جلسة “الكابيتال كونترول”: النواب تبرّأوا من القانون ومن المصارف!

تنصل النواب من قانون الكابيتال كونترول في جلسة اللجان النيابية المشتركة، التي عقدت أمس الثلاثاء في 30 آب، بحضور وزير المال ونائب رئيس مجلس الوزراء. ورغم أن القوى السياسية تريد من إقرار هذا القانون إبداء حسن نية مع صندوق النقد الدولي، لتطبيق الشروط المطلوبة للحصول على القروض، نفض النواب يدهم من القانون في الجلسة التي شاركت فيها لجان ​المال والموازنة​، الإدارة والعدل والاقتصاد​ الوطني والتجارة والصناعة، لدرس مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 9014، الرامي إلى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية.

وبعد نقاشات امتدت لنحو خمس ساعات، انتهت الجلسة إلى سقوط القانون، وتقرر ربط مناقشته بإرسال الحكومة خطة التعافي الاقتصادي بشكل متكامل مترافقة مع القوانين المرتبطة بها، وأبرزها إعادة هيكلة المصارف.

تحركات في الشارع

وترافقت الجلسة مع اعتصام لمجموعات 17 تشرين وروابط المودعين ونقابات المهن الحرة أمام مجلس النواب. وشارك عشرات المحتجين في الاعتصام رافعين لافتات تندد بالقانون والقضاء، وكتبوا على بعضها “تعليم مجاني على حساب أصحاب المصارف” و”ضد حكومة المصارف. لحكومة انتقالية تبني دولة”، و”صارت مهمة القضاء هي القضاء على الشعب اللبناني لمصلحة أصحاب النفوذ”.

وقطع المحتجون الطريق أمام مجلس النواب. وكان انضم إليهم نواب من تكتل التغيير هم مارك ضو وإبراهيم منيمنة ونجاة عون وسنتيا زرازير وحليمة قعقور. وكذلك انتقل بعض المتظاهرين من أمام مجلس النواب للاعتصام أمام أبواب المصارف في المنطقة المحيطة. وهدد أعضاء في روابط المودعين من أن المواجهة ستكون مع المصارف. وحذروا الموظفين في المصارف وطالبوهم البقاء في بيوتهم، كي لا يعرضوا حياتهم للخطر لأن المودعين سيحصّلون أموالهم بيدهم، في حال تم إقرار القانون.

معركة كل اللبنانيين

إلى ذلك عقد نواب التغيير مؤتمراً صحافياً قبل الجلسة، وألقى منيمنة كلمة باسم التكتل اعتبر فيها أن مقاربة وصيغة القانون خطرة وتنبئ بما لا تحمد عقباه، وتتجاوز تداعياته الوضعية القانونية لأموال المودعين، على أهميتها الشديدة، لتطال احتمالات نجاح مسار التعافي الاقتصادي وإمكان الشروع بتصحيح مالي جدي.

ولفت إلى أن المسألة لم تعد تقتصر على “التوجس من تطبيع عملية السطو على أموال المودعين عبر هذه القانون فحسب، بل بتنا على ثقة أن هذا القانون سيسهل إبقاء البلاد في وضعية الانهيار اللامتناهي”.

وأكد أن “معركة إسقاط هذه المؤامرة، الآتية بعنوان الكابيتال كونترول، لم تعد معركة المودعين فقط، بل باتت معركة كل لبناني حريص على مصالحه التي يتم دوسها كرمى لعيون مصالح قلة صغيرة نافذة”. وسأل: في ظل التعثر الذي يصيب اليوم مسار التفاهم مع صندوق النقد، وأمام فرملة تقدم تنفيذ خطة التعافي، وفي الوقت الذي لم نر فيه بعد لا القانون الطارئ لإعادة هيكلة المصارف ولا مسار توحيد اسعار الصرف، فأي غاية يحققها الكابيتال كونترول؟

وأعتبر منمينة أن اقرار الكابيتال كونترول خطوة عبثية لا تخدم أي مسار للنهوض أو التصحيح، خصوصاً بعد أن تعثرت مسارات الحل خوفاً على مصالح قلة سياسية ومصرفية نافذة، لا تريد تحديد الخسائر ولا التعامل معها، خوفا على الرساميل.. وسيكون الكابيتال كونترول قد ذهب بالاتجاه المعاكس لما هو مطلوب منه، ليصبح أداة لتعميق الأزمة، بدل أن يكون آداة لحلها.

وشدد على أن نواب التكتل لا يخوضون معركة تعديل بضعة بنود في مشروع القانون، بل معركة تغيير مقاربة هذا الملف بأسرها، مطالباً بسحب مشروع القانون من اللجان المشتركة، بانتظار إعادة طرحه بصيغة جديدة، تتلاءم مع متطلبات خطة التعافي المالي التي ستسير على أساسها البلاد، بما يخدم قانون إعادة هيكلة المصارف، الذين يفترض أن يكفل استعادة أقصى حد ممكن من حقوق المودعين، بعد تحميل الخسائر لمن يفترض أن يتحملها، بدءاً من رساميل المصارف بالدرجة الأولى”. وكذلك عقد النواب التغييريون اجتماعاً مع رابطة المودعين للتأكيد على الرفض المطلق للقانون، الذي يأتي خارج إطار خطة متكاملة للتعافي.

قانون حزب الله

وعبر العديد من النواب عن مواقف كتلهم النيابية قبيل انعقاد الجلسة. وأكد النائب حسن ​فضل الله أن ​كتلة الوفاء للمقاومة​ تقدمت بقانون ينص على حماية أموال المودعين في ​المصارف​ وصونها، رافضاً القانون الحالي ومشيراً إلى أنه في حال وافق النواب على إقراره سيكون ذلك ملزما للحكومة حتى أثناء وضع ​خطة التعافي​ أو في اتفاق تبرمه مع أي جهة داخلية أو خارجية، بأن لا تمس بأموال المودعين.

من ناحيته أكد عضو كتلة “اللقاء الدمقراطي” النائب هادي أبو الحسن، أن القانون “لن يمر وكل ما يحصل هو تسويف وتمرير للوقت”، لافتاً الى أن “هناك رغبة للكثير من النواب بإقرار القانون”.

من جانبه أكد النائب ​نديم الجميل​ إلى أن لديه “ملاحظات بالشكل حول القانون قبل وضع خطة شاملة ووضع كل الاقتراحات على الطاولة وخوض عملية التعافي في البلد”، معتبراً أنه “لا يمكننا التعامل بالمفرّق، وعلينا التعامل مع هيكلية ​المصارف​ وهيكلية ​الدين​”.

إلى ذلك اعتبر عضو تكتل الجمهورية القوية النائب زياد الحواط أن مشروع القانون فيه الكثير من الشوائب والعيوب وغير مرفق بخطة للتعافي الاقتصادي تتضمن إصلاحات شاملة معروفة. هذا فيما وحده رئيس لجنة الاقتصاد النيابية النائب ميشال ضاهر عبر عن دعم القانون مؤكداً أن لبنان لن يذهب إلى اتفاق مع صندوق النقد بسبب الشعبوية.

تشكيل لجنة

انتهت الجلسة إلى وقف النقاش بالقانون إلى حين اتمام خطة التعافي وقانون إعادة هيكلة المصارف. ولفت نائب رئيس مجلس النواب، ​إلياس بو صعب​، الذي ترأس الجلسة، إلى أن هناك وجهات نظر عديدة بشأن القانون، لذا اقترح تشكيل لجنة عمل من أخصائيين لأخذ وجهة نظرهم، وقال: “أنا مُتحيّز للمودعين ولست من حزب ​المصارف​، وليس لديّ أي مصلحة مع أيّ مصرف وأعددنا مُلخصاً لقانون الكابيتال كونترول الذي اقتصر على مختلف الجوانب التقنيّة وليس صحيحاً أننا نقدم مشروعاً بديلاً للقانون”.

وأكد أن النواب أجمعوا على إيجاد حلّ يعطي الأولوية للحفاظ على ​أموال المودعين​ والحفاظ على المصارف. وعن مطالبة نواب الاستماع إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قال: “لا نستطيع ك​مجلس نيابي​ الطلب من حاكم ​مصرف لبنان​ حضور الجلسة، وصعبٌ ما يُعمل عليه اليوم في ​المجلس النيابي​ لأنّه لا يجوز السماح بتفليس المصارف وخطّة التعافي تتطلّب عدّة قوانين مترافقة معها”.

لا ضمانات ولا حقوق

ولاحقاً عقد نواب التغيير مؤتمراً صحفياً أبرز مقتطفاته هي:

-إن إقرار الكابيتال كونترول على النحو المطروح لا يتسم بالعبثيّة فقط، بل بالخطورة أيضًا.
فهذا القانون سيمثّل الغطاء التشريعي الذي تحتاجه المصارف للتمنّع عن السداد للمودعين، لتمتلك المنظومة السياسيّة والمصارف الحماية القانونيّة اللازمة لعرقلة جميع شروط الحل الأخرى، ما يعني تعميق الأزمة واستمرار غياب الثقة بالنظام المصرفي.
– هذا ولا يكفل القانون أي ضمانات أو حقوق للمودعين. وثمّة لجنة أحكام عرفيّة تملك صلاحيّة تحديد سقوف السحب وآلياته والتحويل باستنسابيّة.
-تبرئ المادّة 12 منه، المصارف من جميع الدعاوى المرفوعة أو التي ستُرفع، بما فيها تلك التي صدرت فيها أحكام قابلة للنقد، ليعطي القانون مفعولا رجعيا أشبه ب “صك براءة” على جرائم ماليّة ارتكبتها المصارف في الماضي.
وأكدوا أنهم لن يقبلوا أن يُطرح تقييّد حريّة استعمال الودائع بقانون على هذا النحو، وتغيير وضعيّتها القانونيّة، إلا من ضمن مسار متكامل للتعافي يستهدف تنظيم استعمال السيولة المتبقية في النظام المالي، لخدمة استعادة انتظام عمل المصارف وبخارطة طريق واضحة.
بناء عليه، ندعو الرأي العام اللبناني للالتفاف والتضامن رفضًا لمشروع القانون المطروح بصيغته الحاليّة، لنستمد قوتنا من الناس في مواجهتنا التشريعية، طالبين دعمهم الكامل على المستوى الشعبي.

مصدرالمدن
المادة السابقةلا تعافي في مشروع الكابيتال كونترول
المقالة القادمةإضراب مفتوح لموظفي “أوجيرو”: لا اتصالات قريباً؟!