حمود: انخفاض حجم الاحتياطي الاجنبي لا يعني ان مصرف لبنان يقوم بتمويل الدولة

شهدت احتياطيات مصرف لبنان السائلة من النقد الأجنبي أول تقلص لها منذ تاريخ تولي القيادة الجديدة في حاكمية المركزي في نهاية تموز 2023، إذ انخفضت بقيمة 343 مليون دولار خلال النصف الأول من تشرين الأول 2024 لتبلغ زهاء 10.3 مليار دولار منتصف الشهر، وكانت سيولة المصرف الخارجية الصافية شهدت زيادة مطردة خلال الفترة الممتدة بين بداية آب 2023 ومنتصف شهر تشرين الاول 2024 إلى 1.72 مليار دولار عقب سياسة مصرف لبنان النقدية القاضية بعدم تسليف الحكومة.

من جهة أخرى، فإن ودائع القطاع العام أو حسابات الدولة لدى مصرف لبنان قد انخفضت بقيمة تقارب الـ 60.98 مليون دولار، خلال النصف الثاني من تشرين الأوّل، لتبلغ حدود الـ 5.91 مليار دولار في منتصف الشهر. ومرّة جديدة، يكون المصرف المركزي قد اضطرّ خلال هذه الفترة للتخلّي عن السياسة المعتمدة منذ أشهر، القائمة على مراكمة الإيرادات العامّة في مصرف لبنان، في مقابل اعتماد سياسة تقشّفية صارمة على مستوى الدولة اللبنانيّة.

ومن المهم التذكير هنا بأن بند ودائع القطاع العام كان قد سجّل ارتفاعًا بقيمة 197.68 مليون دولار خلال النصف الثاني من شهر أيلول الماضي، وبنحو 1.66 مليار دولار منذ منتصف شهر شباط الماضي.

فما هي أسباب هذا التراجع؟

وهل تراجع حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري عن قراره بعدم تمويل الدولة في هذه الظروف الصعبة أو أن تمويل تمديد التعميمين ١٦٦ و ١٥٨ أدى إلى تراجع الإحتياطي؟

و في حال طالت الحرب هل سيضطر مصرف لبنان إلى تمويل الدولة في ظل عدم تمكنها من تأمين النفقات نتيجة عدم قدرتها على الجباية ؟

و هل سيشارك مصرف لبنان في تمويل إعادة الإعمار وما تأثير هذا الأمر في الوضع النقدي و المالي و أموال المودعين؟

في هذا الإطار رأى الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف الدكتور سمير حمود في حديثه للديار أن انخفاض موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية لا يعني أن المصرف يقوم بتمويل الدولة، لافتاً إلى أن انخفاضات موجودات مصرف لبنان مردها إلى تعديل التعميمين ١٥٨ و ١٦، إذ اضطر أن يدفع من موجوداته بالدولار الأميركي كجزء من الذي تدفعه المصارف للمودعين كدفعات إضافية ( ثلاث دفعات في شهر تشرين اول ودفعتين في شهر تشرين الثاني)، إلى جانب احتياجات الدولة بالعملات الأجنبية .

ورداً على سؤال هل سيضطر مصرف لبنان في حال طالت الحرب لتمويل الدولة في ظل تراجع إيراداتها نتيجة عدم تمكتها من الجباية للرسوم والفواتير والضرائب من جراء الحرب ؟ قال حمود: نحن في حالة خطرة جداً حالة حرب تقف معها كل المعطيات وكل اعتبارات الموازنة وحجم الكتلة النقدية وحجم الموجودات بالعملات الأجنبية أمام مواجهة تداعيات الحرب وبالدرجة الأولى احتواء أزمة النزوح، “فنحن لا نتحدث عن أزمة إعادة الإعمار ولا في عملية الإنفاق الحكومي لترشيد الاقتصاد فأزمة النزوح تتقدم على كل هذه الأمور إضافةً إلى الجمود الكبير في حركة النشاط الاقتصادي “.

و تساءل حمود كيف ممكن أن تستمر الدولة في الحد الأدنى من تأمين استمرارية الحياة في البلد، ” فالحرب أدت إلى ارتفاع نسبة إنفاق الدولة إما بشراء الليرة اللبنانية من السوق مما يؤدي إلى ضغط إضافي على الدولار و إما من خلال الدولارات التي تمتلكها في مصرف لبنان”، لافتاً ان هذا الأمر لا يعني أن مصرف لبنان يموٍل الدولة من موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية لأنه يوجد في مصرف لبنان أموال تعود للدولة في الحساب ٣٦ و هذه الأموال عندما لا تنفقها ضمن الموازنة السنوية تصبح جزءًا من موجوداتها وعندما يكون هناك حاجة لتلبية احتياجات طارئة يمكن للدولة أن تستعمل موجوداتها بشرط ان يكون الإنفاق من خلال قانون، لأنه لا توجد جباية من دون قانون كما لا يوجد إنفاق من دون قانون .

و أوضح حمود أن بنود الموازنة تصدر بقانون كي يصبح الإنفاق شرعيا و كي تصبح الجباية صحيحة فإذا كان هناك احتياجات طارئة لا بد من تشريع لها، سيما إذا كان حساب الاحتياط لا يكفي وقد تأخذ الحكومة على عاتقها عملية الصرف على أن تعرضها لاحقاً على المجلس النيابي ضمن توافق القيادات السياسية “فهذا ممكن كما حصل في السنوات السابقة في ازمات مرت في السابق”.

و إذ أكد حمود أن السبب الأساسي لانخفاض موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية هو تمويل تعديل التعميمين ١٥٨ و ١٦٦ إضافةً إلى احتياجات الدولة للدولار لافتاً ان رواتب موظفي القطاع العام ما زالت تُدفع بالدولار، اعتبر أن هذا الانخفاض ليس مهماً جداً أمام ما يحصل والمرحلة الحالية التي نعيشها والمرحلة المقبلة التي لها تداعيات كبيرة جداً .

ومن وجهة نظر حمود لا توجد قدسية أمام قدسية استمرارية البلد واستمرارية الدولة سواء كان التمويل من مصرف لبنان من موجوداته بالدولار أم من خلال الصرف من للحساب ٣٦، “فهذا مشرّع ومقبول أمام مواجهة الأزمة إنما وبالخط العريض على ألا يصبح الإنفاق العام والإنفاق السريع بحجة مواجهة أزمة النزوح والازمة الحالية التي سببتها الحرب إلى فتح باب فساد جديد وهذا هو التحذير الكبير”.

مصدرالديار - أميمة شمس الدين
المادة السابقةتراجع معظم الأسواق الخليجية تزامناً مع انخفاض أسعار النفط
المقالة القادمةإحتياط لبنان من المشتقات النفطية يكفي لأسبوعين