خروج رئيس مجلس الوزراء الى العلن للهجوم على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والقول عبر وسائل الإعلام إنه لا ينسّق معه في التعاميم الكثيرة التي يصدرها وانه سيضع حداً لهذا التصرّف ولزيادة سعر صرف الدولار المتفلّت، طرح جملة من التساؤلات حول قانونية عدم التنسيق بين المصرف المركزي والحكومة قبل إصدار أي تعميم أو القيام بأي تدبير نقدي أو مصرفي.
رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود أوضح لـ”نداء الوطن” أنّ “قانون النقد والتسليف أعطى لمصرف لبنان الإستقلالية بإصدار التعاميم وإدارة السلطة النقدية في البلاد، وذلك بالشكل الذي يرتئيه حاكم المصرف وبالتعاون مع المجلس المركزي”، لافتاً في الوقت عينه إلى أنّ “القانون أجاز لمفوض الحكومة لدى مصرف لبنان المعيّن من قبل وزارة المالية (وزارة الوصاية على مصرف لبنان) صلاحية الإطلاع على القرارات بعد إصدارها وكذلك على الإجراءات بعد اتخاذها، على أن ينسّق في الأمر مع وزير المالية باعتباره صلة الوصل بين الحاكم ورئاسة الحكومة”.
وأضاف: “هذا القانون كما هو متعارف عليه لا يطبق فقط في لبنان بل في كل دول العالم، واللافت في الموضوع أنه عندما تنتقص أي سلطة سياسية في أي بلد من استقلالية البنك المركزي وهو السلطة النقدية، يتدنى التصيف الدولي لتلك البلاد”. من هنا فلا علاقة لرئيس الحكومة بطلب التنسيق معه من قبل سلامة قبل إصدار أي تعميم أو اتخاذ اي إجراء يعتبر من صلاحياته. فالتنسيق يتمّ من خلال مفوّض الحكومة، الشاغر موقعه منذ نحو عامين.
وحول إمكانية قيام وزارة المال بهذه المهمة، يوضح حمود أنه “يمكن لوزارة المال أن تنسّق مع حاكم مصرف لبنان، إذا رأى وزير المال (الوصي) أن هناك شيئاً يتعارض مع سياسة الحكومة، لكن لا يمكنها أن تتدخل في العمليات ولا في القرارات اليومية، إنما تقيّمها وترى ما اذا كانت تتناسب مع السياسة العامة للدولة أو إذا كانت تشوبها أخطاء”. هنا وفي ظلّ عدم قيام الحكومة بواجب التعيينات الشاغرة من مفوّض حكومة الى مجلس مركزي شاغر منذ أكثر من عام ولجنة رقابة على المصارف انتهت ولايتها منذ أكثر من شهر، فكيف عساها أن تهاجم وتحتجّ وتنتقص من هيبة السلطة النقدية؟. ثم ألم يطلب سلامة سابقاً من الحكومة إجراء تعديلات قانونية لتوسيع صلاحياته في مسألة الـ”كابيتال كونترول”؟
عن هذا الأمر يلفت حمود الى أن “التنسيق كان مطلباً من الحاكم الى الحكومة، إذ طلب منها في قصر بعبدا وفي القصر الحكومي أن تتولى تنظيم بعض الإجراءات لأن قانون النقد والتسليف لا يسمح للحاكم استنباط قوانين جديدة وبنود جديدة في إدارة النقد، فطلب منها أن تصدر قرارات حكومية وحتى قوانين إصدار في تنظيم العمليات المصرفية، في ما يتعلق بـ”الكابيتال كونترول” لكنّ الحكومة لم تأخذ أي إجراء في هذا السياق”.
وأكثر من ذلك يذكّر حمود حتى “رئيس مجلس النواب نبيه برّي رفض وقتها أن يفوّض مصرف لبنان أو الحاكم بأي صلاحية واعتبر أن صلاحيته في المادة 74 و 174 من قانون النقد والتسليف تجيز له تنظيم العمليات المصرفية في الحالات الإستثنائية، فهذا التنسيق لم يكن مطلب الحكومة من الحاكم بل على العكس طلب الحاكم من الحكومة أن تتولى هذا الموضوع، وعندما لم يحصل لا على موافقة مجلس الوزراء ولا على إصدار قانون من مجلس النواب، كان لا بدّ من ضمن سياق معالجات الأزمة أن يقدم على إصدار تعاميم، خصوصاً وأنه في ظلّ شغور سدّة مفوضية الحكومة تكون السلطة إستثنائياً وقانوناً في يده”.