“حقوق السحب الخاصة” وقود في “آتون” تجديد شرعية “المنظومة”

وزارة المالية تبلغت رسمياً من صندوق النقد الدولي بأن لبنان سيستلم في 16 أيلول الحالي حوالى مليار و135 مليون دولار أميركي بدل حقوق السحب الخاصة. وقد أضيف على مبلغ 860 مليون دولار العائد لتوزيعات العام 2021، لتخطي آثار جائحة كورونا، مبلغ بقيمة 275 مليون دولار يمثل حصة لبنان من توزيعات الصندوق في العام 2009. وقتذاك أقدم الصندوق على توزيع حصص الدول من حقوق السحب الخاصة عقب “الأزمة المالية العالمية”، لمساعدة الدول على الخروج من مرحلة الانكماش العالمي الذي ولدته الأزمة. إلا أن لبنان لم يكن بحاجة إلى المبلغ، فلم يسيله. إذ حقق في هذا العام فائضاً قياسياً في ميزان المدفوعات وصل إلى 7.9 مليارات دولار. مستفيداً من عدم تورطه بالسندات الأميركية المسمومة، وتحوله جنة للرساميل الهاربة من الانهيار المصرفي العالمي.

من هنا يرى الخبير الاقتصادي د. نديم المنلا انه اذا أُريد للمبلغ أن يكون فعالاً يجب أن يترافق استخدامه، بشكل جزئي أو حتى كلي، مع خطة محكمة واضحة المعالم والاهداف، ومحسوبة بشكل دقيق. فالمبلغ يدخل تلقائياً على ميزانية مصرف لبنان ويتحول إلى جزء من الاحتياطيات بالعملة الصعبة. وعلى الحكومة، في حال أرادت استخدام جزء من هذا المبلغ لتمويل البطاقة التمويلية، فتح اعتماد في الموازنة العامة واقتراض المبلغ من مصرف لبنان. وهذا يتم مقابل فوائد والتعهد برد أصل المبلغ كما تقتضي شروط الاستدانة. وعليه لا يكون المبلغ المقتطع تقدمة مجانية”.

هذا من جهة أما من الجهة الثانية فيرى المنلا أن “ثانية الاولويات المطروحة هي لتمويل قطاع الطاقة”. فعلى الرغم من نية الحكومة العتيدة مخاطبة الصناديق العربية لتأمين تمويل لتطوير وتفعيل مشاريع الكهرباء، فإن تخلُّف لبنان عن تسديد ديونه في آذار الفائت أيام حكومة الرئيس حسان دياب يعقّد الموضوع، ويصعّب حصول لبنان على أي نوع من أنواع القروض حتى لو كانت من صناديق عربية. وبالتالي فان “الاتكال على التمويل من القطاع الخاص لمشاريع الكهرباء تبدو في هذه المرحلة ليست في مكانها”

بالاضافة إلى إمكانية الصرف العشوائي المرتفعة، فان “أكثر ما يهدد المبلغ بالضياع هو عدم وجود قانون لتقييد الرساميل CAPITAL CONTROL”، بحسب عضو مجلس إدارة “جمعية رجال الأعمال اللبنانيين”جان طويلة، و”من بعد قوننة استعمال الاحتياطي، يجب الانتقال إلى وضع خطة واضحة وشاملة لكيفية إدارة ما تبقى من العملة الصعبة، واعتبار المبلغ المضافة اليه حقوق السحب الخاصة “أصولاً استراتيجية” للدولة لا يجوز التفريط بها. فهذا المبلغ يمثل الاموال المتوفرة لادارة المرحلة وايقاف الهبوط الحر وإعادة الاقلاع”

وعليه يرى طويلة “ضرورة أخذ القرار سريعاً بوقف كل أشكال دعم السلع، والانتقال إلى تعزيز البطاقة التمويلية كمّاً وعدداً، ورفدها بمبالغ إضافية لتطال الطبقة الوسطى الأساسية في عملية النهوض وتلبية أبسط الشروط الحياتية للمواطنين. فما أقر من دعم مباشر للعائلات في المجلس النيابي وبسقف 556 مليون دولار، أقصى ما لا يقل عن نصف الطبقة الوسطى من امكانية الحصول على أي مساعدة. الأمر الذي يهدد بجر عشرات آلاف العائلات إلى الحضيض. ويحمل نتائج كارثية على مستقبل البلد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والحياتي بشكل عام. أما المبلغ المقر للعائلات بحدود 1000 دولار سنوياً فهو لا يكفي لتلبية أبسط الشروط في ظل الارتفاع الهائل بأسعار السلع والخدمات. وعليه فان الأولوية هي لتعزيز حماية المواطنين، من بعدها تأتي “ضرورة التفاوض مع المصارف وتخصيص مبلغ لاعادة حقوق المودعين”

يرى الخبير الاقتصادي نيكولا شيخاني في حال نجاح عملية الاستبدال فمن المستحسن استخدام هذه الاموال بمشاريع انتاجية تساهم بخلق قيمة مضافة بدلاً من “حرق” المبلغ على الاستهلاك. واحد من أهم المشاريع التي يمكن تنفيذها بالمبلغ هو إقامة مصنع أو أكثر لانتاج الكهرباء، وتطوير معملي دير عمار والزهراني اللذين يعملان على الغاز. الامر الذي يوفر للبنان بعد عدد قليل من السنوات كهرباء لمرة واحدة ونهائية 24/24.

 

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةحقوق لبنان من صندوق النقد كافية لحل أزمتَي الكهرباء والنقل: تفخيخ البيان الوزاري بـ«إصلاح المصارف»
المقالة القادمةغجر: الشحنة الأولى من النفط العراقي تصل خلال أيام