تسعى جمعية المصارف في كل مناسبة إلى تقديم أدلة على براءتها ممّا وصل إليه الوضع النقدي، وتحديداً لجهة تبديد الأموال وعدم قدرة المصارف ومصرف لبنان على تأمين طلبات المودعين. وفي معرض دفاعها، لا تتأخر الجمعية في تحميل مصرف لبنان المسؤولية الأساسية، ويأتي ذلك في إطار الحرب الباردة بين المصارف والمركزي. إذ يحاول كل طرف رمي المسؤولية على الآخر.
وقد استهلّت الجمعية نشرتها المصرفية للفصل الرابع من العام 2021، بالإشارة إلى أن “مسؤولية السياسة النقدية لا تنحصر بأشخاص بل بمؤسسة المجلس المركزي لمصرف لبنان، أي الحاكم ونوابه بالإضافة إلى مدير عام وزارة المالية ووزارة الإقتصاد يضاف إليهما مفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان. وطبعاً خلال الفترة بين 1993 – 2021 لم نسمع أن أحداً من ممثلي الحكومة قد سجّل اعتراضاً على السياسات النقدية. ما يعني أن المسؤولية الأساسية تقع على سياسات الحكومات المتعاقبة بالدرجة الأولى ثم على المجلس المركزي لمصرف لبنان ثم على المصارف وأخيراً على المودعين. وليس واضحاً كيف سيترجم هذا التدرّج بالمسؤوليات تدرجاً في توزيع الفجوة المالية لدى البنك المركزي. ويخشى من تحمليها في النهاية للحلقة الأضعف مقارنة بسلطة الدولة أي لمساهمي المصارف وكبار المودعين إزاء أوضاع الخزينة والبنك المركزي”.
ولغسل يديها، أوضحت الجمعية أن جزءاً كبيراً من أموالها الموظفة لدى مصرف لبنان ذهبت لتمويل الدعم ذلك أن “الدعم الفوضوي الذي استهلك حتى نهاية العام 2013/2014 كل الاحتياطات الحرة لمصرف لبنان بالعملات. ما جعل المركزي يلجأ إلى استعمال إحتياطي المصارف لديه تدريجياً وبانتظام”.
وأضافت الجمعية أن الاحتياطي الإلزامي الذي تقدّر نسبته بـ14 بالمئة بعد تخفيض المركزي له من 15 بالمئة، “تصل قيمته إلى مقدار 14.6 مليار دولار حتى أيلول 2021، استناداً إلى الإحصاءات التي ينشرها مصرف لبنان”. وأشارت الجمعية إلى أنه “كلما ارتفعت نسبة الاحتياطي الإلزامي كلما ازدادت كلفة تمويل الاقتصاد. وأفضل المعدلات عالمياً تتراوح بين 2-3 بالمئة إلى 5-6 بالمئة، وتهدف معدلات الاحتياطي الإلزامي إلى ضبط السيولة وليس تمويل التجارة الخارجية أو السلع المدعومة كما ذهب إليه البنك المركزي”.
وهذا النوع من التوظيفات ليس يتيماً، بل تقوم المصارف بتوظيفات أخرى لدى المركزي، منها “التوظيف النظامي المفروض، أي التوظيفات التي فرضها المجلس المركزي لمصرف لبنان على الودائع بالعملات وخارج الاحتياطي الإلزامي، وهي الأكبر حجماً ونقدّرها بما يفوق الستين مليار دولار”.