكل وانتاجيتها معدومة وتشكل عبئاً على الدولة كالكهرباء والاتصالات والانترنت والبنى التحتية والتهرب الجمركي والضريبي والأملاك البحرية ومشاعات الدولة غير المستخدمة.

ووفقاً لجباعي الخطة يجب ان تكون شاملة وواضحة ويجب ان يكون هناك رؤية للدولة اللبنانية لكيفية رد الأموال وسن التشريعات والقوانين وكيفية تكبير الاقتصاد وزيادة إنتاجية الدولة والناتج المحلي وزيادة الإيرادات تزامناً مع وضع التشريعات والقوانين اللازمة لهذا الموضوع .

ويتخوف جباعي إذا استمررنا في الطريقة ذاتها المتبعة حالياً ولم نضع خطة تتحمل فيها الدولة مسؤولياتها سنذهب إلى مشكلة وسيعود مصرف لبنان لتحمل المسؤولية منفرداً ، لافتاً ان الأموال التي لديه لا يمكن أن تكفي لأكثر من ١٢ أو ١٣ % من أموال المودعين، “وبالتالي سيستمر المركزي في سياسة التعاميم مع إمكان زيادتها وتستمر الامور على هذا الحال “.

و إذ شدد جباعي على أن الحل يبدأ من خطة شاملة متكاملة، قال بكل وضوح وشفافية لن يتمكن مصرف لبنان من حل ازمة المودعين منفرداً ولن يتمكن منصوري أو أي حاكم جديد للمركزي من حل أزمة المودعين منفردين، مؤكداً أن الحل يجب أن يكون بالتعاون والتشارك مع الدولة اللبنانية التي تعتبر هي المسؤولة عن وضع خطة التعافي وخطة رد أموال المودعين وإعادة هيكلة المصارف .

وهنا يتساءل جباعي كيف سيكون شكل هذه الخطة وهل ستكون كالخطط القديمة الخاطئة التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة التي كانت تضع أعذاراً غير صحيحة وهي التفاوض مع صندوق النقد الذي يطلب شطب أموال المودعين لكن الصندوق عبّر تكراراً و مراراً بأنه لم يطرح خطة لشطب أموال المودعين بل كان المسؤولون عن الخطة هم من يطرحون هذا الأمر محاولةً منهم لأرضاء صندوق النقد الذي سيمنح لبنان ٣ مليار دولار في حال نفذت الدولة اللبنانية الإصلاحات المطلوبة، ولكن هنا يسأل جباعي من قال ان الإصلاحات المطلوبة تكون بشطب أموال المودعين موضحاً أن الإصلاحات التي يطلبها الصندوق هي إصلاحات حقيقية نحن نريدها أيضاً مرتبطة بالإصلاح المالي والاقتصادي في البلاد و ليس على حساب المودعين.

وأشار جباعي إلى أننا بحاجة الى هذا المبلغ من صندوق النقد وإن كان لا يحل كل الأزمة لكن نحن مع خطة واضحة للتعاون مع صندوق النقد من اجل حل الأزمة والحصول على قرض منه من أجل ان نحظى بثقة المجتمع الدولي والبنك الدولي ومجموعة العمل المالي والمؤسسات المالية الدولية .

وأكد جباعي على ضرورة عدم السماح بشطب اموال المودعين ويجب على الدولة اللبنانية أن تبرهن لصندوق النقد الدولي أنها قادرة على الاستثمار بشكل صحيح في أصولها، وعندما يعلم الصندوق أن هناك إمكانات لزيادة حجم الاقتصاد وتطويره وزيادة الإيرادات سيوافق على إبرام الاتفاق مع لبنان ومنحه القرض .

وختم جباعي من المعلوم أن الحكومة الحالية هي حكومة انتخابات وليس لديها الوقت الكافي لتطبيق كل الإصلاحات المطلوبة، لكنها تمتلك الكفاءات والجدارة سيما بشخص رئيس الحكومة القاضي نواف سلام ووزير المالية ياسين جابر ومعظم الوزراء ولديهم الإمكانات بإعداد خطة لإعادة هيكلة المصارف ورد أموال المودعين والتعافي المالي والاقتصادي للمساهمة في حل الأزمة .

مصدرالديار - أميمة شمس الدين
المادة السابقةكيف تصبح الودائع متاحة للجميع؟
المقالة القادمةاليورو ينتعش بدعم أوروبي لأوكرانيا