إختلط حابل تحرير وتوحيد سعر صرف الدولار ورفع سعره للسحوبات المصرفية عن 15 ألف ليرة (تعميم 151)، بنابل التعميم رقم 166 الذي أجاز السحب بقيمة 150 دولاراً لحسابات اللولار لمن لم يستفد من تعميم الـ158 (الذي يتيح سحب 300 أو 400 دولار) والذي لم يأتِ على ذكر سعر الصرف المعتمد للسحوبات المتبقّية.
ومن المرتقب استناداً الى معلومات «نداء الوطن» أن يصدر مصرف لبنان خلال الأسبوع الجاري آلية السير بالتعميم 166، الذي من المرتقب بدء العمل به بشكل فعلي في الأول من آذار المقبل بعد نضوج الطبخة لدى المصارف.
ويبدو جليّاً أن المصارف ضائعة في آلية التطبيق وفي المستقبل الذي ينتظرها مع اقتراب استحقاق تحرير سعر صرف الدولار لا سيّما المصرفي وبالتالي، زوال قيمة رؤوس أموالها. فجلّ ما ينتظره أصحاب المصارف حالياً، كما أوضح مصرفيّ لـ»نداء الوطن» هو:
أولاً، صدور تعميم أو قرار رسمي عن رئاسة الحكومة التي تتشاور مع مصرف لبنان ووزارة المالية لتحديد سعر صرف السحوبات التي كانت في التعميم رقم 151 (الذي أصبح 166) على سعر 15 ألف ليرة، علماً أن اجتماعاً أيضاً عقد في هذا السياق الأسبوع الماضي بين رئيس الحكومة ووفد جمعية المصارف للبحث في كيفية تطبيق التعميم وسعر الصرف المعتمد.
ثانياً، ينتظر المصرفيون صدور قانون الموازنة ونشره في الجريدة الرسمية للاطلاع على التّعديلات التي حصلت على الموازنة وعلاقة ذلك بسعر الصرف.
سحوبات الـ15 ألف ليرة
وهذا التباين حول ما سيؤول إليه سعر صرف السحوبات المعمول به في التعميم 151، دفع بعض المصارف الى اتّخاذ إجراءات بوقف السحوبات وفق سعر صرف 15 ألف ليرة كما لمس بعض المودعين لسببين بحسب المصرفيّ نفسه: الأوّل كي لا تُسأل المصارف من المودع إن أجاز لها السحب للاستفادة من فارق، وثانياً، لترى علامَ سترسو السحوبات وما إذا كان سيتمّ رفع قيمة سعر صرفها أو تحرير أو توحيد سعر صرف الدولار المصرفي. وتبيّن لـ»نداء الوطن» في اتصال أجرته مع عدد من المصارف أن السحب من المصارف وفق سعر 15 ألف ليرة قائم لدى الغالبية، فيما عدد قليل من البنوك بدأ مسار فرملة تلك السحوبات بانتظار انقشاع الرؤية واتّضاح المسار الذي ستسلكه المصارف.
وخلاصة هذا المشهد «السريالي»، الفوضى التي تحدّث عنها حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري في حوار مسجّل، ولكن جاء بعد صدور تعميم الـ150 دولاراً بانتظار اتّضاح الرؤية. وكان قال منصوري في حوار مسجّل إن مصرف لبنان غير قادر على منع المودع من سحب أمواله، وتحديد سعر للدولار المصرفي يتطلب قانوناً لا يمكن أن يرى النور في فترة زمنية قصيرة، لذلك ستعمّ الفوضى، وسنشهد فترة عدم انتظام لذلك قرّر تحرير مبلغ 150 دولاراً رغم أنه مبلغ صغير».
معالجة أوضاع المصارف
والحلّ وفق تلك المعادلة كما قال المستشار الاقتصادي لرئيس حكومة تصريف الأعمال سمير ضاهر لـ»نداء الوطن»، «إقرار مشروع القانون المتعلّق بمعالجة أوضاع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها، لأن أي عملية توحيد بهدف تحرير سعر صرف الدولار أمام الليرة يتطلب السير بمنصّة «بلومبيرغ» وإعادة هيكلة المصارف لتعود الثقة الى القطاع والتداول من خلال المصارف عبر المنصّة. وفي حال تمّ السير بمشروع القانون المذكور، وأقرّ في مجلس النواب سيُبطل حكماً التعميم رقم 166 الذي رأى النور الأسبوع الماضي مع اعتراض بنوك ولم يدخل بعد حيّز التطبيق من المصارف. أما السبب فيعود الى تضمّن مشروع القانون إعادة هيكلة المصارف وإعادة أموال المودعين خلال فترة تتراوح بين 10 و15 سنة».
وأكّد أنه «لا يمكن بالوضع الذي نحن عليه اليوم تحرير سعر صرف الدولار أمام الليرة أو تحديده عند 89500 ليرة لأن ذلك سيقضي على رؤوس أموال المصارف. وهنا يبرز تخوّف البنوك من تداعيات رفع أو تحرير سعر صرف السحوبات المصرفية». ومقابل تلك المشهدية لا ينفي ضاهر ضرورة تحرير سعر صرف الدولار نظراً الى سيئات تثبيت السعر، والدلالة على ذلك النتيجة التي وصلنا اليها على الصعيد النقدي والمالي طوال فترة الـ22 عاماً التي سبقت بدء مسار الانهيار. مذكّراً بتعدّدية أسعار سعر صرف الدولار التي شهدناها بعد 17 تشرين والتي بدأت بـ3900 ليرة للسحوبات وتلتها تسعيرة 8000 ليرة ثم 15 ألف ليرة. وإذ يرى ضاهر أن «الهدف اليوم يكمن في الانتقال الى طريقة التعامل بسوق القطع عبر منصّة «بلومبيرغ» وهي قاعدة إلكترونية أو نظام إلكتروني يتمّ عبره شراء وبيع الدولار أو الليرة اللبنانية. وهنا يبرز دور المصارف كـ Market Maker أي صانعة الأسواق فتبيع لمن يريد البيع بسعر 89500 على سبيل المثال لكن عند التنفيذ قد يكون سعر الصرف ارتفع عندها يتحمّل المصرف الفارق». وبذلك ونظراً الى دور المصارف الأساسي لا بدّ من أن تحظى البنوك بثقة المتداولين والمودعين الأمر الذي يتطلّب إعادة هيكلة للقطاع المصرفي