اعتبر البنك الدولي في أحدث تقييماته عن حالة الاقتصاد الخليجي أن دول المنطقة لا تزال تحتاج إلى المزيد من الإصلاحات لدعم جهود تنويع مصادر الدخل.
وتطرق البنك في تقرير بعنوان “الإصلاحات الهيكلية وتحولات الأعراف الاجتماعية لزيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة” إلى جهود التنويع الاقتصادي في دول الخليج التي بدأت تؤتي ثمارها، لكنه أكد استمرار الحاجة إلى المزيد من الإصلاحات.
وقالت صفاء الطيّب الكوقلي مديرة البنك لدول الخليج إنه “للحفاظ على هذا المسار الإيجابي، يجب على دول المنطقة أن تستمر في ممارسة إدارة حكيمة للاقتصاد الكلي وتستمر في التزامها بالإصلاحات الهيكلية وتركز على زيادة صادراتها غير النفطية”.
وأوضحت أن من المهم الاعتراف بوجود مخاطر قد يكون لها أثر عكسي، إذ يمثل الصراع الحالي في الشرق الأوسط مخاطر كبيرة على المنطقة، وعلى آفاق دول الخليج، خصوصا في حال توسعه، و”نتيجة لذلك بدأت أسواق النفط العالمية تشهد تقلبات أكبر”.
وتُظهر تقديرات المؤسسة المانحة في تقريرها المنشور على منصتها الإلكترونية أن اقتصادات دول الخليج ستنمو مجتمعة بنسبة واحد في المئة هذا العام، قبل أن تعاود ارتفاعها لتسجل 3.6 في المئة العام المقبل و3.7 في المئة في 2025.
ويُعزى تفاقم ضعف الأداء هذا العام بشكل أساسي إلى انخفاض أنشطة قطاع النفط، الذي يُتوقع أن ينكمش بنسبة 3.9 في المئة، في أعقاب تخفيضات الإنتاج المتتالية لمنظمة أوبك+، بالإضافة إلى التباطؤ الاقتصادي العالمي.
ومع ذلك سيتم تعويض التراجع في الأنشطة النفطية عبر القطاعات غير النفطية، التي يرجح أن تنمو بنسبة 3.9 في المئة خلال 2023 و3.4 في المئة على المدى المتوسط بدعم من الاستهلاك الخاص والاستثمارات الإستراتيجية الثابتة والسياسة المالية التيسيرية.
وقال خالد الحمود، خبير اقتصادي أول في البنك، إن “المنطقة قد شهدت تحسنا ملحوظا في أداء القطاعات غير النفطية رغم تراجع إنتاج النفط خلال الجزء الأكبر من عام 2023”.
وأكد أن جهود التنويع الاقتصادي وتطوير القطاعات غير النفطية قد ساهمت إلى حدّ بعيد في استحداث فرص عمل في القطاعات والمناطق الجغرافية المختلفة داخل دول المنطقة.
وركز القسم الخاص من التقرير على الارتفاع الملحوظ لمشاركة المرأة في القوى العاملة السعودية التي شهدت منذ عام 2017 زيادة كبيرة في معدلات مشاركة المرأة من جميع الفئات العمرية والمستويات التعليمية.
وزادت مشاركة المرأة السعودية في القوى العاملة بأكثر من الضعف في غضون ست سنوات، من 17.4 في المئة عام 2017 إلى 36 في المئة خلال الربع الأول من عام 2023.
ومن المتوقع أن ينكمش قطاع النفط في السعودية بنسبة 8.4 في المئة خلال العام الجاري، وهو ما يعكس القيود المفروضة على إنتاج النفط والمتفق عليها داخل تحالف أوبك+.
وفي المقابل تشير التوقعات إلى تخفيف القطاعات غير النفطية من حدّة الانكماش، بفضل نموّها بنسبة 4.3 في المئة، مدعومةً بسياسة مالية أكثر مرونة، واستهلاك خاص قوي، وتعزيز الاستثمارات العامة.
ونتيجةً لذلك سيسجل إجمالي الناتج المحلي انكماشا بنسبة 0.5 في المئة هذا العام قبل تحقيق انتعاش بنسبة 4.1 في المئة خلال العام المقبل، ليعكس بذلك توسعاً في القطاعات النفطية وغير النفطية.
وبالنسبة إلى الإمارات من المتوقع أن يتباطأ اقتصادها إلى 3.4 في المئة هذا العام بسبب ضعف النشاط العالمي وركود إنتاج النفط وصعوبة الأوضاع المالية.
وبعد التقليص الإضافي لحصص إنتاج النفط الذي فرضته منظمة أوبك+ يُتوقَّع أن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي النفطي 0.7 في المئة خلال 2023، على أن يتعافى بشكل كبير في عام 2024 مع تخفيف القيود المفروضة على حصص الإنتاج.
ومن المتوقع أيضا أن يدعم الإنتاج غير النفطي النشاط الاقتصادي للإمارات، حيث سيسجل نموا بواقع 4.5 في المئة بفضل الأداء القوي في قطاعات السياحة والعقارات والبناء والنقل والتصنيع وزيادة الإنفاق الرأسمالي.
وفي الكويت يرجح أن يتباطأ النمو الاقتصادي بحدة وصولا إلى 0.8 في المئة في عام 2023، بسبب انخفاض إنتاج النفط وتشديد السياسة النقدية وتباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي.
وبعد تقليص حصص إنتاج أوبك+ وانخفاض الطلب العالمي من المتوقع أن ينكمش نمو إجمالي الناتج المحلي النفطي بنسبة 3.8 في المئة هذا العام، على أن ينتعش في عام 2024، مع تخفيف القيود عن حصص الإنتاج مدعوماً بزيادة النشاط في مصفاة الزور.
ويُتوقع أن ينمو القطاع غير النفطي بنسبة 5.2 في المئة، مدعوما بالاستهلاك الخاص والسياسة المالية الفضفاضة.
وسيتباطأ النشاط الاقتصادي لكل من قطر والبحرين بنسبة 2.8 في المئة هذا العام، فيما سيتباطأ نمو الاقتصاد العماني بواقع 1.4 في المئة.
وفي وقت سابق هذا الشهر اعتبرت وكالة ستاندرد آند بورز في تقرير أن الميزانيات العمومية السيادية لدول الخليج لا تزال قوية رغم ارتفاع الديون الخارجية للقطاع المصرفي.
وتتوقع الوكالة أن تحتاج دول المنطقة إلى تجديد المزيد من إجمالي الديون الخارجية في السنوات المقبلة، حيث تمثل البنوك نسبة كبيرة لأنها تدعم الخطط الحكومية لتسريع النشاط الاقتصادي غير النفطي.
ويقول خبراء الوكالة إن الرسملة مصدر قوة لبنوك الخليج حيث عملت دائما مع احتياطات رأسمالية مريحة، وإنه من غير المتوقع أن يحصل تغيير في هذه السياسة.
وسبق أن قالت ستاندرد آند بورز في تقرير هذا العام “نعتقد أن تباطؤ نمو الائتمان وارتفاع الأرباح يعني أن مقاييس رأس مال البنوك الخليجية ستظل مستقرة”.
واستند خبراء الوكالة في تقييمهم على بيانات تظهر تسجيل البنوك في السعودية والإمارات وقطر والكويت نسبة رأس مال تنظيمي من المستوى الأول تبلغ 15 في المئة وما فوق في العام الماضي.