«جيه بي مورغان»: الأصول المتنوعة قادرة على مواجهة الركود المتوقع

يواجه الاقتصاد العالمي الكثير من التهديدات التي لا يمكن تجاهلها، حيث شهد القطاع المصرفي في الولايات المتحدة اضطرابات قوية، في الوقت الذي لا تزال الأسواق في أوروبا تواجه ارتفاع معدلات التضخم والنتائج الكارثية للحرب المستمرة.

رئيس قسم الاستثمارات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى بنك «جيه بي مورغان» للخدمات الخاصة ستيفن ريس يتفق مع إجماع السوق على أن الولايات المتحدة ستواجه ركوداً خلال الأشهر 6-12 المقبلة. لكن مع ذلك، يرى في تقرير أرسل لـ«الشرق الأوسط» «أننا ما زلنا نعتقد أن المحافظ الاستثمارية التي تستثمر في أصول متنوعة يمكن أن تستمر في تحقيق عوائد قوية مع اقتراب عام 2024».

سوق الأسهم

ولفت ريس في التقرير إلى أن الأسوأ في دورة سوق الأسهم الهابطة انتهى، مضيفاً أنه «بصرف النظر عن احتمال حدوث ركود اقتصادي من عدمه، فإننا لا نتوقع أن تنخفض سوق الأسهم لنفس مستويات المؤشرات التي تم تسجيلها في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2022».

وتابع: «تم بناء التوقعات لعدد من الأسباب منها نمو أرباح الشركات، حيث تُعدّ محرّكاً أساسياً لتحقيق المكاسب في سوق الأسهم بشكل أكبر مما يدركه الكثير. وبالرغم من انخفاض الأرباح وهوامشها بشكل طفيف من أعلى مستويات تم تسجيلها وضعف النمو في قوى الطلب، فإن مبيعات الشركات لا تزال قوية وأسعار النقل والطاقة تعد منخفضة والدولار ضعيف، بالإضافة إلى بيئة أقل تنافسية لسوق العمل».

وعدّ أنه «نتيجة لذلك، ارتفعت توقعات المحللين لأرباح الشركات خلال الأشهر الـ 12 المقبلة في كل من الولايات المتحدة وأوروبا والصين».

فرص واعدة

وقال رئيس قسم الاستثمارات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى بنك «جيه بي مورغان» للخدمات الخاصة: «نعتقد بوجود فرص واعدة على الصعيد العالمي في عدة مجالات، من ضمنها استراتيجيات الاستثمار في الشركات ذات النمو في توزيعات الأرباح والاستثمار في قطاع التحول نحو الطاقة النظيفة، بالإضافة إلى الاستثمار في الموجة التالية من الابتكارات الرقمية. وبالنظر إلى القطاعات المختلفة، فإننا نفضل شركات الرعاية الصحية والتكنولوجيا مع وجود الكثير من الشركات القيادية في هذه القطاعات والعاملة في منطقة الشرق الأوسط».

تبني نظرة أوسع

وأوضح ريس أنه على مدى السنوات العشر الماضية، تفوقت أسواق الأسهم في الولايات المتحدة الأميركية على نظيرتها الأوروبية بواقع 90 – 125 في المائة بحسب العملة المرجعية، «كما تفوقت على نظيرتها الصينية بنسبة قوية بلغت 175 في المائة، ولدينا اعتقاد أن هذا الوضع قد يتغير، لذا من الجيد أن يفكر المستثمرون في امتلاك محفظة متنوعة من الأسهم في جميع أنحاء العالم».

وقال: «نملك نظرة متفائلة حيال أداء أسواق الأسهم الأوروبية مع التركيز بشكل خاص على الشركات الوطنية الرائدة. فهذه الشركات العالمية المتأصلة في القارة الأوروبية تتمتع بأعمال قوية وتمتلك حضوراً عالمياً بارزاً، كما تمتاز بقدرتها على تحقيق أرباح وأفضل العوائد للمساهمين».

وتطرق بالحديث إلى السوق الصينية، وقال: «نعتقد أن التقييمات معقولة، مع توقعات في نمو الأرباح بمعدل مقارب لـ15 في المائة، حيث إن صنّاع السياسة والقرار في الصين أظهروا تحولات هامة نحو اعتماد ممارسات تتوافق بشكل أكبر مع الأسواق. يلاحظ نمو معدلات الائتمان، الذي يعد مؤشراً رئيسياً ومهماً على الدعم الحكومي للاقتصاد والذي بلغ أعلى مستوى له منذ فترة ما قبل الجائحة».

أضاف: «قد تعد مخاطر الاستثمار في الأسواق الصينية أعلى بالمقارنة مع الأسواق المتقدمة. إلا أننا نعتقد أن بعض المستثمرين يمكنهم تحقيق عوائد أعلى بسبب أخذ هذه المخاطر خلال النصف الثاني من العام».

تحقيق التوازن الصحيح

وأكد ريس أن النقد أثبت نفسه كملاذ آمن خلال عام 2022، لا سيما مع ارتفاع أسعار الفائدة التي عززت من عائدات صناديق المال وسندات الخزانة، وقال: «نحن نعتقد أن الدورة قد اكتملت الآن، لذا قد يبدأ الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في خفض أسعار الفائدة خلال الأشهر الـ12 المقبلة».

وأشار إلى أنه «بالرغم من تفوق أداء النقد مقارنةً بالأصول الأخرى خلال عام 2022، فإن أداءه كان أقل من الأسهم العالمية منذ بدء عام 2023 وحتى الآن، ويتماشى مع أداء السندات الأساسية. ونتوقع أن يستمر انخفاض أداء الاستثمار في النقد بالمقارنة مع باقي الأصول خلال الفترة المتبقية من هذا العام، وما بعده».

وزاد: «على المدى الطويل، نتوقع أن تتوافق أسعار الفائدة على النقد مع معدلات التضخم، الذي يرجح أن تكون في مستوى 2.5 في المائة. من ناحية أخرى، فإن سندات الدرجة الاستثمارية الأساسية لديها القدرة على تحقيق عائدات تزيد على 4.5 في المائة سنوياً».

وأكد أنه بالانتقال إلى التوقعات قصيرة الأمد، يعتقد أن أسعار الفائدة على النقد قد بلغت ذروتها. «قد يكون من الأفضل للمستثمرين تثبيت أسعار العائد على المدى الطويل الآن، بدلاً من انتظار انخفاض الأسعار خلال الأرباع الفصلية القادمة»، قال ريس.

ولفت إلى أنه «بالاستناد إلى البيانات والمعدلات التاريخية، نرى أنه لطالما تفوق عائد الدخل الثابت الأساسي على النقد خلال عامين بعد آخر ارتفاع في سعر الفائدة وبمعدل بلغ 15 في المائة. كما أن السندات باتت توفر مرة أخرى مصدراً ثابتاً للدخل وتعد من الأصول الهامة لحماية المحافظ الاستثمارية خلال فترات الركود الاقتصادي».

بناء المحافظ الاستثمارية

وأكد ريس أن الاستثمار يتمحور حول بناء محافظ استثمارية قادرة على تحمل مختلف أنواع المخاطر على المدى الطويل، وقال: «قد يكون من السابق لأوانه تصنيف السوق على أنها سوق صاعدة جديدة، إلا أننا لا نعتقد أيضاً أنها سوق هابطة. كون الأسهم تتمتع بالقدرة على الارتفاع بشكل مطرد، كما يمكن للسندات أن توفر الاستقرار في العوائد، إلى جانب الاستثمارات البديلة التي تتيح الاستفادة من الفرص الاستثمارية الكثيرة».

وشدد على أن كل هذه الخيارات قادرة على تحقيق التفوق على أداء النقد على المدى الطويل بغض النظر عن حدوث ركود اقتصادي من عدمه.

مصدرالشرق الأوسط - مساعد الزياني
المادة السابقةما فُرص نجاح «بريكس» في إنهاء هيمنة الدولار عالمياً؟
المقالة القادمةالصين تحاول ضبط وضعها الاقتصادي قبل الخروج عن السيطرة