انطلقت في نقابة المهندسين في بيروت أمس أعمال مؤتمر “قمة استراتيجيات الطاقة 2020” الذي يقام برعاية رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ممثلا بوزير الصناعة عماد حب الله وممثل وزير الطاقة والمياه ريمون غجر مدير “المركز اللبناني لحفظ الطاقة” بيار خوري وحضور رئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين النقيب المعمار جاد تابت، وبمشاركة وزارة الصناعة ومنظمة “الاسكوا”، والذي ينظمه مهندسو الكهرباء الاستشاريون (الفرع الثالث) بالتعاون مع لجنة المهندسات اللبنانيات في نقابة المهندسين في بيروت ومؤسسة “World Elite Solutions”.
وأشار وزير الصناعة الدكتور عماد حب الله الى ان “المؤتمر يمثل فرصة ممتازة لاقتراح بعض الحلول لواحدة من اكثر القضايا تأثيرا والتي ابتلى بها لبنان اجتماعيا وماليا واقتصاديا في ظل التحديات الكبرى التي يواجهها ويأتي هذا المؤتمر ليسلط الضوء على قدرة لبنان على التفوق والخروج بشكل افضل”.
اضاف: “نقف اليوم في قلب بيروت المدينة الجريحة التي ستظل ترمز الى العظمة على الدوام مهما كانت جراحها وندوبها وظلام الفترة وتعقيدات المصائب التي اصابتها وقساوة وشدة جائحة كوفيد 19. ان لقاءنا هذا لهو تأكيد آخر وواضح على صمود بيروت ومرونتها، ولا شيء يفرق بين اللبنانيين ولا شيء يمنعهم من التفوق معا، ولا احد سيمنع التفوق والتقدم واندماج جميع اللبنانيين، وما اقترحه الزميل بالنسبة الى اعتماد على نقابة المهندسين، هي فكرة جيدة يجب ان يعلمها الجميع وكل رؤساء الحكومات”، وتمنى على المسؤولين عن تشكيل الحكومة “التحرك في أسرع وقت ممكن لان ليس لدينا رفاهية الوقت وتشكيل حكومة وطنية كفوءة قوية وشفافة، حكومة إصلاحية لا يعيقها أي نوع من العوائق المحلية او الدولية او السياسية او الاجتماعية او الدينية او الاقتصادية، حكومة إصلاحية تتصدى للفساد والفاسدين والمفسدين وتحاربهم، تتصدى بشفافية وخبرة ومعرفة ولا ولاء عليها الا لشعب لبنان، حكومة تلبي قبل كل شيء احتياجات اللبنانيين ومتطلباتهم من نساء ورجال، حكومة تتخذ القرارات اللازمة للمضي قدما بإصلاحات بلا حدود، إصلاحات تبنى قوة وقدرات لبنان ولا تسلبه إياها”.
ورأى أن “اهم المجالات التي يجب ان تتعامل معها الحكومة، هي السياسات النقدية والاقتصادية وتطبيقاتها، علينا أولا ان نتحرك بسرعة نحو اقتصاد منتج، علينا بناء اقتصاد من خلال بناء قطاع الصناعة وقطاع الزراعة وطبعا قطاع السياحة من دون تجاهل القطاعات الاقتصادية الأخرى، والاعتماد على الكفاءات، مثل كفاءات النقابة، نحن شعب معروف بالتجارة، نحن تجار معروفون بالإبداع، لكن من الأفضل ان ننتج لكي نتاجر اكثر فأكثر بإنتاجنا ونتاجر بمنتجاتنا الصناعية والزراعية، ومن منتجاتنا المعرفية التي يملكها رأسمالنا البشري اللبناني بدلا من التجارة بمواطنينا وتصديرهم”.
واشار الى اننا “بحاجة الى ان نصبح اكثر واكثر إنتاجية ومكتفين ذاتيا، لا شك اننا قد بدأنا ولكن سيأخذ هذا وقتا، وعلينا ان نتحرك بشكل اسرع لوضع السياسات والقوانين والمراسيم وجذب الاستثمارات، نحن بحاجة الى الاعتماد على انتاجنا ومنتجاتنا ونتاجنا وبالتأكيد على المنتجين لدينا”.
وتابع: “في عصر اقتصاد المعرفة نحتاج أيضا الى الاستفادة من معرفة مهندساتنا ومهندسينا وشباتنا وشبابنا ونسائنا ورجالنا، الأصغر والصغير والشاب والأكثر حكمة، لكن علينا ان نكون مدركين ان التطورات السياسية الاقليمية التي بدأت بالفصول قادمة من كل مكان حولنا ولكأنها تطورات اقتصادية بامتياز، وستؤثر هذه التطورات سلبا على الفرص التي اتيحت لشباتنا وشبابنا والمتعلمات والمتعلمين وخبراء التكنولوجيا والمعلومات والاتصالات، الميزة التي كنا نتمتع بها بالبلد وما زالت لدينا ولكن قد نفقد قيادتنا في هذا المجال اذا لم نتعامل معها بسرعة، وقد تسحقها التطورات الإقليمية الأخيرة. علينا ان نتحرك الآن وعلينا تعزيز نظامنا التعليمي واصلاحه بشكل نشط لمواجهة تحديات الرد، لا يمكننا متابعة التخلف عن الركب”.
واردف: “من ناحية أخرى، من اهم ما هو لدينا، هو التعامل مع الناس وتأمين متطلباتهم ومعيشتهم اليومية، هنا أقول بينما ما زلنا نضغط من اجل التحقيق المالي الجنائي نحتاج الى تقليل معاناة نسائنا ورجالنا التي سببتها السياسات السيئة، وهل لنا ان نعمل على سحقها؟ ولهذه الغاية نقول لن نوقف الدعم ولكن سنوجهه لمن هو اكثر استحقاقا، وسنوجهه للانتاج، لن نوقف الدعم، سنوجه الدعم للأشخاص الذين يستحقونه، سنوجه الدعم للمنتجين، ونقلل حاجة لبنان الى العملة الصعبة، تلك الجهود التي تساعدنا على استيراد كميات اقل وتصدير المزيد ولنأخذ بالاعتبار ان كل دولار يتم انفاقه على المواد الخام الصناعية يخفض من فاتورة استيراد المنتجات، وبالأخص الأساسية بقيمة 4 دولارات، يعني دولار التصنيع يوفر علينا 4 من العملة الصعبة، كما انه يساعدنا في تصدير 1 و2 من الدولارات، لكن الأهم من ذلك ان هذه السياسة تخلق عشرات الالاف من الوظائف، نحن وشعبنا بحاجة اليها، وبشكل عام تقلل اعتمادنا على العملات الأجنبية وحاجاتنا اليها. يجب ان يستند أي قرار الى دراسات تسلط الضوء على سعر الصرف وعلى الأسعار والتأثير الاجتماعي والقوة الشرائية”.
وقال: “بالعودة للقائنا اليوم، ان رؤية المهنيين المهرة المتحمسين في هذه القمة الاستراتيجية ترسل رسالة عالية مدوية جدا، مفادها ان بيروت ولبنان سيقفان دائما ولن يسقطان والعمل معا يضمن لنا جميعا النجاح معا، اذكر ان شدة الازمة المالية تعود الى سياسات متبعة منذ عقود والتي لم تأخذ بعين الاعتبار أهمية الصناعة والزراعة للغذاء والضمان الاقتصادي والمالي والاجتماعي والاكتفاء الذاتي، والكل يعلم ان التطورات الصناعية التكنولوجية جعلت الطاقة الكهربائية امرا جوهريا، لذلك فان توفيرها وهي ميسورة التكلفة وموثوق بها، امر بالغ الأهمية للاقتصاد المنتج، مما ينعكس ايجابيا على رفاهية الانسان اللبناني والمعيشة المستدامة.
ولفت الى ان “البنى التحتية للشبكة الحالية، اكان في الإنتاج او الارسال او التوزيع، ليست مناسبة لدعم النمو الصناعي المطلوب، فمن المهم وضع استراتيجيات طاقة صارمة لتعزيز توافر الطاقة الكهربائية، اضافة الى ذلك توفر طبيعة لبنان مصدرا مجانيا موثوقا للطاقة والتي تقدمها الطاقة الشمسية او الطاقة البديلة وطاقة الرياح يمكننا إضافة الطاقة الناتجة عن النفايات فنحل مشكلتين بدل واحدة”.
وسلط حب الله الضوء على “أهمية التعاون بين الدولة اللبنانية ومؤسساتها والمنظمات الدولية وبين جميع القطاعات وبين الصناعات، لانشاء رابط قوي للطاقة في لبنان، اذ انه يمتلك الموارد اللازمة للتعاون القوي وناجح في قطاع الطاقة المستدامة”، مؤكدا ان “المشاركين سيسلطون الضوء على نشر أنظمة الطاقة المتجددة واهمية تطوير استراتيجية فاعلة للطاقة في لبنان مرة أخرى وخصوصا الطاقة المتجددة والبديلة”.
وختم: “من قلب بيروت الجريحة المتمردة، بيروت الحيوية، بيروت الطاقة، اتمنى لكم التوفيق واتطلع الى النتائج من اجل قطاع طاقة صناعي أفضل يساعد لبنان من الخروج من ازماته ليتفوق بكل طاقاته”.